“من هنا إلى القبر”.. مواجهات بين فلسطينيين والاحتلال في الشي


09:38 م


الإثنين 17 يناير 2022

القدس – (بي بي سي)

اشتبكت الشرطة الإسرائيلية، وأفراد عائلة فلسطينية، هي عائلة صالحية، بعد أن تحصنوا على سطح منزلهم في حي الشيخ جراح المتنازع عليه في القدس الشرقية المحتلة، على خلفية مصادرة بلدية القدس الأرض، التي بني عليها المنزل، بدعوى استخدامها لبناء مدرسة.

وهدد محمود صالحية، أحد أفراد العائلة، بحسب وكالة رويتر للأنباء، بتفجير اسطوانة غاز، وقال وهو يقف على سطح المبنى محاطا بعبوات الغاز: “سأحرق المنزل وكل ما فيه، لن أرحل من هنا، من هنا إلى القبر، لأنه لا توجد حياة ولا كرامة”.

وأضاف: “أقاوم معهم الإخلاء منذ 25 عاما، أرسلوا لي مستوطنين عرضوا شراء المنزل ورفضت”.

وسعت الشرطة الإسرائيلية إلى إقناع الرجل وأطفاله بالنزول من فوق السطح، لكن العائلة رفضت وطالبت بتأجيل قرار إخلائهم حتى جلسة المحكمة الأحد المقبل.

وقالت أليغرا باتشيكو، من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، إن السلطات الإسرائيلية تتصرف بشكل غير قانوني.

وأضافت: “هدم وإجلاء المدنيين من الأراضي المحتلة انتهاك للقانون الدولي طالما أنه لا ينطوي على ضرورة عسكرية. وبناء عليه لا نرى أي سبب عسكري لأية عمليات إخلاء وهدم ونطالب الحكومة الإسرائيلية بوقف كل هذه الإجراءات التي تبدو وكأنها انتهاك للقانون الدولي”.

وقالت: “نحن قلقون للغاية ونأمل ألا يكون هناك أي ضرر قد يلحق بهم (عائلة صالحية) أو ممتلكاتهم”.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بحسب وكالة فرانس برس للأنباء، أن محمود صالحية هدد بإضرام النار في نفسه في حالة تنفيذ أمر الإخلاء من منزله في منطقة الشيخ جراح.

وتواجه عائلة صالحية تهديدا بالإخلاء منذ عام 2017، عندما تم تخصيص الأرض التي يقع فيها المنزل لبناء مدرسة.

وكان العشرات من رجال شرطة مكافحة الشغب قد حاصروا المنزل منذ الصباح الباكر خلال مواجهة استمرت لساعات، بحسب وكالة رويترز للأنباء، كما أُغلقت الطرق حول المنطقة الواقعة على بعد كيلومتر واحد شمال أسوار البلدة القديمة بالقدس، التي شهدت اندلاع اشتباكات العام الماضي بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود.

وأصدرت الشرطة وبلدية القدس بيانا مشتركا قالا فيه إن مفاوضين توجهوا إلى المنزل فجر يوم الاثنين لتنفيذ أمر إخلاء بعد أن تجاهلت عائلة صالحية “فرصا لا حصر لها” لإخلاء الأرض كما أمروا.

وقالت الشرطة إن “مفاوضيهم” كانوا في منزل عائلة صالحية بعد أن بدأ العديد من سكان المنزل “بتحصين أنفسهم بعبوة غاز ومواد أخرى قابلة للاشتعال”.

وقال شهود عيان لوكالة فرانس برس للأنباء إن اشتباكات حدثت بين قوات الأمن وسكان محليين بعد وصول الشرطة، لكن حدة تلك الاشتباكات تراجعت بعد ذلك.

وقال عبد الله عكرماوي، أحد أفراد عائلة صالحية، من سطح المنزل: “نحن في هذا المنزل منذ خمسينيات القرن الماضي”.

ونقلت عنه منظمة لجنة الشيخ جراح قوله: “ليس لدينا مكان نذهب إليه”، مضيفا أن العائلة مكونة من 15 شخصا، من بينهم أطفال.

وشهد العام الماضي اندلاع حرب في غزة، استمرت 11 يوما بين إسرائيل والفلسطينيين، أججها الغضب في حي الشيخ جراح حيث تقاوم عائلات أوامر بإخلاء منازلهم.

ويواجه المئات من الفلسطينيين أوامر طرد من منازلهم في حي الشيخ جراح وأحياء أخرى في القدس الشرقية.

“توجد مساحات كثيرة”

وتتفاوت الأسباب التي تستند عليها قرارات الإخلاء، من بينها، على سبيل المثال، رفع إسرائيليين دعاوى قضائية للمطالبة باسترداد الأرض التي يقولون إنها أُخذت بشكل غير قانوني خلال حرب عام 1948.

ويرفض الفلسطينيون تلك الادعاءات، ويقولون إن منازلهم جرى شراؤها بطريقة قانونية من السلطات الأردنية التي سيطرت على القدس الشرقية بين عامي 1948 و1967.

وقدمت سبع عائلات فلسطينية في الشيخ جراح طعونا قضائية إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد تهديدات الإخلاء، ليس من بينهم عائلة صالحية.

وانتقدت لورا وارتون، عضو مجلس مدينة القدس، التي كانت في موقع تنفيذ الإخلاء، تصرفات بلدية القدس.

وقالت: “كان بوسعهم بناء المدارس في نفس الأرض دون نقل العائلات، توجد مساحات كثيرة”.

وأضافت وارتون: “من المؤسف أن البلدية هي التي تفعل ذلك، وليس بعض المستوطنين المتطرفين”.

ومن المقرر أن تلتقي وارتون عائلة صالحية في وقت لاحق.

واحتلت إسرائيل القدس الشرقية في حرب الأيام الستة عام 1967 وضمتها لاحقا، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

ودخل ما يزيد على 200 ألف مستوطن يهودي المنطقة منذ ذلك الوقت، مما أثار التوترات مع الفلسطينيين الذين يطالبون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم.

جذور القضية

بدأت المعركة القضائية، التي تمتد لسنوات، من جانب منظمات استيطانية يهودية تسعى إلى “استعادة ملكية أراض كان يملكها اليهود” في القدس الشرقية قبل تأسيس دولة إسرائيل في 1948.

ويقول السكان الفلسطينيون إن الأردن منحهم منازل على الأرض بعد أن تم طردهم من بلداتهم التي أصبحت جزءاً مما بات يعرف بإسرائيل.

وفي العام 1956، عندما كانت القدس لا تزال تحت الإدارة الأردنية أجرّت السلطات الأردنية قطعاً من الأرض لعائلات فلسطينية، وقامت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ببناء منازل لهم عليها. ووعدت الحكومة الأردنية في حينه بتسجيل الأرض بأسمائهم، لكن العملية لم تتم حيث احتلت إسرائيل القدس بعد حرب 1967 وضمتها، فيما بعد، في خطوة لم تحظ باعتراف معظم المجتمع الدولي.

وفي العام 1970، سنت إسرائيل قانونا يتيح لليهود استعادة ملكية “أراضيهم التي خسروها في العام 1948 في القدس الشرقية”، حتى لو كان يعيش عليها فلسطينيون. لكن هذا الخيار غير متاح للفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم وممتلكاتهم.

وسبق أن أصدرت محاكم إسرائيلية قرارات بأحقية مجموعة مستوطنين، في المنازل التي بنيت على أراض كان يملكها يهود قبل حرب 1948 في منطقة الشيخ جراح.