كشف موقع “واللا” العبري في تقرير يدعي فيه كواليس إنشاء كتيبة جنين في مايو (أيار) 2021 بدعم من حركتي الجهاد وحماس، وإيران، مشيراً إلى أنها تتمتع بدعم من الشارع في الوقت الذي تضعف فيه قبضة السلطة الفلسطينية.
وقال “واللا” تحت عنوان “تهدد الجيش الإسرائيلي وتتحدى الشاباك.. هكذا نشأت كتيبة جنين المسؤولة عن الهجمات”، أنه بعد أيام قليلة من اختطاف مُسلحين من الكتيبة جثة الإسرائيلي، تيران بيرو، الذي توفي إثر حادث سير، استدعى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مسؤولين من فتح لمناقشات مُهمة في رام الله. وحسب صحافيين فلسطينيين، قدر أمين سر فتح في جنين، عطا أبو رميلة، أن أبو مازن سيطلب منه حل لتلك القضية بعد إعادة الجثمان إلى عائلته في إسرائيل بتنسيق أمني ومنع عملية واسعة النطاق للجيش الإسرائيلي.
وخلافا لهذا التقدير، بدأ أبو مازن النقاش بانتقاد لاذع لأبو رميلة، واصفاً أداءه بـ”الفاشل”. وزعم أنه يسبب الفوضى في جنين. وأضاف الموقع “هناك مزاعم عن شتم وغضب شديد من أبومازن، ما أثار استغراب المشاركين في الاجتماع”.
وحسب مصادر فلسطينية، فإن ما أغضب أبو مازن هو تراخي كبار المسؤولين في فتح وكبار المسؤولين الأمنيين في مواجهة مسلحي كتيبة جنين من المخيم.
وحاول أبو رميلة الدفاع عن نفسه، لكن أبو مازن عارضه وواصل الانتقادات، وقال عبد الله أحمد أبو تين، أحد كبار مديري وزارة الصحة الفلسطينية، وعضو فتح، الذي قتلته قوات الجيش الإسرائيلي وهو يحمل سلاحاً، قائلاً: “إنها ليست سياستي.. منذ متى يحمل أحد أعضاء فتح السلاح؟ هل هذا ما طلبته منك؟”.
وزعم الموقع، أن أبو مازن قال في النقاش إن الأجهزة الأمنية، لا تسيطر فعلاً على جنين، ورد أبو رميلة بأنه يتعامل ورجاله مع كمية كبيرة من الأموال المتدفقة إلى المسلحين في مخيم جنين من الخارج وغزة.
البداية
وحدد جهاز الأمن العام الإسرائيلي “شاباك” بداية إنشاء كتيبة جنين في وقت مبكر من مايو (أيار) 2021، حيث جمع جميل العموري من حركة الجهاد حوله عدداً من المسلحين لتنفيذ هجمات على المدنيين الإسرائيليين، وتقويض أي محاولة من الجيش الإسرائيلي، لاختراق المنطقة.
وأضاف الموقع أنه في ذلك الوقت كان الجناح العسكري لحركة حماس، يداوي جراحه بعد هجمات من الجيش الإسرائيلي بعد تخريب البنية التحتية، وتدمير أسلحته، وقتل نشطائه الكبار في قطاع غزة،.
ورغم ذلك قرر الترويج للعنف في إسرائيل بينما تعهد لمصر بالحفاظ على السلام في قطاع غزة.
وتابع الموقع أن “يحيى السنوار حوّل أموالاً كثيرة إلى مقاتلي جنين، كما فعّل مقرات حماس في لبنان وتركيا وحتى مع الإيرانيين، وتُرجم المبلغ الكبير بسرعة كبيرة إلى شراء أسلحة وذخائر، ثم تنفيذ إطلاق النار”.
عملية الشاباك
ويقول الموقع إنه في يونيو (تموز) 2021، تمكن الشاباك من اعتراض السيارة التي كان يستقلها العموري ونشطاء كبار آخرون في مخيم جنين للاجئين، حيث نصبت قوة من الجيش الإسرائيلي كميناً للمسلحين، ما أدى إلى مقتله وإصابة أحد كبار المسؤولين بجروح خطيرة.
وبعد الهجوم المضاد الذي استهدف العموري، قررت كتيبة جنين ألا تُعين قائداً جديداً، لأنه سيكون الهدف الموالي.
كسب التعاطف
وفقاً لـ”واللا”، تركت العملية صدى إعلامياً، وبدأت الكتيبة كسب التعاطف على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع هروب السجناء الأمنيين الستة، بينهم زكريا الزبيدي من سجن جلبوع، وتابع “انتشرت رسالة يومها عن دعوة من عناصر الكتيبة الهاربين للتحول إلى مخيم جنين للحصول على مأوى”.
نشاط متزايد
في ذلك الوقت حصل قائد فرقة الضفة في الجيش الإسرائيلي، آفي بلوت، على مراجعة استخباراتية معمقة عن كتيبة جنين والنشاط المُسلح حول المخيم، لكنه سرعان ما لاحظ أنها كانت تنتقل من المخيم إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية. وفي أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2021، نفذت القوات الإسرائيلية هجوماً من عدة اتجاهات، بعد تحديد منازل المُسلحين.
موجة من التصعيد
في فبراير(شباط) الماضي، وحتى قبل التصعيد الكبير وإطلاق عملية “كاسر الأمواج” الإسرائيلية، تعاون الشاباك وفرقة الضفة الغربية في العمليات المستهدفة في جنين ونابلس.
وبعد ذلك اعترف بلوت بأنه فوجئ بموجة التصعيد بعد شهر، في مارس (آذار) الماضي، وتحديداً بعد هجمات لداعش الإرهابي في النقب، التي كانت مصدر إلهام للمسلحين في مخيم جنين، فنفذوا بعدها عمليات هجومية في إلعاد، وبني براك، وتل أبيب.
سلسلة من العمليات
لاحقاً، شنت قوات الجيش الإسرائيلي والشاباك سلسلة عمليات في قلب مخيم جنين للإضرار بالمسلحين وتكبيدهم ثمناً باهظاً. وقال رئيس الأركان أفيف كوخافي في محادثات مغلقة إن هناك خططاً لعملية واسعة في جنين، وأنه لن يتردد في إطلاقها إذا كانت العمليات المستهدفة غير فعالة وزادت الهجمات.
ووفقاً للموقع، يبلغ عدد أعضاء الكتيبة في المخيم حالياً نحو 150 مُسلحاً، يعملون دون قائد، بعد تصفية الذين خلفوا العموري بيد القوات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الكتيبة تستفيد من ملايين الشواقل التي تتدفق عليهم.
وأوضح مسؤول أمني إسرائيلي، أن الشغل الشاغل للجهاز الأمني ليس دعم أهالي المُخيم للمسلحين، بل تحول الكتيبة من مُجرد مجموعة من المُسلحين إلى كيان منظم.