كتب المحلل السياسي الروسي، ألكسندر نازاروف، مقالا، اعتبر فيه أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت بالفعل، وأنه “لا داعي للاستغراب من ذلك”، وفق قوله.
وقال في المقال الذي نشرته “روسيا اليوم”؛ إن ما أسماه “حرق أوروبا لجسور العلاقات مع روسيا” بسبب العملية العسكرية في أوكرانيا، تمهد لبدء حرب عالمية ثالثة بالفعل.
وأشار إلى أمر الرئيس الروسي منذ يومين بوضع القوات النووية الاستراتيجية الروسية في حالة التأهب القصوى، معلقا بالقول: “أعتقد أنها ليست خدعة. فبوتين يذهب إلى نهاية المسار. وبالمناسبة، فإن الترسانة النووية الروسية أكبر وأحدث من الترسانة الأمريكية”.
وقال: “بالنظر إلى تسارع الأحداث، أتوقع نشوب حرب نووية، أو على الأقل وضعا ملتهبا، يقف فيه العالم على شفا حرب نووية، في موعد لا يتجاوز الصيف، وربما قبل ذلك”.
ووضع بالاعتبار بشأن موعد بدء الحرب العالمية الثالثة إيقاع تدهور الاقتصاد الروسي، موضحا: “كلما تسارع الوضع الاقتصادي في التدهور، اقتربنا من حرب نووية”.
وتكهن أنه في حال اندلاعها حقا، فإنه “سواء أبقيت روسيا في هذا العالم أم لا، سواء انتصرت أو لا، فلن يكون في نهاية الصراع أي ولايات متحدة أمريكية أو غرب على هذا الكوكب. أو على الأقل لن تكون هذه الكيانات بالهيئة ذاتها أو الدور الذي تؤديه الآن”.
واستعرض الإجراءات الأوروبية ضد روسيا منذ بداية الحرب في أوكرانيا 24 شباط/ فبراير الماضي، وكذلك طلبات دول من الاتحاد السوفييتي سابقا الانضمام للاتحاد الأوروبي وأخرى لحلف الناتو، وقال إن الغرب يغمر أوكرانيا بالسلاح، لدرجة أنه قريبا ما سيصبح نصيب الأوكرانيين منه 3 قاذفات قنابل يدوية و2 ستينغر لكل مواطن.
واعتبر أن “الغرب يشطب روسيا وكل الحضارة الروسية وكل ما هو روسي من التاريخ على أقل تقدير، وسيحاول محوها من تاريخ العالم”، وأنه “يدور الحديث عن التدمير المادي لكل شيء روسي في العالم، كما قام الرومان القدماء برش الأرض بالملح، بعد استيلائهم على قرطاج، حتى لا ينمو أي شيء آخر هناك”.
وشدد على أن “تلك هي معركة النهاية. ومع ذلك، فإن روسيا تمر بمثل معارك النهاية تلك، عندما يتعلق الأمر بالتدمير الكامل للحضارة الروسية، مرة كل قرن، وأحيانا أكثر من ذلك في القرن الواحد. وأخشى أن ذلك سوف يتكرر في المستقبل أيضا”.
ولكنه قال إن ما يحصل اليوم ضد روسيا من الغرب وأمريكا، فإنه ليس بغريب، “بل كل ما هنالك أننا في تلك الظروف نتطلع إلى الأحداث السريعة، التي كان من الممكن أن تحدث في غضون 10 سنوات مقبلة على أي حال”.
ولفت إلى أنه يتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن “كل العقوبات كانت ستفرض حتما يوما ما، وكل ما نلاحظه كان مقدرا أن يحدث بالضرورة، فقط كان سيحدث في أكثر اللحظات هشاشة بالنسبة لروسيا، على سبيل المثال، عند تغير قيادة البلاد”.
وأشار كذلك إلى أن خسارة روسيا تعني كارثة اقتصادية وفوضى في البلاد، ما سيوقف إمدادات الطاقة والمواد الخام المهمة الأخرى إلى السوق العالمية، ما يعني بالتبعية انهيار الاقتصاد العالمي. ستصمد الولايات المتحدة الأمريكية لفترة أطول قليلا، إلا أن الانهيار أيضا سيطالها.
وأوضح: “الغرب بذلك يطوي الصفحة لنفسه، ويدخل في عالم لا يضمن فيه وجوده بالأساس. بالنسبة له هو الآخر، تلك هي المعركة النهائية، وشراسة وقسوة الإجراءات ضد روسيا ترجع إلى ذلك، فالغرب على حافة الهاوية وانهيار الاقتصاد، ثم الولايات المتحدة فالاتحاد الأوروبي ودول أخرى كثيرة”.
واعتبر أن الغرب “في عجلة من أمره، ولم يتبق له سوى عام أو عامين كحد أقصى قبل انهيار الاقتصاد، والانتصار التلقائي لروسيا والصين. والتدمير الوقائي لروسيا، ثم للصين، هو الفرصة الوحيدة لبقاء الغرب على قيد الحياة”.
وتابع بأن “هدف الولايات المتحدة الأمريكية هو تحييد روسيا من خلال جرّها إلى صراع في أوكرانيا، وما يتبعه ذلك من حرب لاحقة بين روسيا وأوروبا، أو على الأقل مع القطع الكامل للعلاقات الاقتصادية الروسية الأوروبية. فلطالما كان منع التحالف الروسي الألماني هو المهمة الرئيسية على مدى قرنين من الزمان”.
وكان لافتا ما اعتبر نازاروف في مقاله، أن أمريكا تمكنت من فرض صراع عسكري على روسيا، معتبرا أنها “فازت بهذه الجولة، ونجحت في تنفيذ انقلاب بأوكرانيا في العام 2014، والآن، من خلال دميتها في كييف، تمكنت من فرض الحرب”.
وأشار إلى أن تبعات ذلك على روسيا كارثية حقا. علاوة على ذلك، فإن الكارثة هي كارثة استراتيجية، وستبقى المعاناة من تداعياتها لـ 100 عام على الأقل.
وأوضح: “لا أعني هنا العقوبات، التي أنا على يقين من أن روسيا، وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة، ستتحملها، بل إن الكارثة الحقيقية بالنسبة لروسيا هي حرب الشعبين الشقيقين، الأوكراني والروسي، اللذين يمثلان، بشكل عام، شعبا واحدا في كلا الطرفين المتنازعين”.
وتابع: “فوزير خارجية أوكرانيا السابق، كليمكين، من أصل روسي، وثلث الحكومة الروسية من أصول أوكرانية. وروسيا وأوكرانيا جزء من شعب واحد، وليس ما نراه اليوم على مسمع ومرأى من العالم كله سوى حرب أهلية في واقع الأمر”.
وقال: “ستبقى المرارة في القلوب لجيلين على الأقل. وهنا يتحقق حلم الأنغلو ساكسون في إجبار هذين الشعبين من أصل واحد على القتال فيما بينهما. ذلك حقا هو “انتصار 100 عام” بالنسبة للأنغلو ساكسون”.
ولكنه لفت إلى أن بوتين يدرك ذلك كله، وهو الأكثر حذرا في روسيا بشأن تلك التداعيات، موضحا: “فعندما فُرضت العقوبات على روسيا في السنوات الأخيرة، كان كل الروس يغلون طلبا للانتقام، لكنه كان صامتا، وانتظر في هدوء. الآن، في ظل حرب الإبادة ضد روسيا، لا زالت موسكو، في أثناء كتابة هذه السطور، تستمر في إمداد أوروبا وحتى أوكرانيا بالغاز!!!”.
وقال: “هل رأيتم مثل ذلك في العالم العربي أو في أي مكان في العالم؟! بل إن روسيا، حتى هذه اللحظة، لم تعلن عن رفضها لسداد القروض، ما يمكن أن يلغي تأثير تجميد الاحتياطات الروسية لدى الغرب!!! غليل قلبي لا يشفيه إلا دم العدو!!! لكن عقلي يتفق مع بوتين”، وفق تعبيره.
وأضاف: “أقول ذلك لتوضيح حقيقة أن بوتين إذا ما فعل شيئا، فإنه يفعله فقط في اللحظة المناسبة أكثر من أي لحظة أخرى، وفقط عندما يكون متأكدا تماما من النجاح”.
وأوضح: “وحده “انتصار 1000 عام” يمكن أن يعوض “هزيمة 100 عام” لروسيا. وإذا قبل بوتين بذلك المدى من قسوة وقوع الضحايا والعواقب الوحشية لذلك على روسيا، فذلك يعني أننا نراقب فقط بداية الصراع”.