توصل الليكود إلى اتفاق مع حزب “الصهيونية الدينية” على تغيير عملية اختيار رئيس “الإدارة المدنية” لسلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، بحيث يشارك فيها سياسيون، كما اتفقا على زيادة انخراط السياسيين في عملية تعيين منسق “عمليات الحكومة (الإسرائيلية) في المناطق” المحتلة.
جاء ذلك بحسب ما نقلت صحيفة “هآرتس” مساء الأحد، عن مصدر مطلع على المفاوضات الائتلافية الجارية بين الليكود و”الصهيونية الدينية”، ولفتت الصحيفة إلى أنه لم يتم الاتفاق بعد على الآلية النهائية التي سيتم من خلالها تعيين المنسق ورئيس “الإدارة المدنية”.
وأوضح التقرير أن سلطة تعيين هذين المنصبين هي حصرا بيد رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي ووزير الأمن؛ وذكر أن الاتفاق بين الليكود و”الصهيونية الدينية” يقتضي تدخل رئيس الحكومة ووزير الأمن ووزير في وزارة الأمن إلى جانب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، في عملية التعيين.
ويقضي الاتفاق على أن يُعين الصهيونية الدينية، برئاسة بتسلئيل سموتريتش، وزيرا في وزارة الأمن ويكون مسؤولا عن المستوطنات و”الإدارة المدنية” للاحتلال ووحدة منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهما وحدتان تابعتان لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأشارت “هآرتس” إلى أنه حتى لم يتولَّ سموتريتش نفسه منصب الوزير في وزارة الأمن، فمن المتوقع أن يكون له دور كبير في عملية تعيين المنسق ورئيس “الإدارة المدنية” الذين تخضع لسلطتهما قضايا التخطيط والبناء والهدم وجميع المسائل المتعلقة بمناحي الحياة في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك البنية التحتية والمياه والكهرباء، بما في ذلك تلك المرتبطة بالمستوطنين.
وشددت “هآرتس” على أنه منذ تأسيسها عام 1981، فإن تعيين رئيس الإدارة المدنية، وهو قائد عسكري برتبة عميد (تات ألوف)، لا يخضع لأي تدخل سياسي ويقتصر التعيين على قرار من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، يصادق عليه وزير الأمن، وكذلك الأمر بالنسبة لتعيين المنسق، وهو قائد عسكري برتبة لواء (ألوف).
ومن المتوقع أن يكون لهذا القرار الذي اتخذ بموجب اتفاق ائتلافي، تأثير كبير على واقع الحياة في الضفة الغربية المحتلة، وأن يؤدي إلى توسيع المستوطنات والدفع بتنفيذ مشاريع استيطانية معلقة. ومن شأن هذه الخطوة أن تضع علاقات الحكومة التي يتوقع أن يشكلها بنيامين نتنياهو، مع المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أمام اختبار.
وتجري الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتصالات وثيقة مع هاتين الوحدتين المسؤولتين عن إدارة الاحتلال في الضفة، وخاصة في المناطق “ج”. وليس واضحا كيف ستكون العلاقة مع الوحدتين بعد أن يتولى وزير من حزب سموتريتش المسؤولية عنهما، كون الأخير أحد أبرز عناصر اليمين الإسرائيلي المتطرف ويمثل المستوطنين ويدفع مصالحهم في توسيع الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
وأشارت “هآرتس” إلى أن واشنطن وجهت تحذيرات عبر كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، خلال الفترة الماضية، للمسؤولين الإسرائيليين، من أن نقل المسؤولية عن “الإدارة المدنية” في الضفة “يمكن أن يكون له عواقب سلبية على العلاقات بين البلدين”. وبحسب التقرير، فإن “التغيير في السياسة الإسرائيلية يمكن أن يؤثر على التعاون في مواجهة التحديات في الشرق الأوسط وعلى رأسها التهديد الإيراني”.
ووحدة “تنسيق أعمال الحكومة (الإسرائيلية) في المناطق” المحتلة، هي الهيئة المكلفة من سلطات الاحتلال بتطبيق سياسته في الضفة وغزة، وتتولى تنسيق كافة النشاطات المدنية بالإضافة إلى مسؤوليتها عن كافة مناحي الحياة في الضفة. وتتبع الوحدة لوزير الأمن، يترأسها “المنسق” برتبة لواء وهو عضو في هيئة الأركان التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، و”الإدارة المدنية” هي واحدة من أذرعها في الضفة.
ورغم أن سموتريتش لن يكون الوزير المباشر المسؤول عن هاتين الوحدتين، إلا أنه هو الذي سيوجه الوزير من حزبه الذي سيعين في وزارة الأمن. وفي هذا الإطار، وفقا لـ”واينت”، يتوقع أن يعمل سموتريتش لتنفيذ مصالح المستوطنين وتوسيع المستوطنات وزيادة عدد المستوطنين، في موازاة “خنق التخطيط والبناء” في القرى والبلدات الفلسطينية في المناطق “ج”؛ وذلك لأن “الإدارة المدنية” هي المسؤولة فعليا عن إنفاذ قوانين الاحتلال في المناطق “ج”، ويتوقع أن ينفذ حزب الصهيونية الدينية عمليات هدم بيوت بشكل واسع جدا، بزعم أن بناءها تم بدون تصاريح. وإلى جانب ذلك، توسيع سياسة إسرائيل الحالية بالامتناع عن إصدار تصاريح بناء.
وينص الاتفاق بين الليكود والصهيونية الدينية على أن الوزير المعين في وزارة الأمن سيكون مسؤولا عن دائرة الاستيطان، “الخدمة الوطنية” الموازية للخدمة العسكرية، الكليات التحضيرية للخدمة العسكرية، وسيعمل بالتنسيق وبموافقة نتنياهو. والوزير المعين في وزارة الأمن لن يكون خاضعا لوزير الأمن، وإنما لرئيس الحكومة. وستكون لديه صلاحيات لدفع مشاريع في المستوطنات، التي تم تجميدها منذ سنوات إثر ضغوط دولية.