قال مصدر فلسطيني موثوق في رام الله، اليوم الجمعة، إن السلطة الفلسطينية طلبت من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إعادة تعيين مبعوث (أمريكي) لعملية السلام كخطوة تعكس حسن النوايا، وتؤكد على حل الدولتين وتعطي الأمل بإمكانية استئناف مفاوضات السلام المجمدة، لكن الإدارة الأمريكية تبدو غير متحمسة لتلك الخطوة.
وأوضح المصدر الفلسطيني – خلال اتصال هاتفي أجرته معه جريدة “الشروق” المصرية من واشنطن- أن الأمريكيين تجاوبوا مع هذا الطرح في بداية الأمر، وعرضوا علينا أن يتم تعيين قنصل في السفارة الأمريكية في القدس يقوم بتلك المهام، لكنهم تراجعوا، معتبرين أن هذا الأمر لاجدوى منه طالما أن المفاوضات متوقفة بيننا وبين الإسرائيليين”.
وتابع أن الرئيس محمود عباس “أبومازن” كان يعتبر أن مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة إجهاض لصفقة القرن، الخطة الأمريكية التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2019.
وحول أسباب تراجع واشنطن عن تعيينها لمبعوث لعملية السلام، قال المصدر: “يبدو أن الرئيس بايدن غير متحمس للفكرة، وكذلك وزير خارجيته أنتوني بلينكن، الذي يرى أنه طالما المفاوضات متوقفة والعملية السلمية مُجمدة فلا داع لاستحداث مثل هذا المنصب (الموقع).
وتابع المصدر: “الحقيقة أن الإدارة الأمريكية مشغولة تماما في الحرب الروسية الأوكرانية، والملف الفلسطيني ليس من أولوياتها”.
وحول مدى جدية الرئيس الفلسطيني في تلويحه للأمريكيين بوقف التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي، أكد المصدر أن “أبومازن كان يعني ذلك تماما”، موضحا: “لقد تم تأجيل اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح أكثر من مرة، والتى كان من المقرر خلالها اتخاذ قرارا بوقف التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، لكن القيادة الفلسطينية فضلت أن تعطي الأمريكيين فرصة لكي يتدخلوا لدى الجانب الإسرائيلي من أجل إتخاذ خطوات إيجابية ملموسة على الأرض تعكس حسن النوايا”
وأشار إلى أن قرار إسرائيل بمنح 10 آلاف عائلة فلسطينية “لمَ شمل” جاء بعد تدخل من واشنطن، واستطرد قائلا إن “الرئيس عباس قلق جدا من الأوضاع المشحونة والمتصاعدة حاليا في الساحة الفلسطينية مما ينذر بحدوث عواقب في حال لم تستجب الإدارة الأمريكية لمطالبه- والتي هي حد أدنى- من أجل تخفيف التوتر الراهن.
وأكد المصدر أن أبومازن لديه النية بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في انتهاكات إسرائيل في الأراضي للفلسطينية المحتلة والجرائم التي ترتكبها بحق الفلسطينيين.
وأوضح المصدر أن الرئيس الفلسطيني مازال مستاء من إدارة الرئيس بايدن ولديه خيبة أمل بسبب عدم تنفيذها وعودها بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية.
وكشف أن أبومازن أبلغ هادى عمرو نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الفلسطينية الإسرائيلية خلال زيارته الأخيرة لرام الله، أنه في حال عدم إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، فإن السلطة الفلسطينية ستتوقف عن التعامل مع “وحدة فلسطين” الموجودة في السفارة الأمريكية في القدس.
وقال المصدر الفلسطيني: “لقد حصلنا على تطمينات كثيرة من الأمريكيين، وأبلغونا أكثر من مرة أنه سيتم إعادة فتح قنصليتهم في القدس، لكن هناك مماطلة”.
وأضاف: “على سبيل المثال أبلغونا أن إعادة فتح القنصلية سيتم في سبتمبر الماضي ثم تم تأجيل الخطوة”. وتابع: “الجانب الأمريكي يبرر ذلك بأن هذه الخطوة ستضعف رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، وستأتي ببنيامين نتنياهو، الأمر الذي تتجنبه واشنطن، بل وتتحسب له كثيرا”.
ولفت المصدر إلى أن وحدة فلسطين داخل السفارة الأمريكية في القدس ترعى الشئون الفلسطينية ومنفصلة عن السفارة، موضحا بأن مرجعيتها وزير الخارجية وليس السفير الأمريكي، وأكد المصدر أن أبومازن متمسك بمطلبه الخاص بضرورة إعادة فتح القنصلية الأمريكية.
وكشف المصدر الفلسطيني عن أن الإدارة الأمريكية عرضت على الفلسطينيين فتح مكتبا تمثيليا للسلطة في واشنطن، لكن القيادة الفلسطينية رفضت لأنه لايرقى عن كونه مكتب قاصر على تقديم الخدمات.
وعلى صعيد زيارة الرئيس بايدن المرتقبة إلى الأراضي الفلسطينية، قال المصدر إن “واشنطن رصدت 100 مليون دولار لدعم مستشفيات القدس، مضيفا: “بالطبع سيتم دفعها وفق جدول زمني”، لافتا إلى أن “الدعم المالي للسلطة الفلسطينية متوقف حاليا”.
وأشار إلي أن السلطة الفلسطينية تتعرض لأزمة مالية غير مسبوقة بسبب توقف الدول المانحة عن دعمنا، موضحا بأن موازنة الأجهزة الأمنية تمول مباشرة من جهاز المخابرات المركزية الأمريكية “سي.آي.إيه”.