هآرتس- بقلم: اوري مسغاف – في تموز 1970 بادرت إسرائيل ونفذت عملية “ريمون 20” في سماء الجبهة الجنوبية. في كمين تم تخطيطه بعناية، قامت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بإغراء طائرات “ميغ” سوفييتية بالإقلاع تجاهها في سماء مصر وأسقطت خمساً منها. كان يقود طائرات “الميغ” طيارون سوفييت، ثلاثة منهم قتلوا واثنان هبطا بالمظلات. أُرسل الطيارون إلى مصر كجزء من إرسالية ضخمة، شملت إلى جانب الطائرات أيضاً، بطاريات صواريخ أرض – جو ومنظومات للحرب الإلكترونية التي تم تشغيلها على أيدي جنود روس.
كان الاتحاد السوفيتي الكبير في ذروة قوته، لكن هذا لم يمنع إسرائيل الصغيرة من الدخول في مواجهة عسكرية متعمدة معه. حتى بعد مرور 12 سنة على ذلك، في عملية “عرتسيف”، في اليوم الأول لحرب لبنان، هاجمت إسرائيل منظومة المضادات للطائرات السورية ودمرت 12 بطارية صواريخ أرض – جو من إنتاج روسي، محطمة بذلك عقيدة الدفاع الجوي السوفيتية إلى شظايا. في حينه، لم يفكر أحد بتجنب القيام بهذه العملية من أجل “عدم إغضاب الروس”.
لا أحد يدعو الآن إلى إرسال قوات من الجيش الإسرائيلي إلى أوكرانيا، لكن بعد أسبوع على الغزو الروسي البلطجي لدولة سيادية مجاورة، تبدو الصورة واضحة: إسرائيل الرسمية متلعثمة ومترددة وخائفة ونفعية وماكرة. العالم الغربي الذي نتباهى بالانتماء إليه يرص الصفوف، وعندنا يجلسون على الجدار، يسيرون على البيض ويحذرون؛ احتراماً لبوتين. حتى أن رئيس الحكومة نفتالي بينيت تم استدعاؤه من جلسة للرد على مكالمة هاتفية مطولة من بوتين. كان المبرر “جهود وساطة”. بدلاً من إغلاق الخط في وجه الديكتاتور القاتل والمشوش عقلياً، إسرائيل تتصرف مثل دولة تحت حماية روسيا، تقريباً كحليفة.
هذا مخجل ومحرج، الحقيقة أنه بمن المخجل أن تكون إسرائيلياً في هذه الأيام. حتى المساعدة الإنسانية المحدودة لضحايا العدوان الروسي بأوكرانيا، تم إرسالها بخوف.
تجنبت إسرائيل الانضمام كدولة مؤيدة لمشروع قرار الإدانة الأول في مجلس الأمن. نحن من الأمم المتحدة كما يقولون، في حين أنه تقرر تقليل مستوى المشاركة قبل النقاشات في الجمعية العمومية، وستحل بدلاً من السفير جلعاد اردان نائبته، ما هذه الإهانة؟
هذا مخجل ومحرج، الحقيقة أنه بمن المخجل أن تكون إسرائيلياً في هذه الأيام. حتى المساعدة الإنسانية المحدودة لضحايا العدوان الروسي، تم إرسالها بخوف. بينيت صاغ ذلك بشكل جيد: “نساعد أوكرانيا، لكن بصمت”. في الوقت الذي تفتح فيه دول أوروبا أبوابها لمئات آلاف اللاجئين من مناطق القتال والقصف، تطلب إسرائيل من كل لاجئ كفالة بمبلغ 10 آلاف شيكل مع التعهد بعدم البقاء. هذا مقرف ويبرر الادعاءات اللاسامية الخبيثة بشأن جشع اليهود للمال.
كل ذلك يسحب الأساس القيمي والأخلاقي للادعاءات التي لا تنتهي لإسرائيل تجاه شعوب العالم بخصوص الكارثة: لماذا صمت العالم، لماذا لم يقصفوا أوشفيتس، لماذا أغلقوا الأبواب أمام اللاجئين اليهود. ليس عبثاً أن اختار الرئيس اليهودي زيلينسكي، أمس، نشر رسالة استنجاد بالعبرية. فهو يفهم الأمر.
ولكي يلفوا سكين السخرية التاريخية في اليوم الذي فرضت فيه الدول الغربية عقوبات اقتصادية شديدة على روسيا والأوليغاركيين فيها، سارعت إسرائيل إلى طلب خفض رسوم دخول رومان أبراموفيتش، لأنه يتبرع بالملايين لـ “يد واسم”. تشاهد ولا تصدق. المؤسسة الوطنية لتخليد الكارثة تتطوع لتبرير بروتوكولات حكماء صهيون. تلك التبرعات أهم بكثير من مصير ملايين اللاجئين الأوكرانيين. وعندما قصف الروس هذا الأسبوع موقع التخليد في “بابي يائر”، نشرت إسرائيل احتجاجاً رسمياً؛ لقد بلغ السيل الزبى.
أي دولة سيادية وفخورة وواثقة من نهجها وسلم قيمها، لا يمكن أن تتصرف على نحو كهذا. هذا سلوك لجنة اجتماعية في الغيتو اليهودي. جذور الشر إلى جانب الفيل الموجود في الغرفة (أيضاً عندنا يوجد احتلال) هي بالطبع استعباد بوتين الطويل لبنيامين نتنياهو. وفي المقابل، استعباد دونالد ترامب له، هذا دوري مختلف؛ لا عجب أن في أوساط أتباع ترامب وأتباع بيبي دعماً واضحاً للغزو ولمن قام به. ولكن نتنياهو لم يعد يسكن هنا. ومن يسمون أنفسهم “حكومة التغيير” عليهم أن يستيقظوا ووقف هذا العار.