طمأن نصر الله أنصاره وحلفاءه على صحته، كما طمأنهم أنه مستعد لاقتحام إسرائيل بعدما سبق كلامه شريط فيديو لعملية اقتحام افتراضية، تقوم بها فرق النخبة في الحزب داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديداً في الجليل. وطمأن أيضاً على أن ما فعله قاسم سليماني أثره فيما وصلت إليه الأحوال المزرية في سورية والعراق ولبنان واليمن.
أمر وحيد لم يطمئن نصر الله بإطلالته اللبنانيين عليه، وهو كيف ستكون صحة مرضاهم بخير مع نقص الدواء، وفقدان القدرة على شرائه؟ وكيف سيؤمّنون لقمة عيشهم وسط أزمات اقتصادية ونقدية لم يعرفها اللبنانيون من قبل؟
لقد أكد نصر الله في خطابه (الثلاثاء) أنه يريد رئيساً للجمهورية لا يطعن المقاومة بظهرها ولا يغدر بها، فيما المطلوب أن يكون للبنان رئيس من المؤكد أنه ليس بطعان ولا غدار، لكن من المؤكد أيضاً أنه رئيس قادر على حماية اللبنانيين من الطعنات والجوع وغدر الزمان. رئيس قادر أن يعيد إلى منازلهم ومعاملهم التيار الكهربائي، وقادر أيضاً على إعادة ودائعهم الضائعة في المصارف، وقادر أيضاً على أن يُشعرهم أنهم يعيشون تحت سلطة الدولة لا «الدويلة».
لم يطمئن حسن نصر الله كعادته اللبنانيين، بل أثار فيهم المزيد من القلق والخوف، لأن أولوياته تختلف تماماً عن أولوياتهم، أولوياته هي قاسم سليماني وما فعله، فيما أولوياتهم هي كيف سيبقون هم وعائلاتهم أحياء في هذا العام الجديد؟
اللافت في الفيلم الافتراضي الذي أنتجه إعلام الحزب عن عملية اقتحام للجليل الأعلى، أن المقاتلين انطلقوا من لبنان حيث لا ضوء في محيط الجدار الحدودي، فيما كان الجليل مضاء بالكهرباء كما كل البلدان.
لقد ترك قاسم سليماني الكثير من الخراب والدمار، لقد ترك عواصم عربية مدمرة عند الليل مظلمة مقطوعة فيها المياه، لا محروقات للسيارات، ولا رغيف خبز للفقراء. لقد ترك خراباً وأحقاداً سيحملها الناس سنوات طويلة وجراحاً غير قابلة للشفاء.