ويبدو أن كلا من العدالة والسلام مجرد احتمالات بعيدة وفقًا للعلاقة المتضاربة بين الاثنين، وقد جاء قرار سابق في الشهر الماضي 17 مارس من قبل المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال الزعيم الروسي.
ووجد قضاة في لاهاي «أسبابًا معقولة للاعتقاد» بأن بوتين ومفوضه لحقوق الطفل مسؤولان عن جرائم حرب، وتحديدًا الترحيل غير القانوني والنقل غير القانوني للأطفال من المناطق المحتلة في أوكرانيا إلى روسيا.
انتقاد المحكمة
وصربيا، التي تريد عضوية الاتحاد الأوروبي لكنها تحتفظ بعلاقات وثيقة مع روسيا، هي واحدة من الدول التي انتقدت عمل المحكمة الجنائية الدولية. وقال الرئيس الصربي الشعبوي ألكسندر فوتشيتش إن مذكرات الاعتقال «ستكون لها عواقب سياسية سيئة» وستخلق «إحجامًا كبيرًا عن الحديث عن السلام (و) عن الهدنة» في أوكرانيا.
ويرى آخرون أن العواقب بالنسبة لبوتين، وأي شخص يُدان بارتكاب جرائم حرب، هي النتيجة الأساسية المنشودة للعمل الدولي.
وقالت رئيسة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين في خطاب بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتحرير بوشا، المدينة الأوكرانية التي شهدت بعض أسوأ الفظائع في الحرب. «مجرمو الحرب سيحاسبون على أفعالهم». أعضاء الاتحاد
في حين لم تنضم المجر إلى أعضاء الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 26 في التوقيع على قرار يدعم مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين. قال رئيس أركان الحكومة، جيرجيلي جوليس، إن السلطات المجرية لن تعتقل بوتين إذا دخل البلاد.
ووصف المذكرات بأنها «ليست الأكثر حظًا لأنها تؤدي إلى التصعيد وليس نحو السلام».
إطالة الأمد
ويظهر أن بوتين يتمتع بقبضة قوية على السلطة، ويشك بعض المحللين في أن المذكرة المعلقة عليه قد توفر حافزًا لإطالة أمد القتال.
وقال دانييل كركماريك، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية بجامعة نورث وسترن، في تعليقات عبر البريد الإلكتروني إلى إحدى الوكالات الغربية: «إن مذكرة توقيف بوتين قد تقوض الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا».
الديمقراطيات الغربية
وأضاف كركماريك: «يجب على الديمقراطيات الغربية أن تقلق بشأن تكاليف الرأي العام إذا اتخذت القرار المشكوك فيه أخلاقيًا بمقايضة العدالة من أجل السلام بهذه الطريقة الصريحة»، مضيفًا أنه من غير المرجح أن تدعم أوكرانيا مثل هذه الخطوة. ورفضت روسيا على الفور المذكرات. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن موسكو لا تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية وتعتبر قراراتها «باطلة قانونًا».
ترك بوتين
ولاحظ ألكسندر باونوف، المحلل في مؤسسة كارنيجي، في تعليق أن مذكرة التوقيف بحق بوتين ترقى إلى «دعوة النخبة الروسية للتخلي عن بوتين» مما قد يؤدي إلى تآكل دعمه.
وبينما رحبت المجموعات الحقوقية بمذكرات توقيف بوتين ومفوضه لحقوق الأطفال، حثت المجتمع الدولي أيضًا على عدم نسيان السعي لتحقيق العدالة في النزاعات الأخرى.
وقالت بلقيس جراح، مديرة قسم العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش، في بيان: «إن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين تعكس جهود عدالة متطورة ومتعددة الأوجه مطلوبة في أماكن أخرى من العالم». «وهناك حاجة إلى مبادرات عدالة مماثلة في أماكن أخرى لضمان احترام حقوق الضحايا على مستوى العالم – سواء في إثيوبيا أو ميانمار أو فلسطين».
قادة آخرون
وعلى الرغم من أن جلوس بوتين في قاعة محكمة في لاهاي يبدو أمرًا مستبعدًا الآن، فقد واجه قادة آخرون العدالة في المحاكم الدولية.
وخضع الزعيم الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش، وهو القوة الدافعة وراء حروب البلقان في التسعينيات، للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك الإبادة الجماعية، أمام محكمة تابعة للأمم المتحدة في لاهاي بعد أن فقد السلطة. وتوفي في زنزانته عام 2006 قبل إصدار حكم.
آراء المحللين والسياسيين في مذكرة توقيف بوتين:
إن مذكرة توقيف بوتين قد تقوض الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا.
إحدى الطرق المحتملة لتسهيل محادثات السلام هي أن يطلب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من المحكمة الجنائية الدولية تعليق التحقيق في أوكرانيا لمدة عام. ويشك بعض المحللين في أن المذكرة المعلقة عليه قد توفر حافزًا لإطالة أمد القتال. يجب أن تقلق المحكمة الدولية بشأن تكاليف الرأي العام إذا اتخذت القرار بمقايضة العدالة من أجل السلام.
إن جهود العدالة مطلوبة في أماكن أخرى من العالم لضمان احترام حقوق الضحايا مثل إثيوبيا أو ميانمار أو فلسطين.
مذكرة التوقيف بحق بوتين ترقى إلى دعوة النخبة الروسية للتخلي عن بوتين ويظهر أن بوتين يتمتع بقبضة قوية على السلطة.