شاهد الإسرائيليون في هذا الشهر تحقق سيناريو يزرع الرعب: انهيار كامل للمفهوم الذي يقول إنه يمكن الانتصار في حروب بوساطة سلاح الجو، هذه الرؤية حاول إحياءها في عملية “حارس الأسوار” ضد غزة، في عملية بمشاركة معظم طائرات سلاح الجو تم قصف بنى تحتية لـ حماس والجهاد في غزة ليل نهار، مئات الطلعات ومئات الطائرات ألقت آلاف القنابل الدقيقة التي بلغت تكلفتها مليارات الشواكل، على منطقة محدودة، ورغم كل هذا لم ينجحوا في وقف إطلاق الصواريخ والقذائف إلى أن دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حماس والجهـاد استمروا في إطلاق الصواريخ وكأنه لم يحدث أي شيء بالنسبة لهم، ويبدو أنه كان يمكنهم مواصلة ذلك فترة طويلة.
أثبتت حماس خلال عملية “حارس الأسوار” صمودها، وواصلت إطلاق الصواريخ حتى تحت الهجوم غير المسبوق لسلاح الجو والمس الشديد بالبنى التحتية في غزة وبجزء من قياداتها وبيوتهم، لم ترتدع حماس والايديولوجيا تعطيها الإلهام، وقد تسببت بشلل معظم “الدولة” طوال المعركة، وتسببت بأضرار اقتصادية تبلغ مليارات الدولارات، في أعقاب شل جزء كبير من اقتصاد الإنتاج، غير أن تكلفة آلاف القنابل الدقيقة التي ألقتها طائراتنا على أهداف في غزة، باهظة جدًا.
حماس والجهاد جعلونا مهزلة عندما استمروا في إطلاق الصواريخ بدون توقف، بما في ذلك نحو غوش دان، في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الحكومة ووزير الجيش ورئيس الأركان بأنه سيكون من الصعب عليهم النهوض من الدمار الذي ألحقناه بهم – في حماس والجهاد قرروا متى يبدأ الإطلاق ومتى يتوقف، لذلك، فشل سلاح الجو فشلًا ذريعًا في مهمته الرئيسية وهي وقف إطلاق الصواريخ من غزة.
تداعيات عملية حارس الأسوار هي مصيرية، فخلافًا لغزة التي هي منطقة محدودة وصغيرة ومكتظة، فإنه في حرب متعددة الجبهات سيتم إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف على إسرائيل من مناطق واسعة ومن مسافات تبعد مئات الكيلومترات، وإن سلاح الجو لن يمكنه القيام بهجوم في الوقت ذاته على مناطق واسعة كهذه، وحتى في الأماكن التي سيهاجمها لن يستطيع وقف استمرار إطلاق الصواريخ والقذائف، مثلما لم ينجح في ذلك في العملية الأخيرة بغزة.
لذلك إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية سيستمر دون توقف من جميع الاتجاهات، من الشمال ومن الجنوب ومن الشرق، وفي كل يوم سيتم إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف على مراكز السكان وبنى تحتية وأهداف استراتيجية، صواريخ قوة تدميرها أكبر بعشرات الأضعاف من صواريخ حماس وسيتم إطلاق صواريخ دقيقة تحمل رؤوسًا متفجرة لمسافة مئات الكيلومترات – تخيلوا وابلًا من الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة الانتحارية وصواريخ كروز، التي يحمل جزء منها رؤوسًا متفجرة بوزن مئات الكيلوغرامات والتي ستسقط على رؤوسنا بلا توقف، سيكون الدمار غير محتمل، وهذا سيكلفنا آلاف القتلى والمصابين.
إطلاق الصواريخ الدقيقة سيشل ويعيق طائراتنا بسبب الإصابة الدقيقة لمدرجات الإقلاع وأبراج المراقبة، في موازاة ذلك سيكون هناك ضرب لمحطات الكهرباء التي ستتوقف، ومنشآت تحلية المياه وخزانات الوقود والغاز، والبنى التحتية الاقتصادية ومراكز التجمعات السكانية، يمكن لأعدائنا أن يحاربوا مدة أسابيع، وحتى أشهر، بسبب مخزون السلاح الضخم الذي يوجد بحوزتهم، والذي يشمل حوالي 250 ألف صاروخ وقذيفة، وإذا لم يتمكن سلاح الجو من منع إطلاق حماس للصواريخ فمن باب أولى أنه لن يستطيع وقف إطلاق الصواريخ في حرب متعددة الجبهات في مساحات أوسع.
بعد الجولة الأخيرة ضد غزة فإن القيادة السياسية والأمنية يجب عليهما الكف عن التباهي أمام الجمهور الإسرائيلي بصورة انتصار زائف لا علاقة مع الواقع البائس الذي نقف أمامه، يجب على زعمائنا الاستيقاظ والدخول فورًا إلى محادثات طوارئ واتخاذ قرارات من أجل إعداد الجيش لحرب متعددة الساحات وبلورة نظرية أمنية محدّثة، وإذا لم يتم عمل ذلك فيتوقع حدوث كارثة ستسجل على مر الأجيال، حرب ستؤدي إلى تهديد وجودنا وحياتنا.
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0