مقامات آل البيت.. كيف استقر الصحابة في مصر؟ وكواليس إنشاء


06:00 ص


السبت 25 ديسمبر 2021

():

أشاد خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار بدعوة الرئيس السيسى بترميم وتجديد مقامات وأضرحة آل البيت باعتبار مصر حاضنة آل البيت التى بوركت أرض مصر بوجودهم.

وأوضح الدكتور ريحان أن السيدة زينب جاءت إلى مصر برغبتها بعد أن أعطاها الخليفة معاوية فرصة اختيار منفاها، واستقبلها والي مصر وأهل مصر استقبالًا رائعًا لم يسبق له مثيل وفرحوا بقدومها حبًا في جدها المصطفى- صلى الله عليه وسلم- وتبركًا بنسبها الشريف فهي حفيدة محمد- عليه الصلاة والسلام-، وابنة سيدنا علي رضي الله عنه والسيدة فاطمة رضي الله عنها وأخت الحسن والحسين محبوبي نبي الله.

وبعد الترحيب الكبير من أهل مصر دعت دعوتها الشهيرة لأهل مصر وحين استقرت السيدة زينب بأرض مصر وهبها والي مصر آنذاك قصره كله للإقامة فيه لكنها اكتفت بغرفة واحدة في القصر أقامت بها وجعلتها مكانًا لتعبدها وزهدها وتحولت هذه الغرفة بعد وفاتها إلى مقامها الآن فتسمى هذه الغرفة مقام السيدة زينب وأوصت السيدة زينب قبل وفاتها بأن يتحول باقي القصر إلى مسجد فكان لها ذلك وتحول قصر الوالي إلى مسجد السيدة زينب رضي الله عنها.

وحول مفهوم الأضرحة أوضح ريحان أن القبر هو مكان تكريم الميت طبقًا للآية الكريمة “ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرهُ”، أي جعل له قبرًا يوارى فيه إكرامًا ولم يجعله مما يلقى على وجه الأرض تأكله الطير وهناك القبر الذى يعلوه قبة والقبر الذى يعلوه كوخ والقبر الذى لا يعلوه قبة أو يحيط به كوخ ويعرف بالقبر.

ويشير ريحان إلى تعريفات مختلفة للأماكن التى يعلوها قبة مثل المزار أو المقام أو المشهد أو الضريح، أمّا المزار فهو بناء يُبنى فوق مكان دفن أحد الأنبياء أو أحد الأولياء الصالحين أو مكان صلاتهم وإقامتهم يزوره الناس لطلب البركة والشفاعة ويشير إلى موضع الزيارة من أماكن الأولياء.

والمَقَام هو موضعُ الإقامة وزمانها وليس بالضرورة أن يكون المَقام مكان دفن أو قبر قد يُنسب لأحد الأنبياء أو الأولياء بل من الممكن أن يكون مكان إقامته في يوم من الأيام أو مكان صلاته أوكان قد مر عليه في يوم من الأيام ومن ثم اشتهر هذا أو ذاع بين الناس على أنه أحد مقاماتهم فيشاد على هذا المكان بناء أو مسجد لكي يزوره الناس، وفى الغالب هو قبر فخم.

ويضيف ريحان: الضَريح هو الشَّقُّ في وسط القبر وقد يُعنى به القبر نفسه وهناك ضريح حقيقي فيه قبر ورفات لميت بعينه ولا خلاف فيه مثل قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة ومعظم أضرحة آل البيت فى مصر وهناك ضريح رؤية أو مشهد رؤية وهى تلك الأضرحة المنامية التي تقام لولي من أولياء الله الصالحين دون أن يكون مدفون بها جسد متوفي ويعلوها في الغالب قبه لتعظيم ما تحتها ولولم يك شيئا وتعارف عليها بأنها أضرحة الرؤيا وظاهرة الموالد لذوي المقامات المنامية وغيرهم هى ظاهرة ترجع لأصول مصرية قديمة لا علاقة لها بالأديان وترتبط بأعياد المصريين القدماء الدينية للآله مثل عيد أمونوبيس وبتاح وأبيس وغيرها، أمّا كلمة المشهد فيُقصد به عادةً البناء الحامل للقبر أو المكان الذي تتم عنده الزيارة، وعادة ما يكون فوقه قبة مبنيّة والمَشْهَدُ هو ضَّريح أحد الأولياء ويقيده البعض بأضرحة الرؤيا.

ولفت ريحان إلى أن مشاهد آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم فى مصر أصبحت ضمن أولويات الترميم والتطوير بتوجيهات القيادة السياسية فى مصر منذ يوليو الماضى بضرورة تطوير الأضرحة بشكل متكامل خاصةً أضرحة السيدة نفيسة، والسيدة زينب، وسيدنا الحسين وغيرها لتشمل الصالات الداخلية وما بها من زخارف معمارية راقية وغنية تماشيًا مع الطابع التاريخى والروحانى للأضرحة والمقامات، جنبًا إلى جنب مع تطوير كل الطرق والميادين والمرافق المحيطة والمؤدية لتلك المواقع لما لهذه الأضرحة من مكانة روحية لدى كل المصريين باعتبارها مصدرًا للسلام النفسى والطمأنينة.

وتابع ريحان: أضرحة آل البيت فى مصر تحتل مكانة خاصة في نفوس الشعب المصري فضلًا عن قيمتها الأثرية حيث تجمع بين التاريخ القديم وروحانية الأماكن الدينية، ولذا فإن الإعتناء بها لن يساهم في تعزيز السياحة الداخلية فحسب وإنما ستدعم السياحة الروحية الأجنبية القادمة من دول مثل العراق وباكستان وماليزيا والهند وتؤكد على حرص مصر على تنشيط وتنمية مقومات السياحة الروحية لكل الأديان والجنسيات فهى المسار المقدس للحج المسيحى بالمحطات التى باركتها العائلة المقدسة وهى مسار آل البيت بشارع يعتبر الوحيد فى العالم الذى يضم مشاهد آل البيت وهو شارع الأشرف أو ما يعرف بـ (شارع أهل البيت) وسط القاهرة ويضم مقامات كل من الإمام زين العابدين، والسيدة نفيسة، والسيدة سكينة بنت الحسين، والسيدة زينب، والسيدة رقية بنت علي (سلام الله عليهم أجمعين)، ويبدأ الطريق من منطقة فم الخليج حيث مشهد زين العابدين الذي يضم رأس زيد بن علي أو كان منزل علي زين العابدين في مصر عندما جاء ليزور عمته زينب بنت علي فى بعض الروايات وينتهي الطريق بمشهد السيدة زينب بالقاهرة بالإضافة إلى مزارات أخرى في مواقع مختلفة مثل مقبرة فاطمة النبوية في منطقة النبوية.

ونوه ريحان إلى مقامات أهل البيت ومنها مقام سيدى على الجعفرى رضى الله عنه هو ابن جعفر الصادق بن سيدى محمد الباقر بن على زين العابدين بن مولانا سيدنا الحسين وبهذا يرجع نسبه إلى بيت على بن أبى طالب وشقيق السيدة عائشة التى يوجد مسجدها بالميدان ومقام السيدة عاتكة رضى الله عنها وهى بنت عمرو بن نفيل القرشي.

ومسجد ومقام السيدة رقية بنت الإمام على الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين رضى الله عنهم ومقام السيدة رقية ومسجد ومقام السيدة سكينة بنت الإمام الحسين جدها الرسول واسمها الحقيقى آمنة ولدت ٤٧ هجرية ولقبت بسكينة لأنه يغلب عليها حالة هدوء وسكينة.

ويروي ريحان أن السيدة سكينة جاءت إلى مصر بعد موقعة كربلاء مع السيدة زينب وفاطمة النبوية وسكنّ فى درب السباع «شارع الأشراف» وكان عمرها 13 سنة ومقام ابن سيرين صاحب كتاب تفاسير الأحلام «سيدى عبدالغنى عبدالله البلاسى» ويرجع نسبه إلى آل البيت وقد لقب ابن سيرين لحبه الشديد لأمه السيدة «سيرين» أخت مارية القبطية زوجة الرسول (ص) وأبوه حسان بن ثابت شاعر الرسول.

وتابع: مصر تشرف بوجود مسجد وضريح السيدة نفيسة رضي الله عنها، وهي نفيسة العلم، ابنة الحسن الأنور بن زيد بن الحسن، حفيدة الرسول، ولدت بمكة وأقامت في مصر سبع سنين، وحينما شعرت بدنو أجلها حفرت قبرها بيدها في بيتها وحينما توفيت أراد زوجها نقل جثمانها إلى المدينة المنورة فطلب أهل مصر أن تظل مدفونة بأرضهم وعرضوا عليه الأموال فرفض ولم يرضخ إلا برؤية من الرسول يقول له «رد عليهم أموالهم وادفنها عندهم»، وكان أول من بنى ضريحًا للسيدة نفيسة هو عبيد الله بن الحكم والي مصر في عهد الدولة الأموية ثم أعيد بناؤه في عهد الدولة الفاطمية بعد إقامة قبة عليه.