«مرفأ بيروت» يفاقم الخلافات بين عون ورؤساء الحكومات السابقين.. «تشكيلة ميقاتي» في مهب الريح

اشتباك طائفي جديد وقع في عهد الرئيس اللبناني ميشال عون خلال الساعات الماضية، ليس في الشوارع هذه المرة، إنما بين عون نفسه ورؤساء الحكومات السابقين، اكتسب بشكل علني طابع الاشتباك الطائفي السياسي المسيحي السني، الذي لا تمكن قراءته، إلا من زاوية واحدة، أن «الجرة انكسرت»، والجو لم يعد ملائما لتشكيل أي حكومة في ما تبقى من العهد، إلا وفقا للمقاس الذي يناسب صهره جبران باسيل.

وهذه ليست المرة الأولى التي يشتبك فيها رؤساء الحكومات السابقون مع الرئيس عون، وليست المرة الأولى التي يوجه فيها النادي الذي يعتبر المرجعية السياسية العليا للطائفة السنية، لعون وفريقه السياسي تهمة السعي لقضم دور وموقع وصلاحيات رئاسة الحكومة وتهميشها، وبعبارة أصح، تهمة الانقلاب على «الطائف».

فما حصل في الساعات الماضية، أن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار أصدر مذكرة «إحضار» بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، بعدما رفض حضور جلسة الاستدعاء التي كانت مقررة أمس (الخميس) كمدعى عليه بتهمة الإهمال والتقصير والتسبب بقتل مئات الأشخاص في جريمة مرفأ بيروت، وما زاد الأمور تعقيدا، والطين بلة، أن القاضي بيطار بقي مصرا على استجواب دياب في ٢٠ سبتمبر القادم، على أن تتولى النيابة العامة التمييزية تنفيذ المذكرة.

وهكذا تحولت مذكرة الجلب إلى معركة سياسية، أو بمعنى أصح، إلى معركة «من يكسر هيبة من؟».

فوضع رؤساء الحكومات معادلة أمام القاضي، مفادها أن ترفع الحصانة عن عون ودياب معا، مؤكدين أنه «لم يسبق أن سُجِّلت في تاريخ لبنان ورقة إحضار بحق رئيس الحكومة على صورة الإحضار الذي خطه المحقق العدلي بجريمة تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار، وأن هذه السابقة خطيرة بكل الأبعاد السياسية والوطنية والدستورية، تنم عن إجراء غير بريء يتسلق القانون وغضب أهالي الضحايا بالجريمة المدوية، لينال من موقع رئاسة الحكومة دون سواها من المواقع العليا في الدولة اللبنانية التي يشار إليها نهارا جهارا بالمسؤولية عن وقوع الجريمة».

وأكد رؤساء الحكومات في بيانهم اليوم (الجمعة) أيضا في اتهام واضح لعون، أنه تم التقدم باقتراح قانون من أجل رفع جميع الحصانات من أي نوع كانت، ودون أي استثناء بما يعني تعليق المواد الدستورية المخصصة للحصانات النيابية والوزارية والرئاسية لإحقاق العدالة، خصوصا أن عون شخصيا اعترف بأنه قد علم بوجود هذه الكميات الكبيرة من نيترات الأمونيوم في عنابر مرفأ بيروت قبل 15 يوما من تاريخ التفجير. والمريب وعلى وجه الخصوص أن عون وهو الضابط وقائد الجيش السابق يعلم تمام العلم أنه وحسب القوانين المرعية الإجراء في لبنان يحظر إدخال أي كمية كانت من هذه المواد إلى الأراضي اللبنانية دون إذن مسبق من مجلس الوزراء وذلك بعد موافقة المراجع العسكرية والأمنية المختصة، لما تتشكله تلك المواد من مخاطر هائلة.

فما كان من رئاسة الجمهورية إلا أن ردت على بيان رؤساء الحكومات ببيان تأسف فيه لاتهام رئيس الجمهورية في موضوع تفجير المرفأ، في حين أنه وضع نفسه بتصرف المحقق العدلي لسماع شهادته.

واعتبر البيان الرئاسي أن «العدالة لا تنال من أي موقع دستوري إذا مورست من المرجع المختص، ولبنان عانى ولا يزال من الخطوط الحمراء الطائفية لدى كل مساءلة».

ورأى أن توقيت البيان مريب، فيما الرئيس يبذل جهداً لتأليف الحكومة للتصدي للمعاناة القاسية التي ينوء شعب لبنان تحت أثقالها.

وفي المقطع الأخير من البيان الرئاسي تكمن الحقيقة التي يتهرب الجميع من قولها وهي أن «الجرة انكسرت» بين عون والمرجعية السياسية السنية التي قد تطيح بمهمة ميقاتي في تشكيل الحكومة، أو في تشكيل أي حكومة خلال ما تبقى من فترة حكم العهد.