03:57 م
الأحد 05 سبتمبر 2021
كتب- محمد زكريا:
بشكل مفاجئ، خاطف، مجنون، عاد كريستيانو رونالدو إلى صفوف مانشستر يونايد، ناديه المحبب على الإطلاق كما صرح دائمًا، بعد 12 عاما من رحيله عن ملعبه “أولد ترافورد”، وكان بين قوسين وأدنى من الانضمام لغريمه نادي مانشستر سيتي، وما أدراك ما “ديربي الغضب” في المدينة الإنجليزية.
“كل من يعرفني، يعرف عن حبي الذي لا ينتهي لمانشستر يونايتد. السنوات التي قضيتها في هذا النادي مدهشة للغاية. والمسار الذي صنعناه معًا مكتوب بحروف ذهبية في تاريخ هذه المؤسسة العظيمة والمدهشة. لا يمكنني حتى البدء في شرح مشاعري الآن، وأنا أرى عودتي إلى أولد ترافورد تُعلن في جميع أنحاء العالم. إنه مثل الحلم الذي تحقق، بعد كل المرات التي عدت فيها للعب ضد مانشستر يونايتد، فحتى كخصم، شعرت دائما بمثل هذا الحب والاحترام من المشجعين في المدرجات، هذا بالتأكيد 100٪ الأشياء التي تصنع منها الأحلام! أول دوري محلي، أول كأس لي، أول نداء لي للمنتخب البرتغالي، أول دوري أبطال أوروبا، أول حذاء ذهبي وأول كرة ذهبية، جميعهم ولدوا من هذا الرابط الخاص بيني وبين الشياطين الحمر. كتب التاريخ في الماضي وسيكتب التاريخ مرة أخرى! أنا هنا! لقد عدت إلى حيث انتمي!”
كريستيانو رونالدو
كانت رسالة رونالدو لجماهير مانشستر يونايتد والعالم مؤثرة، لطالما عبر البرتغالي عن امتنانه إلى ملعب أولد ترافورد وتلك السنوات “المدهشة” التي أوصلته ليكون صاحب الأرقام القياسية العالمية، على الجانب الآخر أحدث الإعلان عن انضمامه إلى الشياطين الحمر حالة من الإثارة الكبيرة بين جماهير يونايتد وعشاق كرة القدم، تعطل موقع يونايتد بعد فترة قصيرة من الكشف عن الصفقة، بينما ارتفعت أسهم النادي بنحو 7%، ورحبت الصفحة الرسمية لمانشستر يونايتد باللغة العربية بنجمها بأغنية لأم كلثوم “كان لك معايا أجمل حكاية في العمر كله”.
🐐 @Cristiano ❤️ pic.twitter.com/5Avofm7xQl
— مانشستر يونايتد (@ManUtd_AR) August 31, 2021
الحكاية طويلة، بدأت قبل حوالي 18 عامًا، عندما كان رونالدو يلعب بقميص سبورتنج لشبونة البرتغالي، وعلى موعد مع لقاء ودي ضد مانشستر يونايتد، تلك المواجهة التي انتهت لصالح لشبونة بنتيجة 3-1، وكان صاحب الـ18 عامًا بطلها الأول والأوحد، سحرت أقدام رونالدو وسرعته الجميع، من في المدرجات وعلى العشب الأخضر، زملائه قبل منافسيه، ولفتت أنظار مدرب يونايتد حينها أليكس فيرجسون، وما أدراك ما أليكس فيرجسون؟ أسطورة التدريب في سجلات النادي الإنجليزي، كانت تلك المباراة فاصلة في مسيرة البرتغالي، حسم ليلتها فيرجسون قراره النهائي، “لن نغادر هذا الملعب قبل أن يوقع لنا هذا الفتى” حكى المدرب الأسكتلندي ذلك في كتابه الشهير، لينضم رونالدو إلى كتيبة الشياطين الحمر، ويرتدي الرقم 7.
لم يكن رونالدو يجيد الإنجليزية، وأجادها سريعًا في إنجلترا، بالتزامن أظهر التزامًا غير معتادٍ في التدريبات، لدرجة فاقت كل ما هو طبيعي، لم يكتف بتدريبات نادي مانشستر الشاقة، أضاف إلى مشقتها مشقة، كان اللاعبون يغادرون الملعب ويتبقى هو وحيدًا يتمرن ويركض، لكن ذلك لم يكن يكفيه أيضا، وضع لنفسه برنامجًا تدريبيا شاقًا في المنزل، وفي أيام الإجازات، كان مانشستر انطلاقته نحو الإجادة البدنية المثالية، لُقب بـ”الآلة”، حتى أنه لم يقبل بالأخطاء كأي إنسان عادي، كان يجابه الهفوات، فبمجرد أن يخطأ في لعبة ما بالملعب، يُعيد التمرن عليها حتى إجادتها بصورة كاملة في المنزل، كان مهووسا بالكمال، وصرح بأن “الموهبة من دون التدريب ليس لها قيمة”، فلا يكون مستغربًا أن يحصد ما زرعه أرقامًا قياسية.
وصل رونالدو إلى يونايتد في العام 2003، وأمضى معه 6 مواسم، سجل خلالها 118 هدفًا في 292 مباراة، محققا لقب الدوري الممتاز ثلاث مرات، وأول لقب له في دوري أبطال أوروبا عام 2008، قبل أن يرحل عنه في العام 2009، ليسطر مسيرة أسطورية مع ريال مدريد، حيث لعب 438 مباراة مع النادي الملكي، سجل 450 هدفًا، وصنع 131 هدفًا، وحصل على لقب دوري أبطال أوروبا 4 مرات، ولقبين للدوري الإسباني، وكأس العالم للأندية 3 مرات، وكأس ملك إسبانيا مرتين، وكأس السوبر الأوروبي مرتين، وكأس السوبر الإسباني مرتين، وحصد الكرة الذهبية 4 مرات، والحذاء الذهبي 3 مرات، وأفضل لاعب في أوروبا 3 مرات، قبل أن ينتقل إلى يوفنتوس ويلعب له 3 سنوات، أحرز خلالهم 101 هدفا، وحصد معه الدوري الإيطالي مرتين، ولقب كأس إيطاليا مرة واحدة، ولقبين لكأس السوبر الإيطالي، بينما أرجع فضل كل هذا إلى انطلاقته الأولى مع نادي مانشستر يونايتد، وعبر عن امتنانه إلى مدربه الأسطوري أليكس فيرجسون، حتى بعد عودته إلى النادي من جديد تحت قيادة مدربا آخر.
لا يتوقف رونالدو عن الحلم، بات عمره 36 عامًا الآن، وفي جعبته كل الأرقام القياسية، لكنه يرى في اللعب لمانشستر تحديًا جديدًا، كأن عليه أن يعود 20 عامًا إلى الوراء، يعد جمهور الشياطين الحمر بعودة الألقاب الكبرى، يضع اللقب الرابع من الدوري الممتاز نصب عينيه، والثاني في دوري أبطال أوروبا بعد آخر واحد في حضوره بالعام 2008 أمامه، والكرة الذهبية للمرة السادسة في ذهنه لا تغيب، كأنه بطل خارق لا يعرف الاعتزال له طريقًا، وكأن الرحلة مقدسة، أبدية داخل مانشستر يونايتد.