مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وعدم ظهور أية بوادر لعودة المفاوضات والوصول إلى حلول لإنهاء القتال، أثار تلويح الرئيس فلاديمير بوتين باستخدام «جميع الوسائل» المتاحة، بما فيها السلاح النووي، المخاوف من احتمالات نشوب حرب نووية للمرة الأولى منذ عام 1945.
هذا التهديد دفع الإدارة الأمريكية إلى المسارعة في تشكيل فريق متخصص من مدنيين وعسكريين لتقييم مخاطر الإعلان الروسي وآثاره المحتملة، بل وحذرت واشنطن موسكو من أنه «لا يمكن الانتصار» في الحرب النووية.
فهل بوتين جاد في التهديد باستخدام السلاح النووي؟
خبراء ومراقبون سياسيون لا يرجحون إمكانية أن يقود بوتين العالم إلى كارثة نووية باللجوء إلى ترسانة السلاح النووي لدى بلاده، خصوصا إذا ما كان الهدف ضرب أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدين أنه في حال حدوث هذا السيناريو المرعب فإنه لا يمكن توقع نتائجه وآثاره المدمرة على العالم بأسره.
وبما أن روسيا القوة النووية الأولى في العالم، إذ تمتلك نحو 4500 رأس نووي بحسب معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، فإنها تمتلك أيضا ما يطلق عليه الأسلحة النووية «التكتيكية»، وتعتبر أقل قوة من قنبلة هيروشيما.
ومن ثم فإنهم لا يستبعدون أن يفجر بوتين سلاحا نوويا صغيرا خلال حربه مع أوكرانيا، أو ربما يستهدف منطقة تكون كثافتها السكانية منخفضة أو منشأة عسكرية، بهدف بث الرعب والترويع ومن ثم إجبار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الاستسلام، أو دفع أوروبا وأمريكا إلى الضغط على كييف وإقناعها بتقديم التنازلات لإنهاء الحرب، بحسب ما أوردت صحيفة «واشنطن بوست».
لكن ثمة سؤالا يتبادر إلى الإذهان: ما هو السيناريو الذي يمكن معه أن يغامر بوتين بالسلاح النووي؟
الإجابة المباشرة، أنه في حال تعرضت وحدة أراضي بلاده للعدوان أو التهديد، وهو ما لم يحدث، ولا يتوقع حدوثه في المنظور القريب، إلا إذا حدثت تطورات دراماتيكية في ضوء ما يعلن عن أنه تقدم أوكراني في جبهة الشمال الشرقي. أضف إلى ذلك أن الأوروبيين والأمريكيين ومع كل هذا التدفق لسلاحهم على كييف، فإنهم يتجنبون التصعيد مع روسيا، وهو ما ظهر في عدم إمداد زيلينسكي بالسلاح الهجومي أو الصواريخ النوعية في سيناريو يراه المراقبون مدروسا خشية ردة فعل بوتين والدخول في مواجهة مفتوحة مع الغرب لا تحمد عقباها. هذه المخاوف دفعت الولايات المتحدة إلى إيفاد مبعوثين وإرسال رسائل إلى موسكو لاستبعاد الخيار النووي تماما، إلا أنه ورغم كل ذلك فإن سيناريو تمدد الحرب أو توسع نطاقها يبقى مفتوحا خصوصا مع مرافقة التلويح النووي الروسي باستدعاء نحو 300 ألف عسكري من الاحتياط.