تشير التقديرات إلى إمكانية “إحراز تقدم” في المباحثات التي تستضيفها العاصمة المصرية، اليوم السبت، حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع وصول مفاوضي حركة حماس إلى القاهرة، فيما تواصل إسرائيل تهديدها بشن هجوم على مدينة رفح رغم التحذيرات الإقليمية والدولية.
وأكد مسؤول في حماس أن مفاوضي الحركة سيعقدون محادثات مكثفة في القاهرة في محاولة للتوصل إلى هدنة محتملة تتضمن تبادل أسرى مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فيما عقد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مداولات خاصة، وقرر “عدم إرسال وفد إلى القاهرة لحين الحصول على رد رسمي من حماس”.
مشاركة أميركية في المحادثات
ويشارك مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وليام بيرنز، أيضا في المحادثات غير المباشرة في القاهرة. وأكدت قناة “القاهرة الإخبارية” المقربة من المخابرات المصرية، وصول وفد حماس.
ونقلت القناة عن مصدر مصري رفيع المستوى تأكيده حصول “تقدم ملحوظ” في المفاوضات، مشيرة إلى أن الوفد المصري المفاوض “وصل إلى صيغة توافقية حول الكثير من نفاط الخلاف” بين الطرفين.
وأفاد مسؤول في حماس تحدث لوكالة “فرانس برس”، السبت، أن “الجولة الأولى من المفاوضات ستبدأ اليوم بحضور كل الوفود القطري والمصري وحتى الأميركي موجود بالمكان”.
“التوصل إلى توافق في كثير من النقاط ويتبقى نقاط قليلة”
وأضاف “إذا تطورت الأمور سيتم إحضار الوفد الإسرائيلي في قاعة منفصلة… لمحاولة إنجاز الاتفاق”. وأكد أن حماس “تنظر بعقل منفتح للتغيرات في موقف الاحتلال والموقف الأميركي لكن هناك أمور يجب أن يتم إحكامها”.
وقال مصدر أمني مصري تحدث لوكالة “رويترز” أن “النتائج اليوم ستكون مختلفة عن كل مرة، وتوصلنا إلى توافق في كثير من النقاط ويتبقى نقاط قليلة”. وأبدى مسؤول فلسطيني مطلع على جهود الوساطة “تفاؤلا حذرا”.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه لـ”رويترز” إن “الأمور تبدو أفضل هذه المرة ولكن ما إذا كان هناك اتفاق قريب يعتمد على ما إذا قدمت إسرائيل ما هو مطلوب لتحقيق ذلك”.
تحول مثير بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وضمانات أمريكية لإقناع “حماس” بالتوقيع
وقالت مصادر لـ”عربي21″، إن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تشهد تحولات مثيرة وغير مسبوقة، قد تفضي إلى اتفاق وشيك، وسط معلومات عن ضمانات أمريكية لإقناع “حماس” بالتوقيع.
وأفاد مصدر لـ “عربي21″، بأن الجولة الأولى من المفاوضات انطلقت ظهر السبت، في مقر المخابرات المصرية، في القاهرة، بحضور وفد “حماس” والوفد القطري والمصري والأمريكي.
وأكد المصدر أنه في حال تطورت الأمور فسيتم إحضار الوفد الإسرائيلي بشكل مستقل لمحاولة إنجاز الاتفاق المرتقب، والذي يشمل تبادلا للأسرى والمحتجزين في إطار ثلاث مراحل متتالية.
مصدر آخر مطلع على المفاوضات صرح لــ”عربي21″ بأن حركة حماس حصلت على ضمانات بخصوص وقف إطلاق النار الدائم في غزة، مقابل توقيعها على الاتفاق.
وقال المصدر، إن “حماس” حصلت على ضمانات أمريكية بإنهاء الحرب بشكل دائم، وانسحاب “الجيش الإسرائيلي” من قطاع غزة بحلول نهاية المرحلة الثالثة من الاتفاق المرتقب، مشيرا إلى أن الحركة قد تكتفي بهذه الضمانات، على اعتبار أن أي تعهد إسرائيلي واضح ومعلن في هذا الموضوع قد يفجر الصفقة لاعتبارات إسرائيلية داخلية محضة لها علاقة باستمرار الحكومة الحالية.
وكان المصدر الأول، قال إن أولى جلسات المفاوضات غير المباشرة بين “حماس” و”إسرائيل” ستبدأ في تمام الساعة الواحدة ظهر اليوم السبت بتوقيت العاصمة المصرية، القاهرة، مشيرا إلى أن “جميع الوفود توجهت إلى مقر المخابرات المصرية” من أجل بدء جولة المفاوضات.
ولفت إلى أن محادثات السبت ستكون “حاسمة” في مسار المفاوضات، مشيرا إلى أن وفد الحركة يترأسه القيادي خليل الحية، ويضم كلا من عضوي المكتب السياسي زاهر جبارين ومحمد نصر.
وشدد على أنه “لن تستطيع أي جهة إجبار ’حماس’ على القبول بما يتعارض مع ثوابتها ومصالحها الوطنية”، مضيفا أن “كل محاولات عزل ’حماس’ فشلت تماما، وفرص انتصار الاحتلال باتت معدومة”.
الأمر يتوقف على رد “إسرائيل”
وكشفت مصادر مصرية مطلعة على الوساطة بين فصائل المقاومة وحكومة الاحتلال التي تشارك فيها القاهرة إلى جانب قطر، عن أن أجواء مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة الجارية في القاهرة منذ أمس الجمعة إيجابية، مقارنة بجولات المفاوضات الماضية.
وقال مصدر مصري، في تصريحات خاصة لـ”العربي الجديد”، إن الكرة في الوقت الراهن في ملعب الحكومة الإسرائيلية، مضيفاً أن الإدارة الأميركية قدّمت ما يمكن وصفه بتعهدات، أو ضمانات، مشيراً إلى أن الأمر يتوقف على ردّ إسرائيل على مخرجات اجتماعات القاهرة اليوم.
وأوضح المصدر المصري الذي فضل عدم نشر اسمه أنه حتى قدوم مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز إلى القاهرة، أمس الجمعة، لم تقدّم واشنطن ما يفيد بتحوّل في موقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من مواصلة الحرب. وألمح المصدر إلى أنّ الإدارة الأميركية ربما تعوّل على التجاذبات داخل حكومة الحرب، من أجل الضغط على نتنياهو وإقناعه بتمرير الصفقة.
“حماس تصل القاهرة بروح إيجابية”
ووصل وفد حماس قادما من مقر الحركة في قطر التي تسعى بالتعاون مع مصر للتوسط من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار.
وتتواصل جهود الوساطة التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة، سعيا من الأخيرة للتوصل إلى هدنة والإفراج عن رهائن إسرائيليين في القطاع لقاء إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وتعثرت المحادثات في الأسابيع الماضية، وسط إصرار إسرائيل على أنها ستستأنف حربها المستمر منذ سبعة أشهر تقريبا، بعد أي هدنة، فيما تطالب حماس بإنهاء الحرب المدمرة على قطاع غزة.
وفي إشارة إلى انفراجة محتملة، قالت حماس، يوم الجمعة، إنها ستأتي إلى القاهرة “بروح إيجابية” بعد دراسة المقترح الأحدث للتوصل إلى اتفاق، والذي لم يتم الإعلان عن الكثير منه.
“إيفاد المفاوضين الإسرائيليين للقاهرة مرتبط برد حماس”
وقالت إسرائيل في السابق إنها منفتحة على الشروط الجديدة.
وفي أعقاب التقارير التي عبّرت عن تفاؤل نسبي، عقد رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، مشاورات خاصة مع فرق التفاوض مقرر عدم إرسال وفد إلى القاهرة حتى الحصول على رد رسمي من حركة حماس.
وشدد مسؤول إسرائيلي رفيع، في إحادة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، على أن تل أبيب “لن توافق بأي حال من الأحوال على إنهاء الحرب في إطار اتفاق لإطلاق سراح الرهائن”.
وأضاف “بناء على قرار القيادة السياسية، فإن الجيش الإسرائيلي سوف يدخل إلى رفح ويدمر ما تبقى من كتائب حماس هناك، سواء كانت هناك هدنة مؤقتة لإطلاق سراح الرهائن أم لا”.
غانتس: أقترح عدم الدخول في الهستيريا
وف يتعليقه على التقارير، أكد الوزير في كابينيت الحرب الإسرائيلي، أن تل أبيب “لم تتلق ردا رسميا على المقترح”، وقال إن كابينيت الحرب سيجتمع فور تلقي هذا الرد المرتقب.
وأضاف “حتى ذلك الحين أقترح على ‘المسؤولين السياسيين‘ (في إشارة إلى أولئك الذين يقدمون إحاطات لوسائل الإعلام) وجميع أصحاب القرار، انتظار التحديثات الرسمية والتصرف بهدوء وعدم الدخول في الهستيريا بدوافع سياسية”.
وقالت مصادر مصرية إن بيرنز وصل إلى القاهرة يوم الجمعة. وشارك في جولات سابقة من محادثات الهدنة وأشارت واشنطن إلى أنه من المحتمل أن يتم إحراز تقدم هذه المرة.
واستأنفت مصر محاولة إحياء المفاوضات في أواخر الشهر الماضي، إذ شعرت بالقلق من احتمال شن إسرائيل هجوما على رفح في جنوب غزة، حيث يوجد أكثر من مليون نازح فلسطيني بالقرب من الحدود مع مصر.
ويشمل المقترح المطروح حاليا هدنة لمدة 40 يوما وتبادل عشرات الأسرى.
“إسرائيل تمهل المفاوضات أسبوعا إضافيا وإلا فإنها ستجتاح رفح”
وترفض إسرائيل، خصوصا رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو وشركاؤه في معسكر اليمين، الموافقة على وقف دائم لإطلاق النار في غزة.
وبعدما توعدت القيادة الإسرائيلية بـ”القضاء” على حماس، تلوّح منذ أسابيع بشن هجوم بري على مدينة رفح معظم النازحين الذين هربوا من القصف والمعارك.
ومن شأن أي عملية إسرائيلية كبيرة في رفح أن توجه ضربة قوية للعمليات الإنسانية الهشة في غزة وتعرض حياة المدنيين للخطر.
وبلغت حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أكثر من 34,600 شهيدا و77 ألف مصاب.
ويدعي نتنياهو أن هذا الهجوم ضروري “للقضاء” على آخر كتائب حماس، وهدّد بالمضي فيه “مع اتفاق أو من دونه”، في إشارة لمباحثات الهدنة.
واعتبر عضو المكتب السياسي لحماس، حسام بدران، أن تصريحات نتنياهو هدفها “إفشال أي إمكان لعقد اتفاق”.
وأوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلا عن مصادر مصرية، أن إسرائيل تمهل المفاوضات أسبوعا إضافيا، وإلا فإنها ستباشر الهجوم على رفح.
وأبدت واشنطن مرارا معارضتها لمثل هذا الهجوم ما لم يقترن بخطط موثوق بها لحماية المدنيين الفلسطينيين.
وقال بلينكن، مساء الجمعة، إن إسرائيل لم تقدم “خطة ذات مصداقية لتأمين حماية حقيقية للمدنيين” في رفح، محذرا بأنه “في غياب مثل هذه الخطة، لا يمكننا دعم عملية عسكرية كبيرة في رفح لأن الضرر الذي ستُحدِثه يتجاوز حدود المقبول”.
كذلك حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، بأن “عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح قد تؤدي إلى حمام دم”، في وقت تعد المنظمة تحسبا لذلك خطة طوارئ “لمواجهة تزايد في أعداد الجرحى والقتلى”.
وفي جنيف، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، ريك بيبركورن، إن “خطة الطوارئ هذه هي مجرد ضمادة”، مشددا على أن “النظام الصحي المتعثر لن يكون قادرا على تحمل حجم الدمار المحتمل الذي قد يسببه التوغل”.
وتشكل رفح نقطة العبور البرية الرئيسة للمساعدات الإنسانية الخاضعة لرقابة صارمة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية والتي تدخل بكميات ضئيلة لا تكفي إطلاقا نظرا إلى الاحتياجات الهائلة لسكان القطاع المحاصر البالغ عددهم حوالي 2,4 مليون نسمة.