مرصد حقوقي يندّد بـ”مقتل” غزيين بسبب “عشوائية” المساعدات الجوية

 أكد “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” أنه من غير المعقول أن يموت مئات من الفلسطينيين ممن نجوا من القصف والرصاص الإسرائيلي، أو الموت جوعًا، في قطاع غزة، بسبب “عشوائية” دخول المساعدات الدولية، إما من خلال سقوط مباشر للمساعدات فوق رؤوسهم، أو نتيجة موتهم غرقًا خلال محاولة الحصول عليها، أو خنقًا ودعسًا بسبب التدافع، فيما طالب المكتب الإعلامي الحكومي، بوقف عمليات إنزال المساعدات بهذه الطريقة “المسيئة والخاطئة”.

وأشار “الأورومتوسطي” إلى أن تكرار سقوط ضحايا في مدينة غزة وشمالها، بفعل إلقاء الإمدادات الإنسانية من الطائرات، أو بإدخال الشاحنات، دون توفير تأمين “يتطلب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي لإيجاد آليات ملائمة تضمن وصولها لمحتاجيها الجياع بما يصون كرامتهم ويحفظ حياتهم، في ظل جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي”.

وجاء ذلك بعد أن سقط 12 فلسطينيًّا غرقًا، يوم الإثنين، بعد أن علقوا في حبال مظلات طرود مساعدات ألقتها الطائرات، وسقطت في البحر قبالة شاطئ شمالي قطاع غزة.

وقد وثّق “الأورومتوسطي” وفاة فلسطيني على الأقل وإصابة آخرين خلال عملية تدافع وتزاحم للحصول على حزم مساعدات ألقتها الطائرات في اليوم ذاته على شمال غزة.

وأشار إلى أنه سبق وأن وثّق مقتل 10 أشخاص على الأقل في حوادث منفصلة، جراء سقوط مباشر لطرود المساعدات عليهم في غزة وشمالها، منذ بدء إسقاط المساعدات في الأسابيع الأخيرة، فضلًا عن تسبب سقوط مماثل لطرود في تدمير ألواح الطاقة الشمسية في مستشفى المعمداني في مدينة غزة، وأضرار مماثلة في الأعيان والمباني السكنية.

وذكر أنه بموازاة ذلك، سُجلت عشرات الإصابات في عمليات التدافع للحصول على المساعدات التي تسقطها الطائرات، حيث تدفع المجاعة السكان للتزاحم لمحاولة الحصول على المساعدات لتأمين لقمة العيش لأطفالهم وأسرهم.

وأبرز “الأورومتوسطي” تعمّد الجيش الإسرائيلي بشكل شبه يومي إطلاق النار تجاه منتظري المساعدات واستهداف القائمين على حمايتها من اللجان الشعبية أو أفراد الشرطة، وهو ما أدى حتى الآن إلى مقتل 563 شخصًا على الأقل وإصابة مئات آخرين، الأمر الذي يؤشر إلى وجود سياسة ممنهجة لحرمان مئات آلاف السكان من الحصول الآمن على المساعدات.

وقال إنه يضاف إلى ذلك سلسلة الهجمات الإسرائيلية التي وقعت منذ أوائل فبراير على مستودعات المساعدات مع استمرار قيود إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية وجميع السلع الأخرى اللازمة لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة بالحجم المطلوب، وتسهيل إعادة بناء البنية التحتية المدنية وضمان سلامة القوافل والطرق والمستودعات ومواقع التوزيع.

وشدد “المرصد الأورومتوسطي” على أن تكرار سقوط الضحايا سواء نتيجة الإسقاط غير الدقيق للمساعدات من الجو، أو خلال إدخالها في شاحنات دون تأمين أو ترتيب مع جهات الاختصاص “يضع مسؤوليات على المجتمع الدولي بضرورة إيجاد آليات تضمن حماية أرواح السكان”.

وأكد “المرصد الأورومتوسطي” أهمية زيادة وتنويع وسائل إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، خاصة مدينة غزة وشمالها، مع ضرورة توفر آليات تحمي السكان وتضمن كرامتهم، كون أن الإسقاط العشوائي للمساعدات وسط مئات وآلاف من الجياع يسبب حالة تدافع بلغت ذروتها في وضع احتكر فيه الشباب، في كثير من الأحيان، إمكانية الحصول على المساعدة الشحيحة، فيما تفشل في ذلك الفئات الهشة من النساء والمرضى والأطفال وكبار السن.

وطالب أيضاً بوضع آليات فورية تضمن وصول المساعدات دون إيقاع الأذى بمستلميها، وبما يصون الكرامة الإنسانية لمتلقيها، في ظل تعرض سكان غزة لجريمة الإبادة الجماعية منذ 173 يوماً وتدمير كل ما يملكونه وحصارهم الخانق، بما في ذلك وقف استهداف النظام المدني وأفراد الشرطة المدنية المحميين بموجب القانون الإنساني الدولي.

وفي السياق، أكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة استشهاد 18 مواطنًا فلسطينيًّا خلال الساعات الماضية، نتيجة عمليات إنزال المساعدات من الطائرات بشكل خاطئ، بينهم 12 مواطنًا استشهدوا غرقًا داخل البحر، قبالة محافظة شمال قطاع غزة، و6 مواطنين آخرين نتيجة التدافع في أكثر من مكان للحصول على المساعدات، في ظل المجاعة المستمرة.

وأكد، في بيان، أن عمليات إنزال المساعدات من الطائرات “باتت تُشكل خطرًا فعليًا على حياة المواطنين الجوعى”.

وحمّل الإدارة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي مسؤولية سياسة التجويع والحصار.

وقال: “لطالما حذّرنا جميع الدول التي تنفّذ عمليات الإنزال الجوي للمساعدات من خطورة إجراءاتها الخاطئة، لأن جزءاً من هذه المساعدات يُلقى في البحر، وجزءاً منها يُلقى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وجزءاً منها يُلقى في المناطق الخطرة، ما يُعرّض حياة المواطنين الجوعى للخطر الشديد، وها هو نفس السيناريو يتكرر”.

وطالب بوقف عمليات إنزال المساعدات “بهذه الطريقة المسيئة والخاطئة وغير اللائقة والمُجدية”، وجدد المطالبة بفتح المعابر البرية بشكل فوري وسريع من أجل إدخال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني، الذي يعاني من الجوع، والنقص الحاد في الغذاء للشهر السادس على التوالي.

وندد بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، و”حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي”، والتي يواصل جيش الاحتلال ارتكابها بكل وحشية وانتقام.

وطالب المكتب الإعلامي، كل المنظمات الأممية والدولية بالقيام بدورها المنوط بها، ودول العالم لإدانة “جريمة الإبادة الجماعية”، التي يمارسها الاحتلال بكل وحشية، والخروج من مربع الإدانات والتنديد والصمت، وممارسة دور عملي، لوقف سياسة التجويع وفتح المعابر فورًا، ووقف المجازر المتواصلة بحق المدنيين والأطفال والنساء.