الدراسة التي أعدها اتحاد الغرف التجارية في وقت سابق، والتي تناولت سياسات الرقابة والتفتيش والغرامات على القطاع الخاص تأتي انطلاقا من الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، إذ بلغت مساهمته زمن إعداد الدراسة بنحو 51%، ويساهم في توظيف ما نسبته 54.5% من إجمالي السعوديين العاملين في المملكة، كما بلغ عدد منشآت القطاع الخاص أكثر من مليون منشأة، تمثل منشآت قطاع تجارة الجملة والتجزئة النسبة الأعلى من بينها بنسبة بلغت نحو 46.9% من إجمالي منشآت القطاع، فيما جاءت الدراسة لتسلط الضوء على أحد أهم التحديات التي تواجه القطاع الخاص، وهي سياسات الرقابة والتفتيش والغرامات الحكومية على القطاع الخاص، وذلك بتسليط الضوء على الرسوم الحكومية والغرامات التي تفرضها الجهات الحكومية على القطاع الخاص، وتحليل واقع آليات الرقابة والتفتيش والغرامات.
أربع أساسيات
وبحسب تحليل نتائج الدراسة تبين أن التحديات تتمحور حول أربع أساسيات أولها «أسلوب الرقابة» إذ إن آلية رصد المخالفات وإصدار المخالفات المتبعة وقت ما قبل الدارسة لا تتوافق مع مبدأ التشاركية والتكامل بين القطاع العام والخاص، لا تتبع الجهات الحكومية أحياناً آلية التدرج في تطبيق المخالفات ابتداءً من التوجيه وإيضاح الخالفة وإعطاء مهلة للتصحيح، ثم إنذار خطي للمنشآت، ثم فرض غرامة. وعلى صعيد إجراءات الرقابة فإن العديد من الجهات تسعى لتطوير سياستها واشتراطاتها بما يساهم في بيئة الأعمال، ولكن لم تأخذ في الاعتبار ظروف وأوضاع المنشآت أو القطاعات كحجم المنشأة، ومنطقتها الجغرافية، كما أنه لا يوجد آلية للتطبيق التجريبي للأنظمة واللوائح المحدثة والجديدة، ودراسة أثرها على منشآت القطاع الخاص، فضلاً عن وجود تداخلات بين الجهات في الإجراءات والأنظمة بسبب ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية في بعض الأنظمة والاشتراطات، وفيما يخص آلية التفتيش فإنها لا تتناسب مع مبدأ تمكين ودعم القطاع الخاص، لذا تكمن الحاجة للتحول في آليات التفتيش لدى الجهات الحكومية ليصبح المفتش شريكا ومطورا للمنشآت، حيث يوجد تفاوت لدى المفتشين في قياس المخالفة وفرضها بين مفتش وآخر، كما يوجد تجاوز لدى بعض المفتشين لدورهم في آلية التفتيش.
توصيات
أما فيها يتعلق بقيمة الغرامات فإن الجهات الحكومية تعمل على تطوير لوائح الغرامات والمخالفات بهدف رفع مستوى الامتثال بالأنظمة والاشتراطات، إلا أن قيمة الغرامة المفروضة تعتبر مرتفعة مقارنة بحجم المخالفة، كما أن قيمتها لا تتناسب مع حجم وطبيعة المنشأة والمنطقة الجغرافية، وعدم وجود تدرج فيها.
وانتهت الدراسة بجملة من التوصيات ومن ذلك إيجاد آلية مناسبة لإشراك القطاع الخاص من خلال اتحاد الغرف في دراسة لوائح الرسوم والغرامات التي تفرض على المنشآت التجارية قبل صدورها، وإعادة النظر في قيم الغرامات على أن تتناسب مع حجم المخالفة وطبيعتها وعمل المنشأة، وإيجاد آلية لوضع إنذارات قبل إيقاع الغرامة، والتدرج في قيمة المخالفة، وأهمية مراجعة سياسات التخصيص في جانب الرقابة على المنشآت الاقتصادية، وضرورة الارتقاء بوظيفة المفتش لمستوى عالٍ من المهنية وفق أفضل الممارسات.
يذكر أن عددا من الجهات الحكومية بدأ في وقت سابق في مراجعة قيمة المخالفات التي تندرج ضمن اختصاصها الرقابي و الإشرافي، إلا أن مشكلات تتعلق بالآلية والتفتيش لا زالت تشكل تحدياً للقطاع الخاص.