من”طالبان إلى طالبان” ..كتاب جديد لـ”خالد منصور”

يصدر كتاب “من”طالبان إلى طالبان” نهاية هذا الشهر للكاتب المصري خالد منصور عن دار المرايا للثقافة والفنون. ويستعرض الكتاب تاريخ أفغانستان من خلال مشاهدات الكاتب خالد منصور الذي عمل في مجال الاغاثة وراقب البلد وطاف بها لما يزيد عن ثلاث سنوات اثناء وبعد الحقبة الأولي لحكم طالبان ثم استمر في دراستها والتعلق بها لأعوام كثيرة فيما بعد. ويركز الكتاب على الأربعين عاما الأخيرة في تاريخ أفغانستان منذ الغزو السوفيتي ثم سنوات الجهاد ونشأة طالبان ثم الاحتلال الأمريكي واسقاط طالبان حتى عودتها مرة أخرى في 2021. وغالبا ما أثر التكوين القبلي المعقد في أفغانستان وتتابع النزاعات الأهلية والتدخلات الخارجية من بريطانيا وروسيا وباكستان والولايات المتحدة وغيرها على إمكانية إنتاج عمل يوضح فعلا جذور الأوضاع السياسية والاجتماعية الراهنة في أفغانستان. 
ويسعى هذا الكتاب إلى تقديم لمحة عن أفغانستان كما عشتها مباشرة أو كما عرفتها من قراءات عديدة حول تاريخها الحديث والمعاصر ومقابلات كثيرة مع أفغان او خبراء بالبلد. ويمزج الكتاب كل هذا مع مشاهداتي في رحلاتي لانحاء أفغانستان لأقدم مقتطفات من الحياة اليومية وتركيبة المجتمع الأفغاني التي ازدادت تفتتا خلال عقود من الحرب والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والعرقية والتدخلات الأجنبية سواء من العواصم الإقليمية أو الغربية أو من جانب منظمة الأمم المتحدة التي عملت بها.

وبهذه المناسبة نشر موقع Daraj Media جزء من فصل قندهار هذا الاسبوع ليعطيكم نافذة على الكتاب ويغريكم بمواصلة القراءة عن طريق شراءه خلال معرض القاهرة للكتاب او من دار المرايا او المكتبات في مصر وبعدها في المنطقة ثم اونلاين. هذا رابط الجزء على موقع درچ https://daraj.com/85073/

وهاتان فقرتان من هذا الجزء:
“وصلنا منزل حاكم قندهار، الملا محمد حسن رحماني، وهو من المجاهدين الأوائل منذ الثمانينات ولديه على ذلك دليل: ساق صناعية عوضاً عن تلك التي فقدها بسبب لغم أرضي، أثناء هجوم على قاعدة سوفييتية. وجلس إلى جانبي رجل أفغاني غير ملتحٍ، ويرتدي بدلة كاملة، وربطة عنق حمراء محلاة بزهور كبيرة، تدلت أمامه عندما انحنى ليلتقط المزيد من حبات العنب أثناء حديثه إلى رجال “طالبان” الذين كانوا يملأون الحجرة. كان يحاول أن يبيعهم خطة لإعادة تأهيل بضعة مصانع كانت في قندهار. قال لي إنه كان وزير الصناعة في عهد الملكية ويبيع خدماته الآن لحكام “طالبان”. قدموا لنا فواكه مجففة رائعة المذاق وهو ليس غريباً على بلاد كانت في سنوات استقرارها توفر نصف استهلاك العالم من العنب المجفف وكماً هائلاً من الفواكه الأخرى. 

أطلعنا الملا حسن عندما حل موعد اجتماعنا على تقريرنا المبدئي حول أثر الجفاف المروع في منطقة قندهار والمناطق المجاورة. ومثل بقية رجال “طالبان” الذين التقيناهم هوَن الملا حسن من المشكلة. كان يرى الحل في المزيد من المساعدات الدولية، وقال إنه لو رفعت الأمم المتحدة والدول الكبرى العقوبات المفروضة على أفغانستان، لما كانت مشكلة الجفاف بهذه الحدة. في الحقيقة لم تكن العقوبات السبب الرئيس، بل عقود الحرب الأجنبية والأهلية وحروب الوكالة وضعف الاقتصاد الوطني وانهيار الزراعة صاحبة النصيب الرئيس من الدخل القومي بسبب هذه الاضطرابات كلها. كان الجفاف مثل الضربة الأخيرة القاضية في وجه ملاكم يترنح.

وفي رحلتي التالية إلى قندهار، كان الملا حسن قد اختفى، وحكومة الرئيس الجديد حامد قرضاي تحاول فرض النظام بقليل من النجاح، وكان هناك بصيص واضح من الأمل في المدينة. وبعد وجبة العشاء في مقر منظمة دولية، جلست على الأرض أنا وأحد خبرائها الذي كان يرتدي صدرية أفغانية مطرزة. وكان الرجل صاحب خبرة طويلة في قندهار ويرى أن الأفغان تعبوا من الحرب والقتال، وهم سعداء بالتغيير بعد ذهاب “طالبان” وإن كانوا قلقين بعض الشيء. ولخص الموقف قائلاً: “كانت الحملة الأميركية ناجحة عسكرياً، لكنها كانت كارثة بمقاييس الأوضاع الإنسانية وحقوق الإنسان”.”