هل الأشخاص الطموحون هم أفضل القادة

تشكل القيادة عنصراً بالغ الأهمية في كل جانب من جوانب النشاط البشري، من الأعمال والتعليم إلى الحكومة والرعاية الصحية. وكثيراً ما نفترض أن أولئك الذين يطمحون إلى تولي مناصب قيادية هم الأكثر تأهيلاً لهذه الوظيفة. ولكن دراسة جديدة تتحدى هذا الافتراض، فتكشف عن فجوة صارخة بين الطموح وفعالية القيادة الفعلية.

وتستكشف الدراسة، التي أجراها الباحثون شيلان الزهاوي وإميلي إس. رايت وفرانسيس جيه فلين من كلية الدراسات العليا لإدارة الأعمال بجامعة ستانفورد، العلاقة بين الطموح وتقييمات القيادة. وتشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أنه في حين أن الأفراد الطموحين أكثر ميلاً إلى السعي إلى الحصول على أدوار قيادية، إلا أنهم قد لا يكونون بالضرورة قادة أكثر فعالية من نظرائهم الأقل طموحاً.

مفهوم الطموح

في قلب هذا البحث يكمن مفهوم الطموح، والذي يُعرَّف بأنه السعي الدؤوب لتحقيق النجاح والإنجاز. وعادة ما ينجذب الأفراد الطموحون إلى المناصب القيادية، بدافع من الوعد بالسلطة والمكانة والمكافآت المالية. ومع ذلك، تثير الدراسة، التي نُشرت في مجلة PNAS Nexus، سؤالاً مهمًا: هل يترجم هذا الطموح إلى مهارات قيادية أفضل؟

وللتحقق من هذا السؤال، أجرى الباحثون دراسة واسعة النطاق شملت 472 من المديرين التنفيذيين المسجلين في برنامج تنمية القيادة. وتم تقييم هؤلاء المديرين التنفيذيين على أساس 10 كفاءات قيادية من قبل أقرانهم ومرؤوسيهم ومديريهم وأنفسهم. وفي المجموع، حللت الدراسة 3830 تقييمًا، مما يوفر رؤية شاملة لفعالية كل قائد من وجهات نظر متعددة.

تناقض كبير

ولعل النتيجة الأكثر إثارة للتفكير في الدراسة هي التناقض الكبير بين الكيفية التي ينظر بها القادة الطموحون إلى أنفسهم والكيفية التي ينظر بها الآخرون إليهم. فقد صنف الأفراد الطموحون أنفسهم باستمرار باعتبارهم قادة أكثر فعالية في مختلف الكفاءات. ومع ذلك، لم يتم تأكيد هذا التقييم الذاتي الإيجابي من خلال التقييمات من أقرانهم أو مرؤوسيهم أو مديريهم.

على سبيل المثال، يعتقد القادة الطموحون أنهم أفضل في تحفيز الآخرين، وإدارة العمل التعاوني، وتدريب وتطوير الأشخاص. كما يعتقدون أنهم يتمتعون بتوجه أقوى نحو النمو وأنهم أكثر مسؤولية عن النتائج. ومع ذلك، لم يلاحظ زملاؤهم ومرؤوسوهم هذه القدرات المتفوقة في الممارسة العملية.

الاختيار الذاتي

أضافت الدراسة أن هذا الانفصال بين تصور الذات والواقع له آثار كبيرة على كيفية اختيارنا وتطويرنا للقادة. تعتمد العديد من المنظمات على عمليات الاختيار الذاتي، حيث يختار الأفراد بنشاط أن يتم النظر فيهم لأدوار القيادة. والافتراض هو أن أولئك الذين يتقدمون هم المرشحون الأكثر كفاءة. ومع ذلك، تشير هذه الدراسة إلى أن مثل هذا النهج يكون معيبًا، حيث يعزز الأفراد بناءً على طموحاتهم وليس مهاراتهم القيادية الفعلية.

أسباب الانجذاب للقيادة

يقترح الباحثون أن الأفراد الطموحين ينجذبون إلى أدوار القيادة لأسباب لا علاقة لها بقدراتهم. إن إغراء الرواتب الأعلى، والسلطة الأكبر، والمكانة الاجتماعية المتزايدة يدفعهم إلى السعي وراء هذه المناصب، بغض النظر عن قدراتهم القيادية الفعلية. ولتبرير هذا السعي، يبالغ الأفراد الطموحون دون وعي في تصوراتهم الذاتية لفعالية القيادة.

وتتوافق هذه الظاهرة مع المفاهيم النفسية مثل الاستدلال المدفوع والتنافر المعرفي. ففي الأساس، يميل الناس إلى تفسير المعلومات بطريقة تؤكد معتقداتهم أو رغباتهم القائمة. وفي هذه الحالة، يقنع الأفراد الطموحون أنفسهم بمهاراتهم القيادية المتفوقة لتبرير سعيهم إلى مناصب أعلى.

اختيار القيادات

أشارت الدراسة إلى حاجة المنظمات والأفراد إلى إعادة النظر في نهجهم في اختيار وتنمية القيادات. فبدلاً من الاعتماد فقط على الاختيار الذاتي والأفراد الطموحين الذين يهيمنون على مجموعات المرشحين، قد تستفيد الشركات من تحديد وتشجيع الأفراد الذين يمتلكون إمكانات قيادية ولكنهم يفتقرون إلى الثقة أو الطموح اللازمين لملاحقة مثل هذه الأدوار.

وعلاوة على ذلك، يسلط البحث الضوء على أهمية جمع وجهات نظر متنوعة عند تقييم فعالية القيادة. فالاعتماد فقط على التقييمات الذاتية أو آراء مجموعة واحدة (على سبيل المثال، الأقران فقط أو المرؤوسين فقط) يوفر صورة غير كاملة أو متحيزة للقدرات الحقيقية للزعيم.