هآرتس: “إسرائيل” تدرس الكشف عن وثائق سرية حظرت الاطلاع عليها

تدرس إسرائيل الكشف عن مجموعة من الوثائق السرية التي تعود إلى عام 1948، وهو عام إعلان تأسيس “دولة إسرائيل”، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن هذه الوثائق حظرت وزارة الدفاع الاطلاع عليها ووُضعت في خزائن سرية مقفلة، وفق ما ذكرته صحيفة Haaretz الإسرائيلية الأحد 21 أغسطس/آب 2022.

حيث طلبت روتي أبراموفيتش، المسؤولة عن هيئة “أرشيف الدولة” في إسرائيل، من مراكز الوثائق والمحفوظات في جميع أنحاء البلاد تقديم الوثائق المتاحة لديها منذ وقت الإعلان عن نشأة دولة إسرائيل لكي تتولى الهيئة فحصها، وأوضحت أن ذلك يشمل الوثائق التي أُغلق عليها في خزائن بأوامر من أجهزة أمن الدولة.

يُعد هذا الطلب نوعاً من الاعتراف بأن بعض وثائق الدولة قد حُظر الاطلاع عليها من دون إذن قانوني، حسب ما ذكرته الصحيفة الإسرائيلية.

وثائق سرية في خزائن مغلقة
يأتي ذلك في أعقاب اجتماعات أجرتها لجنة فرعية تابعة للجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست الإسرائيلي، على أثر تحقيق صحفي أجرته صحيفة Haaretz وكشف أن وزارة الدفاع الإسرائيلية قد نقلت وثائق تاريخية من محفوظات الدولة، وأودعتها خزائن مغلقة.

كتبت أبراموفيتش في خطابها إلى عدد من مراكز المحفوظات: “لقد نما إلى علمي أن سلطات الدولة أصدرت تعليمات لكم بحظر الوصول إلى بعض الوثائق وتخزينها، لا سيما تلك الوثائق التي يتضح احتواؤها على مواد حساسة، وتندرج تحت التصنيف السري”.

كما أضافت: “من بين تلك الوثائق ما هو متعلق بأحداث تعود إلى نشأة الدولة، وتتبع أو ترتبط بمؤسسات معينة منذ تأسيس الدولة وقبل ذلك. ويبدو لي أن التعليمات الواردة إليكم كانت في بعض الحالات غير مصرح بها”.

كانت صحيفة Haaretz كشفت في تقرير استقصائي أن موظفين من جهاز الأمن التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أصدروا تعليمات بنقل بعض الوثائق إلى المحفوظات المتعلقة بالمشروع النووي الإسرائيلي بوزارة الخارجية.

لكنهم أمروا أيضاً بحظر الاطلاع على مئات الوثائق التي تحتوي على شهادات لجنرالات الجيش الإسرائيلي بشأن قتل المدنيين وتدمير القرى الفلسطينية وطرد البدو.

لماذا يُمنع الاطلاع عليها؟
عقدت ميخال روزين، رئيسة لجنة الكنيست الفرعية المعنية بالتعامل مع القضايا المتعلقة بوزارة الدفاع الإسرائيلية وهيئاتها، اجتماعات لمناقشة الأمر خلال العام الماضي، وتبين فيها أن موظفين حكوميين ذهبوا بالفعل إلى بعض مكاتب المحفوظات وحظروا الاطلاع على وثائق غير سرية، وهي وثائق ليس لدى أجهزة الأمن بوزارة الدفاع سلطة إخفائها. 

بينما قال مصدر مطلع على التفاصيل لصحيفة Haaretz إن الأطراف المعنية لم تتمكن من معرفة المسؤول عن إصدار الأوامر بحظر الاطلاع على الوثائق الأرشيفية.

قالت روزين: “لم يكن لدى وزارة الدفاع في أي وقت السلطة القانونية لحظر الاطلاع على الوثائق. فالشفافية هي أعلى قيمة في البلد الديمقراطي ما دام أنه لا يوجد في الأمر خطر على أمن الدولة. ولا يمكن إخفاء أجزاء من تاريخنا لمجرد أنه لا يُستحسن الكشف عنها، فالناس يحق لهم معرفة ماضي بلادهم بشفافية كاملة”.

فيما علمت صحيفة Haaretz أن مسؤولاً في وزارة الدفاع الإسرائيلية عارض بشدة الطلب الذي تقدمت به روزين ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، رام بن باراك، بالكشف عن الوثائق. 

ثم اتفق الجانبان على حلٍّ وسط اقترحه نائب الكنيست، إيتان غينزبورغ، ويقتضي هذا الحل أن ترسل هيئة أرشيف الدولة خطاباً إلى مكاتب المحفوظات التابعة لمؤسسات الدولة تطلب منها التحقق مما إذا كانت الوثائق المخفية قابلة للنشر بالتنسيق مع الأرشيف.

إخفاء الوثائق يثير الجدل في إسرائيل
قال ياكوب لوزوفيك، أمين أرشيف الدولة في المدة من عام 2011 إلى عام 2018، لصحيفة Haaretz، إن قضية حظر الاطلاع على الوثائق تم الكشف عنها عام 2018، وأبدى استحسانه لخطاب أبراموفيتش، لكنه انتقد التسوية التي جرت بين هيئة أرشيف الدولة ووزارة الدفاع.

علل لوزوفيك اعتراضه بالقول إن سلطة تصنيف الوثائق، ومنها وثائق الجيش، لا تخضع إلا لأرشيف الدولة، وليس لمراكز المحفوظات الأخرى، سواء أكانت عامة أم خاصة. 

كما قال إن رئيسة هيئة أرشيف الدولة لم ترسل الخطاب إلا لعدد قليل من مراكز المحفوظات، وهو ما يثير نوعاً من الشك، لأن وزارة الدفاع فحصت مئات من الوثائق لدى مراكز محفوظات مختلفة، على حد قوله.

من جانب آخر، أشار يعقوب آشر، المسؤول عن أرشيف مركز ياد يعاري للبحوث والتوثيق، إلى أن المواد المختومة في أرشيف ياد يعاري يتعلق معظمه بأحداث عام 1948، ويضم الوثائق الخاصة بالمذابح التي وقعت في قرى فلسطينية، مثل الطنطورة والدوايمة ودير ياسين، ومسؤولية بعض المسؤولين الإسرائيليين المنتخبين عنها.

فيما قالت هيئة أرشيف الدولة في رد مكتوب إنها معنية في القضية المذكورة بمراكز المحفوظات التي قيل إنها تحتوي على مواد خضعت لحظر الاطلاع دون تصريح. 

كما أوضحت الهيئة أنها طلبت من جميع مراكز الأرشيف الخاصة والعامة أن تقدم لها جميع المواد الحكومية، المندرجة تحت التصنيف السري وغير المندرجة، وفقاً لما تقتضيه أحكام القانون. وإن هذه المواد ملك لعامة الناس، ولا يحق إلا لأرشيف دولة إسرائيل وفروعه تصنيفها”.