موز، وأصبح نظام الغاب ساري المفعول فيها، وخصوصًا عندما يتعلّق الأمر بالفلسطينيين من طرفيْ ما يُطلَق عليه الخّط الأخضر، وذلك على وقع تسلّط اليمين واليمين الفاشيّ على مقاليد الحكم.
وعلى الرغم من أنّ الاحتلال يرتكب أبشع صنوف العذاب بحقّ الأسرى الفلسطينيين، وعلى وجهٍ خاصٍّ، أولئك الذين اعتُقلوا خلال العدوان الهمجيّ والبربريّ على قطاع غزّة، إلّا أنّ الواقع فاق الخيال في دولةٍ تزعم زورًا وبُهتانًا أنّها واحة الديمقراطيّة في الصحراء العربيّة، فقد داهمت شرطة الاحتلال القاعدة العسكرية في (بيت ليد) التي يُحتجز فيها أسرى من قطاع غزة منذ بداية الحرب، وأوقفت 9 جنود إسرائيليين متورّطين في تعذيب أسيرٍ فلسطينيٍّ بطريقةٍ وحشيّةٍ، يرفض الورق أنْ يتحملّها.
ورفضًا للتحقيق مع الجنود المشتبهين بتعذيب الأسير الفلسطيني جنسيًا، بشكلٍ جماعيٍّ، حاول عناصر اليمين المتطرف، يقودهم أعضاء الكنيست ووزراء من الائتلاف عن أحزاب الليكود و(الصهيونية الدينية) و (عوتسما يهوديت)، اقتحام القاعدة في عدة محاولات اخترقوا خلالها الحواجز العسكرية، واعتدوا على عناصر الشرطة العسكرية. كما حاولت هذه العناصر، بمشاركة أعضاء من الكنيست، اقتحام قاعدة (بيت ليد)، حيث اقتيد الجنود التسعة للتحقيق.
وفي وقت سابق، دار عراكٌ بين أفراد الشرطة الإسرائيليّة، التي لم تُحرّك ساكنًا خلال عدّة ساعاتٍ والجنود المتهمين داخل القاعدة، فيما تمّ نقل الأسير إلى مستشفى (سوروكا) في بئر السبع، وهو يعاني إصابات خطيرة بسبب التعذيب الوحشي.
وجاء في بيان صادر عن المتحدث العسكري الإسرائيليّ أنه: “في أعقاب الاشتباه بتنكيل خطير بمعتقل نحتجزه، في منشأة الاعتقال سديه تيمان، فتحت الشرطة العسكرية تحقيقًا بإيعاز من النيابة العسكرية”.
وبعد مواجهة بين أفراد الشرطة العسكرية والجنود المتهمين والضجة التي أثارها أعضاء من الكنيست من اليمين المتطرف، أعلن جيش الاحتلال أنّ: “الحدث انتهى، والشرطة العسكرية غادرت المكان، وأوقف من يجب توقيفه، ولا يوجد جنود معتقلون، وهذا كان توقيفًا من أجل التحقيق”.
ووفقًا للمصادر الأمنيّة في الكيان فقد بدأت الحادثة مع اقتحام عشرات المتظاهرين من التيارات اليهودية اليمينية المتطرفة مركز المحكمة العسكرية في قاعدة (بيت ليد) الإسرائيلية، حيث أحتجز تسعة جنود بعد اعتقالهم للاستجواب، صباح يوم الاثنين، بتهمة التجاوزات الأخلاقية والانتهاكات والتنكيل بالأسرى الفلسطينيين في معتقل (سديه تيمان) العسكريّ السريّ، والذي يسمّى (غوانتنامو إسرائيل).
وأظهرت المشاهد انتشار عشرات الإسرائيليين وهم يحاولون اقتحام مبنى المحكمة العسكرية لفكّ احتجاز الجنود الإسرائيليين المُدانين، على الرغم من تخفيف المحكمة عقوبتهم بشكل كبير بسبب الضغوط التي مارسها اليمينيون، وخصوصًا الوزيران بن غفير وسموتريتش، لمنع معاقبتهم بالرغم من إدانتهم. وأظهرت بعض اللقطات نقاشًا حادًا بين الجنود ومُحقّقي الشرطة العسكرية في القاعدة العسكرية.
في السياق عينه، أصدر مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بيانًا بعد 3 ساعات من اندلاع المواجهات بين عناصر اليمين الداعمين للتعذيب مطالبين بقتل المعتقلين في (سده تيمان)، طالب فيه بتهدئة الأجواء، وأدان اقتحام القاعدة العسكرية. كما أصدر وزير الحرب يوآف غالانط بيانًا عبّر فيه عن دعمه للجنود ورفضه لاقتحام القاعدة العسكرية، وبالإضافة لذلك وجّه غالانظ رسالةً إلى رئيس الوزراء طالبه بفحص الأنباء التي أكّدت أنّ وزير الأمن الداخليّ، الإرهابيّ بن غفير، أمر رجال الشرطة بعدم التدّخل خلال المناوشات.
من ناحيته، رأى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أنّ: “مشهد وصول أفراد شرطة عسكرية من أجل اعتقال أفضل أبطالنا في (سده تيمان) هو ليس أقل من مخ”. وقال: “أنصح وزير الأمن ورئيس أركان الجيش وسلطات الجيش بدعم الجنود والإفادة من مصلحة السجون.. وينبغي أنْ يحصل جنودنا على دعم كامل”.
هذا؛ وأعلن أعضاء من الكنيست من أحزاب اليمين الفاشي دعمهم للجنود الذين عذبوا المعتقل الفلسطينيّ. وقال عضو الكنيست ألموغ كوهين، من حزب بن غفير، إنّه: “على وشك الوصول من أجل الوقوف إلى جانب الذين أرسلناهم إلى هذه المهمة. ولا أعتزم السماح بحملة الملاحقة المهينة ضد جنودنا المقدّسين”.
وقال عضو الكنيست تسفي سوكوت، من حزب الصهيونية الدينية برئاسة بتسلئيل سموتريتش، إنّه توجه إلى (سده تيمان) وأشار الى أنّ: “هذا التعامل مع جنودنا الذين يحاربون من أجلنا في (سده تيمان) يجب أنْ يتوقف الآن”. ولفت سموتريتش الى أنّ: “جنود الجيش الإسرائيليّ يستحقون الاحترام. جنود الجيش لن يعتقلوا كمجرمين. أدعو المدعية العسكرية كي تنزل يديها عن جنودنا الأبطال”.
ومنذ بداية الحرب على غزة، حوّل جيش الاحتلال قاعدة (سده تيمان) إلى منشأة اعتقال للأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة، يُحتجزون في ظروف غير إنسانية، حيث يبقون مكبلي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين طوال الوقت
وكتبت صحيفة (هآرتس) في افتتاحيتها أنّ مَنْ يزرع الفوضى يجني الفوضى، وأضافت أنّ ما جرى أمس في (سديه تيمان) يدُلّ على أنّ دولة إسرائيل تسير بخطىً حثيثةٍ نحو الانهيار الكامل، وأنّ المتهّم الرئيسيّ بجرّ الكيان إلى الهاوية هو رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على حدّ تعبيرها.