لم تفتر همة لصوص الأراضي في اختراع مزيد من طرق التحايل والمكر غير أن الجهات المعنية لا يغيب عنها مكر المخادعين، ومع ذلك بدت محاولات المعتدين على الأراضي أشد ضراوة عبر سرقة ملايين المساحات وبناء مشروعات ومبانٍ خاصة تقام عليها مشاريعهم التجارية استمرت لسنوات قبل اكتشاف أمرهم، كما أفشلت الفرق الرقابية كل عمليات الاستيلاء على ملايين الكيلو مترات التي تعود ملكيتها للدولة.
أمانة جدة، أكثر من 5 ملايين متر مربع إلى أملاك الدولة خلال الأشهر الماضية، وأزالت سور أرض تم إلغاء صكها من المحكمة العليا في أبحر الشمالية، قدرت مساحتها بمليون و200 ألف متر مربع على الواجهة البحرية في أبحر الشمالية أصدر رجل أعمال صكًا عليها، قبل أن تنجح جهات الاختصاص في إلغائه، بالتنسيق مع الجهات المعنية تم إزالة السور وإجبار رجل الأعمال على إخلاء الأرض بعد إنذاره، وستكون الأرض مفتوحة للعامة للاستفادة من الاستمتاع بالبحر بعد إزالة التعديات. وشملت عمليات إعادة الأراضي إلى أملاك الدولة من المعتدين إزالة تعديات على أراضِ حكومية بمساحة مليون متر مربع بنطاق ذهبان بعد رصد تعديات ومخالفات بلدية من قبل إحدى شركات النقل، ما استوجب اتخاذ الإجراءات النظامية حيالها.
وأكد رئيس بلدية ذهبان الفرعية المهندس سامي العمري، أن الفرق الميدانية المشتركة من الجهات المعنية تمكنت من رصد تعدٍ على أرض حكومية تُقدر مساحتها بمليون متر مربع تقع على طريق عسفان، جرى استغلالها من قبل إحدى شركات النقل بالمباني المخالفة، التي شكلت تعديًّا على الممتلكات العامة، حيث جرى اتخاذ الإجراءات النظامية حيال الإحداثات وتأمين الموقع تمهيدًا لاستكمال أعمال الإزالة ورفع الأنقاض.
استعادت أمانة جدة أيضا أكثر من مليوني متر مربع من الأراضي الحكومية بحي الصالحية التابع لنطاق بلدية طيبة الفرعية، بعد رصد إحداثات تمثلت في إنشاء أسوار مخالفة. وأوضح رئيس البلدية المهندس محمد جابر الزهراني أن الفرق الميدانية باشرت إزالة الإحداثات والتعديات كافة، التي تمثلت في إنشاء سور وغرف عشوائية بحي الحجاز شرق مخطط «الصالحية» على مساحة 2.440.013 م2. كما أعادت أمانة جدة؛ ممثلة في بلدية أبحر الجنوبية، أراضي حكومية على مساحة تقدر بعشرة آلاف و356 مترًا مربعًا بعد رصد تعديات ومخالفات بلدية من بعض الأشخاص ما استوجب اتخاذ الإجراءات النظامية حيالها، كما تمكنت من رصد تعدٍ على أرض حكومية، جرى استغلالها من بعض المواطنين الذين قاموا بتسوير أراض حكومية بشكل غير نظامي، والتي شكلت تعديًّا على الممتلكات العامة. وضمن جهود أمانة محافظة جدة المستمرة في معالجة الظواهر السلبية والحد من نشأة العشوائيات بكافة أشكالها في جميع الأحياء، أزالت الفرق الميدانية (10) من الإحداثات المخالفة بنطاق أبرق الرغامة على مساحة إجمالية بلغت أكثر من 21.000 ألف متر مربع، شكلت تعديات لأسوار بحي «مريخ» شرق المحافظة، بلا مستمسكات شرعية أو تراخيص بناء، وباشرت آليات البلدية أعمال إزالة المواقع المخالفة التي أقامها محدثون باستغلال الأراضي الحكومية دون أن يكون لديهم مسوغات شرعية.
نفذت أمانة جدة إزالة تعديات على أرض حكومية مخصصة لإنشاء حديقة عامة بحي النخيل في أبرق الرغامة على مساحة تقدر بنحو 5.570 متراً مربعاً، وتمت استعادة الأرض بعد دعوى قضائية أقامتها على مواطن وضع يده على الأرض دون مستمسكات نظامية.
وعمد المواطن إلى إقامة منزل وسكن للعمال وورشة على الموقع مدعياً ملكيته الأرض بموجب الإحياء، حيث جاء القرار باستعادة الحديقة بعد عدة مرافعات قضائية وصدور حكم قضائي مؤيد من محكمة الاستئناف يلزم المدعى عليه برفع يده عن الأرض وإعادتها للملكية العامة للدولة. وفي نطاق بلدية ذهبان، تم إحباط تعديات على عدة مواقع أحدثها مخالفون على أراضٍ حكومية والممتلكات الخاصة على مساحة 40.000 ألف متر مربع، كما باشرت الفرق المختصة في الأمانة متابعة تعديات بمخطط «منح جوهرة العروس» وجرى إزالة عدد من «الأحواش» والغرف على مساحة قدرت بـ16 ألف متر.
ضوابط قانونية لمنع التعدي
أكد المستشار القانوني سيف الحكمي، أن الجهات المختصة حسمت الكثير من المواقف وعمليات التقاضي التي تشغل دور القضاء، وذلك بإيقاف حجج الاستحكام ومنع إقامة دعاوى النزاع على العقارات التي لا صك تملك عليها، بإيقاف حجج الاستحكام ومنع إقامة دعاوى النزاع على العقارات التي لا صك تملك عليها، وعدم قبول أي دعوى إثبات تملك أرض استنادًا للإحياء أو وضع اليد أو الوثائق العادية، بما في ذلك الطلبات التي لم يصدر بها صك قبل صدور الأمر، مع وضع قواعد وضوابط لتمليك الأراضي والعقارات للمتقدمين للمحاكم بطلبات قبل تاريخ الأمر، وضوابط لمن لم يتقدم قبله.
وأضاف الحكمي، أن النظام ألزم المتعدي على الأراضي الحكومية بدفع تكاليف الإزالة وجميع ما يترتب على التعدي من تعويضات للمتضررين، بما فيها التعويض على أخذ المواد الأولية، ونفقات إعادة الموقع إلى ما كان عليه قبل التعدي، كما أن التعدي على الأراضي الخاصة يعاقب بالجلد والسجن معا، في حين أن التعديات على الأراضي الحكومية لا تتعدى عقوبتها الغرامات المالية.
الإزالة على نفقة المتعدي
شددت قواعد مراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات على أنه يجب على المتعدي إزالة التعدي على نفقته خلال مدة لا تتجاوز 10 أيام من تاريخ إبلاغه بذلك. وفي حالة امتناعه أو مماطلته يزال التعدي تحت إشراف اللجنة الرئيسية.
ويُلزم المتعدي بدفع تكاليف الإزالة وجميع ما يترتب على التعدي من تعويضات للمتضررين ونفقات، بما فيها التعويض على أخذ المواد الأولية، ونفقات إعادة الموقع إلى ماكان عليه قبل التعدي، وتطبق في حق المتعدي على عقارات الدولة الجزاءات والعقوبات المقررة نظامًا.
المستعادة أكثر من 5 ملايين م2
بلغت المساحة الإجمالية للأراضي المستعادة أكثر من 5 ملايين متر مربع، تم رصد ومعالجة كافة الإحداثات غير النظامية عليها وإزالة ما تم إحداثه من بناء حيث عمد المراقبون الميدانيون للتأكد من نظامية إقامة المنشآت السكنية والتجارية، وفي حال عدم وجود مستمسكات نظامية أو تراخيص بناء نظامية لدى المحدثين تتم الإزالة الفورية للتعديات، فيما يجري متابعة مواقع التعديات بشكل دوري لضمان عدم عودة الإحداثات مرة أخرى.
و تنوعت التعديات على الممتلكات العامة وشملت إقامة مبان سكنية وتجارية وغرف ومستودعات وأسوار وبتر بطرق مخالفة وبلا مستمسكات نظامية في نطاق عدد من البلديات الفرعية شمال وشرق المحافظة.
وعود ومزاعم لا تقوم على ساق
العقاري ناصر الزهراني، كشف الأساليب القديمة للمعتدين باعتمادهم على إنشاء عقوم ترابية تحد بها الأراضي المتعدى عليها وتظل لفترة طويلة، أو وضع علامات تضم صبات خرسانية وإطارات لتحديد الأراضي قبل البدء في وضع أسوار من البلوك والأسمنت عبر بنائها خلال الإجازة الأسبوعية. والمتعارف عليه اختيار مساحات كبيرة في أطراف المدن، يتم التعدي عليها وتقسيمها لقطع صغيرة ومساحات متفرقة، ليتم عقب ذلك بيعها بأوراق تعرف باسم الوثائق وترك المشتري يواجه لجان التعديات وخسارة أمواله. وأكد أن الكثير من مشتري الأراضي يعلمون بعدم مشروعية شرائها وأن وضع الأرض غير نظامي لكنهم يشترون، مشددًا على أنه عرف أن المتعدين يقومون بتقديم الوعود والمزاعم بضمان حمايه المشتري من الجهات الحكومية؛ وهي مزاعم سرعان ما تسقط بإزالة التعدي وخسارة الأموال.
تحايل وخداع واستغلال أسماء شخصيات مرموقة
كشف الخبير العقاري محمد الشهراني، عددا من طرق التعدي والتي تعتمد على بناء غرف في إجازة نهاية الأسبوع، ووضع أسقف مستعارة (زنك) مع إحضار أثاث قديم ومتهالك وزراعة الأشجار الطويلة لخداع الفرق الرقابية وإيهام من يشاهدها بوجودها منذ فترة طويلة، وبيّن أن أساليب التعدي عديدة منها استخدام وثائق تكتب بأسماء شخصيات معروفة، لا تعلم شيئا عن استغلال أسمائها لإصباغ صفة الرسمية عليها ومزاعم قدرة تلك الشخصيات على حماية المشترين من أي تعديات أو إجراءات حكومية، ويعمد المعتدون على الأراضي إلى تعليق لوحات تحمل أسماء الشخصيات معروفة مع إنشاء مكتب من الهناجر داخل الموقع المعتدى عليه في حدود الموقع والتي عادة ما تركز على الأراضي التي قد يقام عليها مشاريع حكومية أو استثمارية مستقبلية بهدف البحث عن تعويضات.