ما حصل البارحة في لبنان من هجوم إسرائيلي واسع نتيجة انفجارات متعددة لأجهزة اتصالات لا سلكية محمولة على مساحة كبيرة من الوطن وما تلى ذلك من إصابات تعدّت العناصر العسكرية إلى جهات مدنية من بينها أطفال كفاطمة الطفلة الصغيرة ابنة السنوات العشر التي استشهدت نتيجة انفجار جهاز اتصالات والدها أثناء تواجده في المنزل يفتح الباب على العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات.
ـ السؤال الأول، هل وصل اليأس بالعدو الصهيوني في معركته مع المقاومة الإسلامية اللبنانية حتى لجأ إلى هذه الطريقة الخارجة عن قواعد المعارك العسكرية بين المتحاربين والتي لا يلجأ إليها سوى من استنفذ كل الوسائل والطرق العسكرية والمخابراتية ووصل به الامر حتى مرحلة اليأس؟!
وأسئلة كثيرة مختلفة منها وأهمها ما هو ردّ الحزب على هذه الهجمات وكذلك ردّ المحور؟! وهل ستكون الأخيرة أم ستليها هجمات أخرى؟
وهل المطلوب من هذه المرحلة أن تؤدي إلى ما ادّت إليه القنبلة النووية في هيروشيما وناكازاكي من فرض للاستسلام وما الذي ستشهده الآيام القادمة؟!
ـ السؤال الثاني، هو ما الذي حصل تحديداً حتى انفجر الآلاف من أجهزة الإتصالات اللاسلكي في وقتٍ واحد
على مساحة لبنان بل وتعدّى ذلك إلى سوريا وإيران؟! لقد ضجت وسائل التواصل الإجتماعي والأخبار بأن ما حصل هو نتيجة تفخيخ أجهزة الاستدعاء لأفراد من عسكريين ومدنيين وعاملين في مجال الخدمات الصحية والإنسانية ممن يقومون بوظائف تنظيمية كالوظائف الطبية والإسعافية الانقاذية فأصيب عدد كبير من هؤلاء ومن حولهم من مدنيين وبينهم أطفال نتيجة هذا الهجوم الوحشي الإجرامي الذي لم يسبق له مثيل في الحروب السابقة.
طبقاً لرويترز فقد ذكرت عن مصادر لم تسمّها أنّ إســــــرائيل زرعت متفجرات في 5000 جهاز اتصال لحــــــزب الله قبل 3 أشهر. كما ذكرت رويترز أيضاً إن أجهزة الاتصال تم تعديلها في مرحلة الإنتاج بواسطة الموساد وهذا تحديداً يستدعي أسئلة عدة منها ما تردّد على ألسنة الناس طيلة الساعات الماضية كالسؤال عن مدى سلامة أي جهاز يستخدمه الناس اليوم من هاتف محمول أو أي جهاز محمول أو موضوع في المنزل وعن إمكانية اختراق أي جهاز منزلي عدا عن الهاتف المحمول أيضاً. وماذا عن الشركة المصنّعة لهذه الأجهزة ومسؤوليتها القانونية عن الاعتداء نتيجة الاختراق او حتى التقصير في إجراءات السلامة العامة وغيرها من التزامات قانونية مبدئية تجاه أي مستهلك، هل هي مسؤولة ام ماذا؟!
وفي إحدى التفسيرات أن شريحة ما تم زرعها في كافة أجهزة البيجر قبل استيرادها واستخدامها من قبل عناصر حزب الله.
وفُعّلت هذه الشريحة فيما بعد من خلال موجات الراديو المرسلة عبر طائرات مسيّرة تم إطلاقها في مختلف أرجاء لبنان من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بحيث تعمل تلك الموجهات على تفجير الشريحة أو رفع سخونة بطارية الجهاز، مما يؤدي إلى انفجارها وقتل او اصابة من حولها.
ولهذا فإن ثبت بأنّ هذا ما حصل فعلاً يجب الادعاء على الشركة المصنّعة مضافاً إلى العدو الإسرائيلي وهذا حقّ من حقوق حماية المستهلك فلا يجب بأي حال التهاون في ذلك. والواجب عقلياً واخلاقياً أن يُلاحق العدو المجرم وكل من سهّل هذه الجريمة الجماعية من القتل والتنكيل بكلّ الوسائل المتاحة.
وقد نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن مصادر قريبة من حزب الله أن الأجهزة المستهدفة كانت ضمن شحنة جديدة تلقّاها الحزب مؤخراً من الشركة التايوانية المصنّعة .
وفي خبر جديد نفت شركة “غولد أبولو” التايوانية أن تكون أجهزة الاتصال اللاسلكي التي انفجرت بأيدي عناصر من حزب الله في مناطق مختلفة من لبنان بصورة متزامنة الثلاثاء، مما خلّف حوالى ثلاثة آلاف جريح، من تصنيعها.
وردّا على تقرير لصحيفة نيويورك تايمز أفاد بأنّ أجهزة النداء “بايجرز” التي انفجرت هي من صنع “غولد أبولو” وأنّ إسرائيل فخّخت هذه الأجهزة قبل وصولها إلى حزب الله، قال رئيس الشركة هسو تشين-كوانغ للصحافيين في تايبيه: “هذه ليست منتجاتنا هذه ليست منتجاتنا من البداية إلى النهاية”.
وطبيعي أن ترفض الشركة تحمل المسؤولية ففضيحة من هذا الحجم تضرب الشركة ومصداقيتها عدا عن المسؤولية الجرمية التي قد تتحملها نتيجة هذه العملية الإجرامية الإسرائيلية وبكل الأحوال الأيام سوف توضح طبيعة العملية بالتحديد لكي يُبنى على الشيء مقتضاه.
ـ ثالثاً، ما حصل هو عمل إجرامي إرهابي بامتياز وهو جريمة موصوفة بكل معنى الكلمة ولا يندرج أبداً تحت عنوان العمل العسكري فكل مجرم ملتوٍ يستطيع القتل والتنكيل والإجرام إن سُهِّل له ذلك وليس ذلك ببطولة أو إنجاز ولهذا يجب أن يُلاحَق العدو قانونياً أولاً من قبل الدولة اللبنانية وكذلك القانونيين اللبنانيين لإدراج هذه الجرائم في دعوى قانونية محكمة بغرض الإدّعاء لدى المحاكم الدولية والمنظمات الحقوقية الدولية وذلك طبعاً بعد الكشف على الأجهزة المتفجرة وكذلك المتبقية التي لم تنفجر بعد وللتحفظ عليها كأدلة قتل جماعي.
ـ رابعاً، يأتي السؤال هل كان هذا هو المخطّط المرسوم للعدو تحديداً أم أن العدو كان لديه خططاً أخرى وأنه لجأ إلى التفجيرات هذه بعد فشل مخطّطه الأساس. فقد ورد عن جهات ومصادر عبرية أن المخطط الأساس كان ان يتم تفجير الراديو واجهزة الإتصالات فقط في حال حرب إسرائيلية واسعة وقبلها مباشرةً لغاية شلّ حركة المقاومة اللبنانية وأن العدو لجأ الى التفجيرات هذه بعد ورود إخبار عن انكشاف هذا الاختراق للاجهزة بواسطة عنصرين من الحزب ما عجّل بالهجوم. وهذا بالتحديد هو المنطق الأقرب للواقع إن ربطنا وصول دفعة من المدرّبين الأوكرانيين في نفس الوقت إلى الأراضي السورية لتدريب الدواعش والعناصر الإرهابية هناك على بناء المسيّرات وطرق الاستفادة منها وغير ذلك من وسائل عدوانية إرهابية. كما كشف موقع المونيتور الأميركي عن مصادر استخباراتية إقليمية رفيعة المستوى أن إسرائيل مسؤولة عن تنفيذ الهجوم بأجهزة البيجر في لبنان وأنها قامت بالتعجيل بتنفيذ العملية بعد أن جمعت معلومات استخباراتية تفيد بأن اثنين من أعضاء حزب الله اكتشفا اختراق الأجهزة المستوردة هذه. وهل هذه هي الأجهزة الوحيدة المفخّخة أم هناك غيرها؟!
وأخيراً وليس آخراً، من البديهي القيام بالعمل الحثيث على ردع هذا العدو الصهيوني الإرهابي المجرم عبر ردٍّ قويٍّ ومحكم وبكل الطرق والوسائل المتاحة وذلك لأنّ ما لا تردعه القوانين والشرائع الدولية يجب ردعه بكل ما أمكن من الوسائل المتاحة الوطنية والمحلية وهذا في ذاته حقٌّ شرّعته كل القوانين والشرائع الدولية فحقّ مقاومة المحتلّ والمعتدي حقٌّ تحفظه الشرائع والقوانين الدولية كلّها بما فيها من قرارات منافقة وملتفّة وزواريب سياسية احتيالية ضيّقة وبالتأكيد رغماً عن كلّ من يدّعي غير ذلك!
كاتبة لبنانية