إبعاد إيران من سوريا غير ممكن. ولكن التقاء مصالح بشار الأسد والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يتوقع أن يساعد في قضية رئيسية في وقف إطلاق النار: منع تهريب السلاح إلى “حزب الله”.
هذا ما يفضي إليه مقالٌ منشور في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، لمحللها للشؤون العربية والشرق أوسطية تسفي برئيل.
بعد أن يستعرض الكاتب الإسرائيلي أبرز نقاط الاتفاق المحتمل بين “حزب الله” وإسرائيل، يشير إلى أن الاتفاق الذي سيوّقع من قبل حكومة لبنان، هو “في جوهره، اتفاق بين إسرائيل وحزب الله وإيران. وتم إعداده بالأساس لتقييد نشاطات حزب الله في جنوب لبنان، وتمكين عودة المهجرين على جانبي الحدود إلى بيوتهم”.
ويشكّك برئيل “إنْ كان هذا الجيش (اللبناني) يستطيع، أو يتخذ قرار، نزع سلاح حزب الله وتحييد تهديده العسكري الذي يفرضه في داخل لبنان”.
يشير الكاتب إلى “نقطة من نقاط الضعف في الاتفاق”، إذ إن “حكومة لبنان، حسب القرارات السابقة، مطلوب منها منع إدخال السلاح والذخيرة إلى الدولة، باستثناء ما هو مطلوب للجيش اللبناني. ولكن امتحان الدولة، وامتحان الاتفاق المتبلور، يكمن في قدرة الحكومة على العثور، وعلى وقف أنبوب تزويد السلاح الذي سيأتي إلى “حزب الله” من سوريا، وعبر البحر. السؤال الذي سيقف أمام إسرائيل والدول الضامنة للاتفاق، لا سيّما الولايات المتحدة، هو هل إدخال السلاح غير القانوني إلى لبنان سيشكّل خرقاً للاتفاق، الخرق الذي سيعطي إسرائيل شرعية رسمية للعمل في لبنان، وبهذا تعريض الاتفاق للخطر”.
روسيا غير مشاركة
ويتابع الكاتب أنه “من أجل تطبيق هذا البند في الاتفاق يجب على إسرائيل أن تجد “الشريك الهادئ” الذي يجلس في دمشق. حتى الآن إسرائيل عملت تقريباً بدون تقييد، لإغلاق قنوات تزويد السلاح”.
ويشير إلى تردّد تقارير بتوجّه تل أبيب إلى روسيا، وطلب العمل على منع نقل السلاح من سوريا. غير أن “ردّ روسيا جاء بارداً”. و”المبعوث الروسي في سوريا، ألكسندر لبرنتييف، أوضح أن روسيا رفضت طلب إسرائيل، لأن ذلك ليس دورها، وأن هذا الأمر خارج تفويض قوات روسيا التي تعمل في سوريا، والتي هدفها مكافحة الإرهاب”. وأن روسيا، في حال استجابتها، عليها أن تقيم حواجز على الطرق، ورقابة على المعابر الحدودية و”القيام بهذه الخطوات التي يحتاج إلى موافقة نظام الأسد”.
في هذا السياق، على ما يشير الكاتب، وسّعت تل أبيب مؤخراً حدود منطقة هجماتها في سوريا، وقصفت ضمن أهداف أخرى، أهدافاً في دمشق وحمص وحماة، و”هي حالات أصيب فيها جنود سوريون. هذا إضافة إلى نشاطات محددة في سوريا، حيث أسرت ناشطاً يعمل لصالح حزب الله، أو تفجير منشآت معينة. وبصورة استثنائية هاجمت اللاذقية قرب مطار حميميم، الواقع تحت سيطرة روسيا”.
يقول الكاتب إن “الأسد ليس بحاجة إلى إشارة سميكة جداً كي يعرف الخطر الذي يشكّله وجود إيران في بلاده، أو أن سوريا أصبحت شارعاً سريعاً لنقل السلاح من إيران إلى لبنان. ولكن اعتماده الاقتصادي على إيران التي توفّر له ربع أو نصف حاجته من الوقود، وخطوط اعتماد لتمويل نشاطات النظام، لا يمكنه من المطالبة بسحب قواتها. في المقابل، الأسد أوقف معظم محاولات قوة القدس وحزب الله لتحويل سوريا إلى منصة لانطلاق الهجمات ضد إسرائيل، وبالأساس هو تبنّى سياسة حيادية تجاه الحرب في غزة. ليس فقط أنه لم يشارك بالفعل في “وحدة الساحات” كجزء من “حلقة النار” الإيرانية، بل هو ووسائل الإعلام السورية تجاهلوا تماماً “حماس”، وقوات الأمن السورية منعت إجراء مظاهرات تأييد في مخيمات اللاجئين في سوريا. عندما فحصت إيران إمكانية انتقال قيادة “حماس” من قطر إلى سوريا فإن الأسد رفض ذلك بشكل حازم”.
ويضيف الكاتب أن “الأسد الذي عاد، في السنة الماضية، إلى “الحضن العربي” والجامعة العربية. يمكن أن يكون قد وجد الآن الفرصة لترميم مكانته أيضاً أمام الولايات المتحدة، بالتحديد بعد فوز ترامب. لأنه ليس فقط الدول العربية استأنفت علاقاتها مع دمشق، فمؤخراً صاغت سبع دول أوروبية، على رأسها إيطاليا، مشروع قرار “إعادة فحص سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا”، واستئناف العلاقات الدبلوماسية معها كقناة ستمكن من التخلص من ملايين اللاجئين السوريين الموجودين في أوروبا.
ترامب، بحسب الكاتب، لا يزال، كما يبدو، الرئيس الذي يطمح إلى سحب حوالي 900 جندي أمريكي الموجودين في سوريا. و”لتحقيق هذه الغاية سيقتضي من ترامب تجنيد مساعدة سوريا وتركيا من أجل سلامة الأكراد في سوريا، حلفاء الولايات المتحدة في حربها ضد داعش”.
ويخلص الكاتب إلى القول إنه من غير المستبعد أن يقوم ترامب، هاوي “الصفقات الكبيرة”، بـ “إعادة فحص” سياسة أمريكا تجاه سوريا، وأن يطرح خطوة ربما لن تبعد إيران من سوريا. ولكنه سيحاول ضمان أن السلاح لن يتم نقله من سوريا إلى لبنان، وبالتالي، تحويل الأسد إلى “شريك هادئ” في اتفاق لبنان.