هآرتس: نقاش أمريكي حول قطع المساعدات عن “إسرائيل”

لا تخفي إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تذمرها من السياسات التي يتبعها الائتلاف الحكومي اليميني في إسرائيل بزعامة بنيامين نتنياهو، لا سيما في ظل الجدل المثار حول تعديلات القضاء بالدولة العبرية، وزيادة التوتر مع الجانب الفلسطيني.

وبحسب صحيفة “هآرتس”، فإن قناة “PBS” الأمريكية، تطرقت في الأسبوع الماضي، إلى أمر يبدو غريبا للغاية، وهو مدى الحاجة في واشنطن إلى قطع المساعدات العسكرية الأمريكية عن إسرائيل.

واستضاف البرنامج ضيفين، أحدهما سفير أمريكي سابق لدى إسرائيل، والآخر مسؤول كبير في البيت الابيض، فتناقشا وتحاورا حول ما إذا كان من الحري بالولايات المتحدة أن تلجأ إلى خطوة عقابية ضد إسرائيل.

وكتبت “هآرتس” أن القضية التي كانت تحظى بإجماع وتوافق تام في السياسة الأمريكية، تتحول الآن إلى أخرى مثيرة للجدل تتم مناقشتها على نحو متزايد في واشنطن.

وقال دان كرتزر، وهو السفير الأمريكي الأسبق لدى إسرائيل بين 2001 و2005، في عهد إدارة جورج بوش الابن، إنه يدعم هذه الفكرة، لأن إسرائيل لم تعد تتشارك مع الولايات المتحدة القيم الديمقراطية نفسها، بحسب رأيه.

وأضاف أن إسرائيل رسخت نفسها بشكل جيد يجعلها قادرة على الاعتناء بنفسها. وفي المنحى نفسه، لم يعارض دينيس روس، الذي كان مسؤولا عن ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في عهد إدارة بيل كلينتون، في تسعينيات القرن الماضي، إيقاف المساعدات عن إسرائيل.

لكن روس حذر من أن الوقت غير مناسب الآن، لأن أمرا مثل هذا سيشجع أعداء إسرائيل على مهاجمتها بسبب ما يعتقدون أنه تراجع في الدعم الأمريكي.

فكرة مطروحة بصوت أعلى
هذا النقاش التلفزيوني هو في الحقيقة جزء من نقاش عام بدأ يطفو على السطح في الولايات المتحدة، خلال الأسابيع الأخيرة، حول استمرار المساعدة العسكرية لإسرائيل التي تقدر قيمتها السنوية بـ( 3.8) مليار دولار، وفقا لمذكرة التفاهم التي توصل إليها الطرفان عام 2016.

وينتهي العمل بالمذكرة عام 2026، فيما يقدر مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون كبار أن يكون التوصل إلى صيغة اتفاق جديدة حول المساعدات أصعب وأكثر تعقيدا من السابق.

 ومنذ سنوات، وأصوات ما يوصف بـ”الجناح التقدمي” في الحزب الديمقراطي، تتعالى مطالبة بإيقاف المساعدات المقدمة لإسرائيل، أو على الأقل استخدامها كورقة مساومة لاجبار الدولة العبرية على تجميد الاستيطان وإخلاء البؤر الاستيطانية غير الشرعية. 

الحديث عن إنهاء المساعدات العسكرية لإسرائيل لم يعد “محظورا” في الإعلام الأمريكي، والمسؤولون الإسرائيليون يعترفون بأن سرعة التغيير بهذا الشأن، فاجأتهم بالفعل.

قبل نحو أسبوعين، نشرت “نيويورك تايمز” مقالا لكاتب الرأي، نيكولاس كريستوف، الذي لا يكتب كثيرا عن الشأن الإسرائيلي، ولكنه دعا صراحة في مقاله إلى وقف المساعدات العسكرية المقدمة لإسرائيل.

المقال تضمن أيضا مقابلة مع السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، مارتن أنديك، الذي دعم هو الآخر فكرة وقف المساعدات.

ويعتقد السفيران السابقان كوتزير وأنديك أن المساعدات العسكرية لإسرائيل لم تعد تخدم في الحقيقة أهداف السياسة الخارجية الأمريكية، في ظل استمرار الإسرائيليين بتجاهل المطالب الأمريكية. ويجمع كلاهما أيضا على أن إسرائيل صارت “دولة قوية وثرية”، وقد حان الوقت لإيقاف المساعدات عنها.

بعد أسبوع من نشر مقال “كريستوف”، صُدم  اللوبي المؤيد لإسرائيل في أمريكا بمقال آخر يدعو إلى تهديد إسرائيل بإيقاف المساعدات، ولكن الدعوة هذه المرة كانت من الجانب الجمهوري.

محلل الشؤون الدفاعية في موقع “واشنطن إيكسامينير” المحافظ، “توم روغان”، يدعو الحزب الجمهوري إلى الضغط على إسرائيل من خلال المساعدات العسكرية، لردعها عن التقرب أكثر من الصين، مبينا أن حكومة نتنياهو لم تستجب للتحذيرات الأمريكية السابقة بالابتعاد عن الصين.

روغان اتهم نتنياهو بأنه يحاول ممارسة ضغوط على واشنطن، من خلال التقارب مع منافستها الأكبر في العالم، الصين.

واللافت أن دعوات قطع المساعدات عن إسرائيل جاءت من المحللين والكُتاب الذين اعتُبروا في الماضي الأكثر تأييدا لإسرائيل، وبعض أولئك الكتاب اتهم إسرائيل الآن بكونها “الحليف غير الليبرالي الذي يصعب الحفاظ عليه”، وبعضهم الآخر وصفها بهنغاريا الشرق الأوسط