10:26 م
الإثنين 18 أكتوبر 2021
كتبت-رنا الجميعي:
هل فكّرت يومًا أن تلجأ للمعالج النفسي في حالة مرورك بتجربة فقد؟ سواء كان الفقد لشخص رحل عن الدنيا، أو شخصًا لم يعد موجودًا في حياتك، على الأغلب ستكون قد مررت بتجربة أو أكثر بذلك الشكل، ورُبما لم يدر في بالك أنك تحتاج لمعالج نفسي حتى تستطيع تخطي التجربة الصعبة، ورُبما أيضًا فكّرت أن الأمر سهلًا وأن المشكلة تكمن لديك في تجاوز الأمر.
لكن الحقيقة أن تجربة الفقد مؤلمة جدًا، وهو ما تُدركه جيدًا سارة فريد، المعالجة النفسية التي تعاملت مع كثيرين مروا بتلك التجربة، حتى أنها عكفت على كتابة دليل مجاني للتعامل مع ألم الفقد، نشرته بشكل واسع النطاق في مجموعات الدعم النفسي على الواتساب والفيسبوك، آملة أن يمنح من خاضوا تلك التجربة، قُدرة أكبر على التعامل مع الألم، تذكر سارة ل.
ويُذكر أن 10 أكتوبر الماضي هو اليوم العالمي للصحة النفسية، وتُشدد منظمة الصحة العالمية على أهمية الصحة النفسية، فبحسب المنظمة هناك ما يقرب من مليار شخص يعاني من الاضطرابات النفسية، كما يُعد فقدان الإنتاجية الناجم عن الاكتئاب والقلق من أكثر الاضطرابات النفسية الأكثر انتشارًا.
وتعمل سارة كمعالجة نفسية منذ عامين، وقبلها درست لسنوات طويلة مجال علم النفس السلوكي ومجال المهارات الحياتية (الكوتشينج) ومجال الصحة النفسية، لذا فقد كان احتكاكها كبيرًا بأشخاص مروا بتجربة الفقد، لكن خلال العام الحالي تحديدًا مرّ أصدقائها بوفاة أقربائهم بسبب فيروس الكورونا، وهو ما جعلها تشعر بضرورة نشر العلم الذي لديها على نطاق أوسع “في أوقات أنا نفسي مريت فيها بتجربة فقد، وكنت كل اللي عايزاه وقتها إني أضلم الأوضة على نفسي وأسمع حاجة تهديني”، وقتها قررت سارة تسجيل حلقات صوتية على موقع الساوند كلاود عن ألم الفقد.
عشر حلقات صوتية سجلتها سارة عن ألم الفقد، لكنها لم تكتفِ بذلك، قررت عمل كتاب تفاعلي وبالمجان “حبيت أهدي الناس حاجة يتعاملوا بيها مع نفسهم من غير وسيط”، لأن سارة تعلم أن هناك من لا يتحمّل تكلفة جلسات العلاج النفسي، وهناك أيضًا من يريد حل سريع ولا يستطيع الصبر، وهناك من تمكّن منه الحزن والتعب “ومش قادر حتى يطلب مساعدة”، لذا كان الدليل مُهدى لهؤلاء.
عبر 18 صفحة تحدّثت سارة عن ألم الفقد، كيفية التعامل معه وما الخطوات التي يمرّ بها الإنسان خلال تجربة الفقد، وفي البداية تذكر سارة أن الفقد لا يعني موت أشخاص فحسب “فقد لأحلام ومشاعر، فقد لعلاقات وناس كانت في حياتنا، فقد للصحة”، وتستطرد أن الفقد أنواع “وفقد لأدوار كنا بنلعبها ومبقيناش شايفين نفسنا إلا فيها زي دور الزوجة أو الابن”، وبعدها تؤكد سارة على معنى الألم، وتُوضَح أن الألم هي خطوة مهمة جدًا لا يجب تجاهلها “كنت بحاول أقول للناس يتعاملوا مع الألم من غير طبقات فوق، ولأن التجارب الصعبة مش هتحصل مرة واحدة بس، فلازم يعرف يتعامل”، وهو ما تُعرّفه باسم “المرونة النفسية”.
تلك المرونة هي الهدف الأساسي من الدليل المجاني، لأن الكتاب عبارة عن خطوات بسيطة وسلسة مكتوبة بالعامية، تبسيطًا للمتلقي “المرونة دي هي اللي هتخلينا نعرف نتعامل مع التجارب الصعبة، وبدل ما تاخد مننا سنين وتطفينا، تاخد مننا وقت أقل”.
تستكمل سارة الرحلة مع ألم الفقد، وتُنهيها بتمرين صممته بنفسها، تطلب فيه من المتلقي التعبير عن مشاعره بالكتابة، كما أنها على مدار صفحات الدليل تُعطي مرجعًا أكثر تفصيلًا للقارئ؛ وهو الحلقات الصوتية التي قدمتها قبل ذلك.
وقد طرحت سارة الدليل المجاني منذ أسابيع، وتلقت حتى الآن عدد من ردود الفعل الإيجابية منها إعجاب بطريقة كتابتها للدليل “إن لغة الدليل بسيطة وسهلة والكلام بيسلم بعضه”، فيما أخبرتها إحدى القارئات أن الألم العضوي التي تشعر به منذ فترة خفّ قليلًا بعد تلقيها لإرشادات الدليل، وتذكر سارة أن في بعض الأحيان يكون ترجمة الألم النفسي الذي يمر به شخص هو ألم عضوي يشعر به الجسد، وقد فرحت سارة كثيرًا بردود الفعل التي تلقتها.
لن تكون تلك الخطوة الأخيرة لسارة في الكتابة عن الصحة النفسية، بل إنها تعكف حاليًا على مشروع أكبر عن التعامل مع الألم سوف تقوم بطباعته ونشره ورقيًا وإلكترونيًا.