تواصل هجمات المقاومة الفلسطينية ضرب المزيد من قناعات الاحتلال الإسرائيلي بمصداقية الوجود على الأراضي المحتلة، رغم ما تروجه آلتها الدعائية من فرضيات مزورة عما تزعمه من حقوق في هذه المنطقة، وفي الوقت ذاته الاستهانة بإجراءاتها الأمنية ضد الفلسطينيين.
ويزعم الإسرائيليون أن هذه الهجمات المتواصلة “تجعلهم يعيشون في الوقت الضائع”، بزعم أن أعداءهم الفلسطينيين والعرب في الداخل والخارج، ولأول مرة، باتوا يعتقدون بقدرتهم على الإطاحة بالدولة اليهودية استراتيجياً، ما يدفع محافل جيش الاحتلال لإجراء سلسلة من الإصلاحات المهمة، خشية أن تباغتهم الهجمات الفلسطينية بين حين وآخر.
يوسي بلوم هاليفي، المؤرخ الإسرائيلي، والكاتب في صحيفة معاريف، وصل به الأمر في مقاله ، وفقا لـ”حجم الهجمات الفلسطينية، وتراخي الأمن الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، لدعوة سلطات الدولة للاستعداد للمرحلة المقبلة من ما وصفها بحرب الاستقلال”، وهي حرب على وجود الهيكل الثالث المزعوم، لأن الفلسطينيين يستعدون لتوجيه ضربة قاضية لإسرائيل في نطاق قرار استراتيجي من إطلاق النار على الفور”.
وأضاف أن “قدرة الفلسطينيين وباقي أعداء إسرائيل قائمة على صواريخ دقيقة من البر، وطائرات دون طيار، في أيديهم، ما يعني أضرارًا قاتلة وتدميرًا للأهداف العسكرية والبنية التحتية الحيوية والمناطق السكنية المزدحمة في قلب إسرائيل، والنتيجة المتوقعة لذلك هو تنازل إسرائيل عن ثروات أمنها القومي، وتفكيك رأس المال البشري، والأصول المادية التي تأسس عليها الجيش الإسرائيلي كجيش شعبي، بشكل منتظم ودائم وفي الاحتياط”.
في الوقت الذي يبدي فيه الإسرائيليون قلقهم من تراجع مستوى الفيالق والفرق المدرعة والألوية والمدفعية واللوجستيات، ورغم أنها من بين الأفضل والأكثر خبرة في جميع حروب إسرائيل، لكنهم في الوقت ذاته لديهم قناعة بأن هذا الجيش في حالة نضوب، في ظل تراجع قدرات قواتها البرية لمواجهة محتملة مع سيناريوهات الحرب، ويخلق هذا الوضع خطرًا وجوديًا على الدولة ذاتها.
التقديرات الإسرائيلية المتشائمة تذهب باتجاه أن الجيش مطالب بأن يصوغ خططا حربية متعددة الجبهات، في ضوء تراجعها المهين، من خلال تحديد جدول زمني، وإجراء عمليات تدقيق المخزون والكفاءة، وضبط الذخيرة والوقود وقطع الغيار والأغذية والأدوية وناقلات الدبابات والشاحنات والمعدات الميكانيكية الثقيلة والرافعات والمركبات القتالية والإدارية، وزيادة عدد المقاتلين والأفراد المساعدين، والتجنيد الطارئ للمجندين المعفيين في مهام تشغيلية وفقًا للمهن ومهارات القيادة والمساعدة، بهدف إعادة إنشاء الوحدات المدرعة والمشاة والمدفعية والهندسية والطبية، وتعزيز القوات الموجودة في القتال.
ولعل ما يزيد من قلق الإسرائيليين من تراجع قدرات جيشهم تتركز في ترهل خططهم الحربية، وسوء القدرة على الجمع بين العمليات والقوى العاملة والممارسة والتدريب واللوجستيات مع الذراع البري، وغياب التنسيق بين قيادة الجبهة الداخلية ووزارة الأمن الداخلي، وإخفاق خطط دفاع الجبهة الداخلية، وعدم المساعدة في الحماية والملاجئ المتنقلة في المدن والبلدات، والخشية من ما ينتظر أنفاق المترو في تل أبيب وحيفا والقدس من فشل الوقاية من الصواريخ والقذائف.
وتوصي المحافل الإسرائيلية بإصدار دعوة من هيئة الأركان العامة لقادة القوات البرية لزيارة الوحدات العسكرية، بما في ذلك تشديد الإجراءات الأمنية للوحدات للحماية من الاقتحامات وإتلاف المعدات في المستودعات، وقد تعرضت لأضرار جسيمة في السنوات الأخيرة، ما يستدعي من وزارة الحرب والجيش إعداد خطة لإعادة إنشاء نظام الدفاع المكاني للجيش مع المستوطنات الحدودية، بما فيها إنشاء الحرس المدني في المدن، لتجنب الاحتكاك غير الضروري في المدن “المختلطة”، حيث يقيم فلسطينيو الـ48.
عربي 21