نشر صورة اللجنة العسكرية المشتركة للجيشين الإسرائيلي والمصري “حدث غير مسبوق”

يولون في إسرائيل أهمية كبيرة لموافقة مصر على نشر صورة لأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة لجيشهما، في أعقاب التوقيع على اتفاق يسمح بنشر قوات مصرية في سيناء، يوم الأحد الماضي. ويعتبرون أن إدخال إسرائيل ضمن مسؤولية القيادة الوسطى للجيش الأميركي، بعد أن كانت ضمن مسؤولية قيادة أوروبا في هذا الجيش، هو تطور إيجابي. كذلك يعتبرون في إسرائيل أن القاسم المشترك لهذين التطورين هي اتفاقيات التحالف وتطبيع العلاقات بين إسرائيل وبين الإمارات والبحرين خصوصا، التي يطلق عليها تسمية “اتفاقيات أبراهام”.

ووصف المحلل العسكري في صحيفة “يسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، اليوم الجمعة، موافقة مصر على نشر صورة أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة بأنه “حدث غير مسبوق. فحتى الآن حرص المصريون على الحفاظ على العلاقات بين الدولتين، وخاصة العسكرية، في الخفاء. الزيارات المتبادلة تجري بانتظام، لكن بالنسبة لمصر – مثلما هو الحال بالنسبة للأردن – كان مريحا أن تبقى في الظلال. وهكذا هم سيستفيدون من التعاون، لكن لا يُغضبون أي أحد في دولهم أوم المنطقة”.

ونقل ليمور عن مسؤول إسرائيلي قوله إن “اتفاقيات أبراهام غيرت هذا الوضع. ويرى المصريون والاردنيون علاقاتنا مع دول الخليج، ولا يريدون البقاء في الخلف”. وبحسب ليمور، فإن “هذا هو السبب أيضا الذي دفع المصريين إلى التعبير علنا عن تعديل الاتفاق الذي وُقع هذا الأسبوع: لقد أرادوا الصعود إلى العربة، وأن يكونوا جزءا من الخطوة الإقليمية”.

وأضاف ليمور أنه “بالطريقة نفسها ينبغي النظر إلى الخطوات الأخيرة التي يقودها ملك الأردن؛ ورغم أن جزءا منها سياسي ونابعة من تحسن العلاقات بعد العداء المعلن الذي كان سائدا بين الملك وبنيامين نتنياهو، لكن قسما منها إستراتيجية، فالتعاون العملياتي والاستخباراتي بين إسرائيل والأردن بالغ الأهمية لاستقرار الأردن، وكذلك لأمن إسرائيل”.

وتابع ليمور أن “للجيش الإسرائيلي والشاباك والموساد علاقات متشعبة في مصر والأردن، ومعظمها سرية. ومقابل الشركاء الجدد في الإمارات والبحرين يتم بناء العلاقة تدريجيا: زيارة قائد سلاح الجو الإماراتي قبل أسبوعين للمناورة الجوية الدولية ’العلم الأزرق’ غير مسبوقة. وحقيقة أن الزيارة كانت علنية، هي ليست فقط دليل على عزم الإماراتيين التعاون مع إسرائيل، وإنما على رغبتهم بأن يشاهد هذا الأمر من أجل نقل رسالة إقليمية واضحة”.

ووصف ليمور الولايات المتحدة بأنها “عرابة هذه العلاقات العسكرية الجديدة من وراء الكواليس، وتمد الجسور بين إسرائيل وجهات أخرى في المنطقة. ومن أجل تسهيل ذلك، ونتيجة لاتفاقيات أبراهام، انتقلت إسرائيل من مجال مسؤولية قيادة أوروبا في الجيش الأميركي إلى مسؤولية قيادة المنطقة الوسطى للجيش الأميركي”.

واعتبر أن “انتقال إسرائيل، في كانون الثاني/يناير الماضي إلى قيادة المنطقة الوسطى للجيش الأميركي، أدخل الأمور غلى مسارها الطبيعي. وإسرائيل الآن هي جزء من المنطقة. والمسؤول عنها في الجيش الأميركي هي قيادة المنطقة الوسطى المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط كلها، ويجري التنسيق بين الأطراف الآن بخطوط قصيرة وناجعة. ولقد تم التعبير عن ذلك في التحركات العملياتية الدائمة، المعلنة والسرية، ولكن ليس فيها فقط: الراعي الجديد (اي قيادة المنطقة الوسطى) يسمح بتعاون جديد، معه ومع الأخرين” في الدول ضمن مجال قيادة المنطقة الوسطى.

“حلف ناتو شرق أوسطي”

وأشار ليمور إلى أن “قيادة المنطقة الوسطى للجيش الأميركي لا تعمل لصالح الجيش الإسرائيلي. وللأميركيين مصالح خاصة بهم، لا تتطابق دائما مع مصالح إسرائيل. ورغم أن التفاهم والتنسيق بين الجيشين وثيق وحميمي، فإن هذا ليس الوضع في المستوى السياسي، ويخدم في قيادة المنطقة الوسطى جنود يتلقون أوامرهم من السياسيين في واشنطن”.

ولفت ليمور إلى أن هذا هام للغاية بما يتعلق بإيران، لكنه ادعى أن نظرة ضباط الجيش الأميركي إلى “التهديد الغيراني” مطابقة لنظرة الضباط الإسرائيليين. “كما أن اختلافات الرأي المهنية التي سادت في الماضي تبددت. والجيش وأجهزة الاستخبارات الأميركية يتفقون مع إسرائيل على أن إيران هي تهديد عالمي، وأنها تكذب بما بتعلق ببرامجها وأفعالها”.

وبحسب ليمور، فإنه “خلال اللقاءات المغلقة التي عُقدت مؤخرا، حصل المشاركون الإسرائيليون فيها على انطباع بأنه لو كانت الأمور متعلقة بالمؤسسة (الأمنية) الأميركية، لكانت الرسالة تجاه إيران أشد بكثير، وبضمنها إمكانية معلنة لاستخدام القوة العسكرية من أجل إزالة التهديد”.

وفيما تسعى إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى العودة إلى المحادثات مع إيران حول الاتفاق النووي، فإن إسرائيل تعتبر، بحسب ليمور، أن “الوضع يستوجب تعديدا علنيا ورفع سوط تجاه إيران، وعلى الأقل إعداد خطة مشتركة أميركية – إسرائيلية – أوروبية حول كيفية التصرف في حال فشل المحادثات”، أي أن إسرائيل تحض على وضع خطة لهجوم عسكري ضد إيران دون انتظار نتيجة المحادثات، وهو ما ترفضه الإدارة الأميركية والدول الأوروبية الكبرى المشاركة في المحادثات النووية مقابل إيران.

وتابع ليمور أن “الإدارة الأميركية، كعادتها، تعرف كيف تعوض إسرائيل بطرق اخرى، والتعاون الآخذ بالتطور مع قيادة المنطقة الوسطى للجيش الأميركي هو أحد أشكال التعويض”.

واضاف ليمور أن إسرائيل معنية بمشاركة الإمارات في مناورات عسكرية تجريها إسرائيل والولايات المتحدة. “واحتمال ذلك بالنسبة لمصر والاردن ضئيل بسبب المعارضة الشعبية فيهما للعلاقات مع إسرائيل. لكن خطواتهما الأخيرة تنقل رسالة واضحة: إنهما تنظران إلى العلاقات مع إسرائيل أنها كنز إستراتيجي، وهما معنيتان أن تكونا جزءا من المحور الجاري تشكيله في المنطقة، والذي يصفه البعض بأنه ’ناتو شرق أوسطي’”.

وخلص إلى أنه “في فترة المفاوضات حول الاتفاق النووي، سيمنح إطار إقليمي كهذا، وربما تنضم إليه السعودية ودول أخرى في المستقبل، إسرائيل بوليصة تأمين هامة، ويضع محورا قويا ومتحديا مقابل إيران أكثر مما كان عليه الوضع في الماضي”.