هل البلقان على شفير حرب جديدة ؟

فيما يحبس العالم أنفاسه منذ نحو عشرة أشهر خشية توسع نطاق الحرب الروسية الأوكرانية، بدا أن طبول حرب جديدة تدق بين بلغراد وبريشتينا، إثر إعلان التأهيب العسكري، وإغلاق السلطات في كوسوفو أكبر معبر حدودي مع صربيا وسط توترات بين البلدين.

وكان محتجون صرب في مدينة ميتروفيتشا المنقسمة عرقياً في شمال كوسوفو، أقاموا حواجزَ جديدة على الطرق، أمس (الثلاثاء)، بعد ساعات من إعلان صربيا وضع جيشها في حالة تأهب قصوى، ما من شأنه إذكاء التوترات المتصاعدة بين بلغراد وبريشتينا منذ أسابيع.

وأثار تحرك الجيش الصربي نحو الحدود مع كوسوفو في ظل توترات متأججة تخوفات دولية من وقوع حرب جديدة في شرق أوروبا. ووصف رئيس الأركان العامة للجيش الصربي الجنرال ميلان مويسيلوفيتش، الوضع في شمال كوسوفو وميتوهيا بأنه «معقد» ويتطلب وجود القوات المسلحة على طول الخط الإداري بين كوسوفو والجزء الأوسط من البلاد، فيما حذرت رئيسة الوزراء الصربية آنا برنابيتش، من أن الأوضاع مع كوسوفو «على حافة الانزلاق إلى نزاع مسلح».

وطالب سفراء دول بريطانيا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة وفرنسا، الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش بتفكيك الحواجز التي أقامها موالون لبلاده في شمال كوسوفو وميتوهيا، فيما أعرب فوتشيتش عن أسفه لبيان الاتحاد الأوروبي، بخصوص توتر الأوضاع في الإقليم، ووصفه بـ «المخجل»، واتهم المجتمع الدولي، بالتآمر مع ألبان كوسوفو، لطرد الصرب من إقليم كوسوفو وميتوهيا.

من جهته، وجه الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، مساء (الإثنين)، بوضع قوات الجيش والشرطة على أهبة الاستعداد، رداً على الأحداث الأخيرة في المنطقة، وتحسباً لقيام كوسوفو بمهاجمة الصرب وإزالة الحواجز بالقوة.

ومنذ العاشر من الشهر الجاري، بدأ الصرب في شمال كوسوفو في إقامة عدة حواجز على الطرق، حول مدينة ميتروفيتشا وداخلها، وتبادلوا إطلاق النار مع شرطة كوسوفو.

ووضع متشددون من الصرب أمس (الثلاثاء) حاجزاً شمال مدينة متروفيتشا المقسمة الواقعة في كوسوفو، مستخدمين شاحنات محملة بالحجارة والرمال لمنع الوصول إلى حي بوسني.

وأفادت حكومة كوسوفو، بأنه لا يمكن لكوسوفو الدخول في حوار مع العصابات الإجرامية، ويجب عودة حركة المرور لطبيعتها. لن نسمح بوجود حواجز على أي طريق.

وفي ردّها على طلب إزالة الحواجز، قالت الحكومة إن قوات الشرطة قادرة على التدخل ومستعدة له، لكنها تنتظر قوات حفظ السلام التي يقودها حلف شمال الأطلسي في كوسوفو التي تلعب دوراً محايداً.

بدورها، دعت قوات حفظ السلام في كوسوفو في بيان، جميع الأطراف إلى المساعدة على بسط الأمن وضمان حرية الحركة في كوسوفو ومنع الروايات المضللة من التأثير على عملية الحوار.

يذكر أن النزاع نشأ مع انفصال كوسوفو عن صربيا عام 1999، وإعلان استقلالها عنها عام 2008، لكن بلغراد ما زالت تعدّها جزءا من أراضيها، وتدعم أقلية صربية تعيش في كوسوفو. ويشكل الصرب نحو 5% من سكان كوسوفو، في حين أن 90% من السكان من أصل ألباني، فيما يعيش نحو 50 ألف صربي في شمال كوسوفو، لا يعترفون بإعلان استقلالها ويحتفظون بروابط وثيقة مع بلغراد.

وتحظى كوسوفو باعتراف أكثر من 100 دولة، معظمها غربية، لكن ليس من بينها صربيا وروسيا والصين، وتحافظ قوة تابعة لحلف شمال الأطلسي «الناتو» تتألف من 3770 عسكريا على السلام الهش في كوسوفو.