وأشرن إلى أن (حلا) عاشَت حياتها بِلا أُمٍّ حنونَةٍ، ومع أبٍ كانَ لهَا كلّ شيء، تفتخر به وتتباهى بكل ما يقدمه لها رغم ظروفه المادية الصعبة، كان حديثها عن والدها كثيرا، ترافقه حيثما حل وأرتحل، فلا تكاد ترى أباها إلا وبرفقته «حلا» كان في بقالة، أو محطة أو سوق.
وأضفن: «حلا» مُنذ دراستها الابتدائية حتى دخولها للصف الأول متوسط تميزت ببراءة الطفولة، متسامحة، وعفوية جداً، تترفّع عن أذية زميلاتها ولو لحق الأذى بها، كانت تردد «ما أبغى أغلط عليهم يا أستاذة»..!
كانت راجحة العقل وحوارها يخيل للمتحدث معها أنها أكبر من سنها، لم يشتكِ منها أحد، كانت تحترم وتقدر كل من في المدرسة، اجتماعية تساعد وترضي الجميع زميلات ومعلمات.
تغيّبت (حلا) فترة تنويم والدها، حيث كانت ترافقه، والأربعاء قبل الماضي حضرت للمدرسة وفي عينَيها حُزن السّنين، وقهرِ اليُتمِ وألمِ الفَقر!، فأبوها يرقد في العناية، وعندما سؤلت لماذا حضرتِ للمدرسة وأنت مرهقة، قالت «مستقبلي يا أستاذة»، وكأنها تردد وصية أبيها وحرصها على دراستها..
حاولت الطفلة البريئة التغلب على أوجاعها وآلامها لكن رحيل والدها أتعب قلبها الصغير، حاولت أن تتحمل لكن الحزن كان أكبر فخارت قواها بعد رحيل والدها ولحقت به.
من جانبه، عبّر مدير ثانوية جابر بن حيان بالمجاردة الدكتور سعد بن غازي أبوديه، عن ألمه في فقد زميلهم محضّر المختبر بالمدرسة محمد حمزة (أبو حلا) قال والعبرة تخنقه: «فارقنا زميلاً غالياً مُحباً للعمل ومحافظاً على جميع مهامه الوظيفية وما يكلف به من أعمال».
واضاف، محمد كان مع من أوائل المبادرين في الدوام، ويعمل بكل جد وإخلاص، كنت أشاهده بالإضافة إلى عمله في المختبر يقف مع الموجه الطلابي باكراً في كل صباح لمتابعة دخول الطلاب ورصد المتأخرين ويشارك شؤون الطلاب في الكثير من المهام، رحمه الله وغفر له وجبر مصاب ذويه.
وذكر المعلم (محمد بن زهير)، ويعتبر الصديق المقرّب للفقيد محمد حمزة قائلاً: محمد رحمه الله كان نموذجاً للمعلم المخلص في عمله، وماعرفت عنه في العمل إلا التفافي والإخلاص والانضباط، وعند تكليفه بأي عمل أو مهمة لن تسمع منه إلا كلمة نعم وحاضر وفي النهاية عمل منُجز بجودة عالية، كان إنساناً بسيطاً وهادئاً، لقد كفل أطفال زوجته المتوفاة من طليقها السابق وقام بتربيتهم بين أبنائه دون تفريق بينهم إلى أن وافته المنية، تعلّقت فيه ابنته (حلا) وكانت ملازمة له طيلة فترة حياتها، وخصوصا بعد وفاة أمها وكانت راعيةً له ولإخوتها، وفرضت عليها مسؤوليات أسرية أكبر من عمرها كطفلة، لازمته في مرضه وغادرت الدنيا معه حين وفاته رحمهما الله لقد تركا للجميع قصة تُدرّس في بر الوالدين وتعلّق الابن بأبيه.