ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أنّ المحافِظة السابقة للبنك المركزي التابع للاحتلال الاسرائيلي، كارنيت فلوغ، قالت، إنّ عملة الشيكل “تذبذبت على نطاق واسع”، كما اتجهت نحو الانخفاض قليلاً، منذ أن تمكّن رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، من “تشكيل حكومة يمينية متشددة”.
وأفادت الصحيفة أنّ الشيكل كان يعتبر “عملةً قوية جداً”، وذلك بسبب تهافت المستثمرين ورجال الأعمال من جميع أنحاء العالم، للاستثمار في ما يسمى “الدولة الناشئة”، والتي كانت تعمل على تطوير قطاعات البرمجيات والذكاء الاصطناعي والمعدات الطبية والتكنولوجيا وغيرها.
كما لفتت إلى أنّ الشيكل كان في السنوات الـ 10 الأخيرة، وحتى نهاية عام 2022، أحد العملات القليلة للدول المتقدمة التي ارتفعت مقابل الدولار، إذ ارتفع 6% مقابل الدولار خلال هذه الفترة، بينما انخفض اليورو 19%.
وأشارت إلى أنّ الشيكل يميل إلى الانخفاض في الأيام التي تتقدّم فيها أجندة نتنياهو، وإلى الارتفاع عندما تكون أجندته في تراجع، مضيفةً أنّ قيمة الشيكل، انخفضت بنحو 2% فقط منذ بداية العام.
من جهته، قال مارك تشاندلر، كبير استراتيجيي السوق في “Bannockburn Global Forex”، إنّ أحد أسباب عدم انخفاض الشيكل أكثر، مقابل الدولار هو أنّ تجار العملات “اختاروا، سهواً أو عمداً، عدم التركيز على الوضع السياسي في إسرائيل”.
وأضاف تشاندلر أنّ “معظم الأشياء التي يمكن أن تسوء في إسرائيل لا تزال مجرد احتمالات وليست يقيناً”، مشيراً إلى أنّ تجار النقد الأجنبي “يتجاهلون أو يبالغون” بالأمور المتعلّقة بالسياسة الداخلية، متابعاً إنّهم: “يتجاهلون ذلك في حالة إسرائيل”.
ونبّهت الصحيفة إلى أنّ “أكبر أزمة اقتصادية لإسرائيل ليست متعلّقة بما سيحدث للشيكل خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، بل بمآل اقتصادها إذا حقّقت العناصر المتحالفة مع نتنياهو أهدافها”، مؤكدةً أنّ “أكثر ما يثير قلق الاقتصاديين هو عدم جاهزية تجار العملات لهذا الأمر”.
كذلك، قال إيتان شيشينسكي، أستاذ جامعي، إنّ هناك بعض التحذيرات المقلقة من أن “تركيز السلطة السياسية الواسعة في أيدي الجماعة الحاكمة، دون ضوابط وتوازنات قوية، يمكن أن يشل اقتصاد إسرائيل”.
بدوره، بعث محافظ “بنك إسرائيل” أمير يارون، في وقتٍ سابق اليوم، رسالةً إلى نتنياهو وأعضاء اللجنة المالية في الكنيست، دعا فيها إلى “الحفاظ على استقلالية المؤسسات، وإجراء تغييرات جوهرية بالتوافق فقط”، مشيراً إلى “المخاطر الاقتصادية التي تنطوي عليها التشريعات القضائية”.
و قال المعلق في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان إنه لا يمكن الثقة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معلقا أن إجبار المجتمع المدني الإسرائيلي رئيس الوزراء على تأجيل الإصلاحات القضائية كشف للولايات المتحدة وللمرة الأولى أن رئيس الوزراء في إسرائيل ليس شخصا عقلانيا بل ويمثل خطرا على الإسرائيليين والمصالح والقيم الأمريكية أيضا.
كل هذا يستدعي إعادة تقييم من إدارة بايدن والجماعات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة والذين أخبرهم نتنياهو “ثقوا بالعملية” و”ديمقراطية إسرائيل في عافية” وهمس أيضا “لا تقلقوا حول المتحمسين الدينيين ودعاة التفوق اليهودي، وأنا جلبتهم إلى السلطة لمساعدتي في منع محاكمتي بتهم الفساد. وسأحافظ على إسرائيل في إطار السياسة التقليدية والخارجية، فأنا نفسي، صديقكم القديم”.
كانوا يريدون الثقة به وكل ما حصلوا عليه هو الكذب. ومنذ اليوم الأول، كان واضحا للجميع أن الحكومة الإسرائيلية ستذهب إلى أعلى حالات التطرف التي لم تذهب إليها حكومة في السابق. وبدون دعامات حماية، كانت تريد أخذ الولايات المتحدة ويهود العالم إلى خطوط حمر لم تتخيل أنها ستجتازها، وربما زعزعة استقرار الأردن وتقويض اتفاقيات إبراهيم وقتل حل الدولتين وأخذ إسرائيل في الذكرى الـ 75 على إنشائها نحو الحرب الأهلية.
كانت الخطوة الأولى لتحقيق أجندة الحكومة هي التخلص من استقلالية المحكمة العليا، التي تعتبر آخر مؤسسة مستقلة تستطيع الحد من طموحات نتنياهو وشركائه المتطرفين في التحالف، وعبر عملية تم التستر عليها من خلال “إصلاحات قضائية”.
وبعد تركيع القضاء، كانت إسرائيل ستبدو مثل دولة يحكمها مستبدون. وقام نتنياهو وشركاؤه بالعمل على تحقيق السيطرة على المحاكم أكثر من أي هدف وأولوية تعهدوا بها، مما وضع إسرائيل على حافة الحرب الأهلية، وهو ما اعترف به نتنياهو في خطابه ليلة الإثنين. وعرض نتنياهو بعد تمرد غير مسبوق من قطاعات المجتمع المتنوعة والقوات العسكرية وحتى أعضاء في تحالفه، تأجيل عملية الاستيلاء على مؤسسات الدولة ومنح شهرا للتفاوض مع المعارضة من أجل البحث عن تسوية. وأهم ما بدا في كل هذا هو أن نتنياهو أصبح شخصية غير عقلانية على المستوى الدولي، وأصبح شخصا لم يعد أحد يتكهن بتصرفاته ويجب على بايدن ألا يثق بكلامه.
وكبداية، على الولايات المتحدة التأكد من عدم استخدام نتنياهو أي سلاح أمريكي كي يبدأ حربا مع إيران أو حزب الله بدون مصادقة كاملة من الجيش الإسرائيلي والقيادة العليا التي عارضت انقلاب.
وتساءل الكاتب عن سبب طرحه سؤالا عن تحول نتنياهو للاعب غير عقلاني بالقول إن الجواب يحتاج إلى سؤال آخر.
فماذا نقول عن رئيس وزراء وابنه وبعد خمسين عاما من إرسال الولايات المتحدة مليارات المليارات من الدولارات كمساعدات اقتصادية وعسكرية، ينشران الكذبة أن الحكومة الأمريكية تقف وراء التظاهرات الحاشدة ضد رئيس الوزراء، وأنه لا يمكن أن تكون هذه تظاهرات خارجة من القاعدة الشعبية، ويجب أن يكون المحرض عليها هو أمريكا. وأشار الكاتب إلى ما قام يائير نتنياهو المستشار السياسي المقرب لوالده بمشاركة تغريدات في الأسبوع الماضي، حسبما أوردت صحيفة “جيروزاليم بوست”، من قبيل “تقف وزارة الخارجية الأمريكية خلف الاحتجاجات في إسرائيل، بهدف الإطاحة بنتنياهو ومن أجل التوصل على ما يبدو لاتفاقية مع إيران”.
ويعتقد الكاتب أن هذا الكلام من نتنياهو نفسه، فقبل أسبوعين نشرت “تايمز أوف إسرائيل” خبرا عندما كان نتنياهو الأب في زيارة إلى روما ونقلت عن “مسؤول بارز” كان يرافقه والجميع يعرف أنه نتنياهو، قوله وبدون أي دليل أن “الاحتجاجات ممولة ومنظمة بملايين الدولارات، وهي منظمة بشكل واسع”. وأكد مسؤول في حاشية رئيس الوزراء أن “المسؤول البارز” كان يشير إلى أمريكا. وهذا هو نفس الأسلوب التآمري الذي استخدمه قادة إيران لنزع المصداقية عن التظاهرات الشعبية ضدهم.
واعتبر الكاتب أن انقلاب نتنياهو وابنه ضد أمريكا بنفس الطريقة المثيرة للشفقة في إيران هو أمر مخجل وجنون، قائلا إنه يجب عدم السماح لأي منهما بدخول أمريكا حتى يعتذرا. وتساءل “أي زعيم يخاطر بتفكيك الجيش عبر محاولة السيطرة على القضاء في وقت تواصل فيه إيران عمليات تخصيب اليورانيوم لصناعة القنبلة في أسبوعين وتعيد علاقاتها مع حلفاء إسرائيل العرب”.
وقبل أسبوع، أعطى وزير الدفاع غالانت يواف نتنياهو خيارين: تجميد انقلابه القضائي بدون حوار وطني أو المضي قدما به. ولكنه أجبر وزير دفاعه على الاستقالة ودفع عددا من قوات الجيش والجو لرفض القيام بالواجب.
وكان تحرك نتنياهو مثيرا للدهشة، وكما كتب محرر شؤون الدفاع في “هآرتس” أنه لم يعثر على أي مسؤول بارز في الدفاع لم يصدم من قرار نتنياهو. ودار النقاش بين المسؤولين الحاليين والسابقين في الدفاع حول ضرورة قيام الجنرال والألوية باستقالة جماعية لوقف الجنون. وتساءل “أي رئيس وزراء عاقل يخاطر بتدمير أهم إنجاز دبلوماسي بين إسرائيل والدول العربية للسيطرة على القضاء ومنح اليد الطولى لدعاة التفوق اليهودي والقوميين المتحمسين في حكومته؟”.
وكان الكاتب يشير إلى وزير المالية بتسلئيل سموتريش، الذي ألقى خطابا في باريس بخريطة على المنصة تضم الأردن والضفة الغربية كجزء من إسرائيل، وزعم أن الفلسطينيين هم اختراع. وهو ما أثار مخاوف الإمارات والبحرين، علاوة على الأردن، الذي يعتبر دعامة الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط. ولو زعزع نتنياهو وحلفاؤه استقرار الأردن فسيزرعون الريح ويحصدون الزوبعة.
وتساءل “ماذا يريد رئيس وزراء من تمرير قانون لتعيين مدان ثلاث مرات بالغش الضريبي والاحتيال”، في إشارة لزعيم حركة شاس، أرييه درعي كوزير صحته وداخليته وبوعد تعيينه وزيرا للمالية في أي عملية تعديل وزاري قادم.
وتحدث الكاتب عن مخالفات درعي، الذي أجبر على الاستقالة من الحكومة في 1993 بتهم الفساد، ولكنه ظل زعيما لشاس حتى 1999، وحكم عليه بالسجن 3 أعوام. وفي 2021 وافق على تسوية في مخالفتين مقابل الاستقالة من الكنيست ودفع غرامة. وفي كانون الثاني/يناير، أقرت المحكمة العليا أن درعي لا يصلح للعمل في الحكومة. وكان نتنياهو يريد الدفع بتشريع يلغي قرار المحكمة العليا لكي يستطيع هذا الشخص الذي سرق الخزانة الإسرائيلية، التي تبرع لها دافع الضريبة الأمريكي مليارات الدولارات وعلى مدى نصف قرن، لكي يتولى هذا الشخص حقيبة الخزانة. ويشي هذا الاحتقار لدافع الضريبة الإسرائيلي وللقانون في إسرائيل والمحكمة العليا في إسرائيل وأمريكا كيف بات هذا الزعيم متحررا من القيود الأخلاقية.
على الحكومة الأمريكية والكونغرس الأمريكي واللوبي اليهود الأمريكي، الذي كان دائما المساعد لنتنياهو، التأكيد أنهم سيشاركون في الاحتجاجات الإسرائيلية التي انضم إليها الجيش ومدراء شركات التكنولوجيا والجامعات والمجتمعات الدينية التقليدية والأطباء والممرضين والطيارين والمصرفيين واتحادات العمال.
يذكر، أنّ وسائل إعلام إسرائيلية أكّدت أنّ الدعوات لاستمرار الاحتجاجات ضد نتنياهو وتعديلاته القضائية ما تزال مستمرة، على الرغم من إعلانه تأجيل البتّ بها وإقرارها.