قال الصحفي الإسرائيلي جاكي خوري، إن “هروب الأسرى” الستة من سجن جلبوع، عطل المخططات الإسرائيلة والفلسطينية، وخلط كل الأوراق، وبات يهدد بإشعال الأوضاع في كافة المناطق.
وأشار خوري في مقالة له بصحيفة هآرتس، نشرت اليوم الجمعة، إلى المزاج الذي كان سائدًا في الأسابيع الأخيرة بغزة ورام الله، والمحاولات المحمومة إلى حد كبير لجلب أكبر قدر ممكن من الهدوء وتحسن الوضع الفلسطيني، في ظل زخم وروح خطاب سياسي جديد في المنطقة.
ولفت خوري، للجهود القطرية في تهدئة الأوضاع بغزة رغم تهديدات حماس بالتصعيد، في حين أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خضم التحضير لخطاب دبلوماسي في الأمم المتحدة، ليختتم شهرًا ناجحًا له بعد لقائه وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، والخطوات المدنية والاقتصادية في ظل حوار مفتوح مع الحكومة الإسرائيلية، والإدارة الأميركية في واشنطن، وتوقع عقد لقاء مع الرئيس جو بايدن، والقمة الثلاثية التي عقدت في القاهرة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبدالله الثاني، وتوقع وجود تطورات على الساحة العربية سيكون لها عواقب اقتصادية إيجابية على الفلسطينيين.
وقال خوري،وفق ترجمة “القدس” إن “هروب الأسرى الستة” من سجن جلبوع، خلط كل الأوراق، ولم يتم أخذ هذا الاحتمال بعين الاعتبار في أي سيناريو، ولم تكن هذه الخطوة محسوبة على الإطلاق، ولم تؤخذ في الاعتبار، خاصةً وأن الوعي الفلسطيني بأن الخيار الوحيد للإفراج عن الأسرى هو من خلال صفقات تبادل الأسرى والتي كانت التقارير عنها تثير اهتمام العائلات والأسرى أنفسهم.
وأضاف “لا عجب إذن، أن تثير أخبار هروب الأسرى ضجة في النظام السياسي والرأي العام وفي الخطاب العام كله، خاصةً وأن قضية الأسرى، حتى قبل الهروب، هي في صميم الإجماع الفلسطيني، ولا تسمع أي آراء ضد هذه القضية، كما تحرص السلطة الفلسطينية على عدم إيذاء الأسرى بأي شكل من الأشكال، ولهذا السبب حظي الهروب بتأييد كل أطياف الطيف السياسي الفلسطيني، من حماس إلى فتح ، وبالطبع الجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى”.
وتابع “الرواية الإسرائيلية، التي تدعي أن هؤلاء سجناء خطرين ملطخة أيديهم بالدماء، لا معنى لها على الإطلاق في الخطاب العام الفلسطيني، وعلى العكس من ذلك، يُعرف هؤلاء الأسرى في الفكر الفلسطيني بأنهم أبطال نجحوا في التغلب على أحد أكثر الأنظمة الأمنية تطورًا في العالم، وضد كل احتمالات تحرير أنفسهم”، كما قال، مشيرًا إلى الدعوات الفلسطينية إلى توفير الحماية والمأوى للأسرى عند الحاجة، وعدم التعاون في البحث عنهم.
وأشار خوري، إلى الرد الإسرائيلي داخل السجون ومدى اتساع تداعيات الحادث، بعد أن تسرب قرار تفريق الأسرى بين السجون المختلفة خلال دقائق، وسرعان ما أثار ردود فعل كثيرة.
واعتبر الصحفي الإسرائيلي، أن المواجهات والمسيرات في مدن الضفة، علامة على ما هو آت، مشيرًا إلى وجود دعوات ليوم غضب، في الضفة الغربية من خلال نقاط التماس اليوم الجمعة، والتي تأتي قبل أسابيع من ذكرى الانتفاضة الثانية مما قد يضيف الكثير من “الوقود إلى النار”.
وأشار خوري، إلى أن السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية لا يمكن أن يُنظر إليها على أنها تساعد إسرائيل في اعتقال هؤلاء الأسرى الستة، لكنها أيضًا لا تستطيع أن توفر لهم الحماية، وهو سيناريو مشابه لما جرى في الانتفاضة الثانية عندما اختبأ مطلوبون في مجمع كنيسة المهد في بيت لحم أو غيره.
وقال “حتى لو لم تطلب إسرائيل مساعدة السلطة الفلسطينية، فإن اعتقال الأسرى الستة الفارين يمثل تحديًا كبيرًا قد يكون له عواقب وخيمة، وإذا قتل السجناء أثناء الملاحقة، فقد تكون العواقب أكثر خطورة”.
ولفت إلى كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية يشاركون هذا القلق، وقالوا لصحيفة هآرتس، “إنه من الأفضل بالنسبة لهم أن يفر الأسرى إلى دولة مجاورة أو إلى قطاع غزة، لتجنب الاضطرار إلى التعامل مع عواقب أسرهم في الضفة الغربية”. كما نقل عنهم خوري.
وأشار إلى أن الفصائل في غزة هي الأخرى لا تستطيع أن تبقى غير مبالية بما يحدث، مشيرًا إلى أن هناك خطر قائم يتعلق بجولة جديدة في ظل أن الحدث يتعلق بالأسرى الفلسطينيين، وأن هناك تهديدات جدية من الفصائل، وفي حال حدوث هذا التصعيد سوف يؤدي ذلك إلى تدمير جهود السفير القطري محمد العمادي في المنطقة، ومن المتوقع أن يؤثر ذلك على جهود تبادل الأسرى.
وقال “هروب الأسرى سيناريو معقد لم تكن القيادة الفلسطينية مستعدة له، وعليها الآن أن تحسب خطواتها بما يتناسب مع تطورات الأسابيع المقبلة .. لكن هذا الفخ ليس فقط من اختصاص القيادة الفلسطينية في رام الله وغزة، بل يجب على إسرائيل الآن أن تواجه الواقع الجديد”.
وأضاف إن “لجنة تحقيق واستنتاجات بخصوص سلوك مصلحة السجون هو شأن داخلي فقط ، لكن الخطوات المتخذة ضد الأسرى في السجون ستؤثر أيضًا على الضفة الغربية وقطاع غزة ، وربما على استقرار التحالف في إسرائيل .. البحث عن زكريا الزبيدي ورفاقه الخمسة في السجن ليست مجرد عملية أمنية – إنه حدث سياسي وسياسي يتعين على بينيت وعباس والسنوار التفكير بعناية في خطواتهم فيه”.