فعلا حتى الشيطان بكل وقاحته ومكره وشره لا يستطيع أن يتفوق على الكيان الإسرائيلي الذي يقتل الشعب الفلسطيني بدم بارد حاقد، ثم يحاضر بكل ثقة منقطعة النظير عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في أوكرانيا وشيطنة بوتين ووصفه بالسفاح هتلر.
علاقة الكذب بالسياسة معضلة أخلاقية قديمة قدم الوجود الإنساني والممارسة السياسية وهذا ما جعل جاك دريدا ينجز بحثا يستحق القراءة حول تاريخ الكذب.
لكن الذي غفله دريدا أن الجغرافية تكذب أكثر من التاريخ في الأزمنة المعاصرة، والأمثلة كثيرة فحين تدعي إسرائيل أن الجغرافية الفلسطينية في ملكيتها وتواصل عمليات الاقتلاع النازية للشعب الفلسطيني والقيام بترسانة رهيبة من آليات طمس الهوية والحضارة الفلسطينية وصناعة هوياتية إسرائيلية قسرية، بمباركة أمريكا وكل بياديقها بمختلف تلاوينهم الحربائية، ثم تبكي بدموع تماسيحية مفضوحة حول الفواجع والمواجع الإنسانية في أوكرانيا، فهذه من علامات الساعة الكبرى.
طبعا من المنطقي والأخلاقي والإنساني أن نرفض اجتياح روسيا لأوكرانيا، وعدم التطاول على الطبيعي للبشر في الحياة. لأن الاعتداء على إنسان واحد بمثابة قتل البشرية جمعاء، (فكأنما قتل الناس جميعا)، وهذه القاعدة الأخلاقية والقانونية تتسم بالعمومية والمساواة بين كل البشر دون تمييز، وإلا فقد القانون الدولي مصداقيته، وأصبح نسخة من قانون ساكسونيا، الذي كان يطبق بصرامة ونزاهة على الفقراء، ويتبخر حين يتعلق الأمر بالنبلاء، هكذا هي إسرائيل اليوم من فصيلة نبلاء ساكسونيا الذين يتبولون على القوانين، ويعطون الدروس في النبل والأخلاق.
المعضلة الأخلاقية الخطيرة اليوم كما قال الفيلسوف بودريار أن الشر أصبح يتمتع باستقلالية تامة، وهو انعكاس لنظام عالمي غير أخلاقي، وإذا كان العنف ظاهرة تاريخية فإن الجديد اليوم في زمن ضجيج التكنولوجيا الذكية والصواريخ الذكية والحروب الذكية، هو القابلية للإبادة الغبية للبشر بمسوغات ومبررات غبية، مادام الأغبياء هم من يحكم العالم الآن.
والله غالب على أمره.