هل تساعد الأسلحة الغربية أوكرنيا على قلب موازين الحرب؟


12:47 م


الأحد 02 يونيو 2024

كييف – (بي بي سي)

حصلت أوكرانيا على الموافقة باستعمال الأسلحة الغربية، في ضرب أهداف داخل روسيا. فما الذي سيغيره هذا القرار، وما أثره على خط المواجهة في أوكرانيا؟

كانت الدول الغربية، حتى الآن، تضع قيودا على استعمال أسلحتها، والاقتصار على ضرب الأهداف العسكرية داخل أوكرانيا، بما فيها شبه جزيرة القرم، والأقاليم المحتلة. ويعود ذلك إلى خشيتها من أن يؤدي استعمال أسلحة دول الناتو داخل الحدود الروسية، المعترف بها دوليا، إلى تصعيد النزاع.

ولكن التقدم الروسي الأخير في خاركيف، شمال شرقي أوكرانيا، أقنع حلفاء كييف، بأنه لابد لأوكرانيا من أن تكون قادرة على تدمير أهداف عسكرية في الجانب الآخر من الحدود، إذا أرادت أن تدافع عن نفسها.

فقد شنت روسيا، الشهر الماضي، هجوما واسعا في المنطقة، فتحت فيه جبهة جديدة، وسيطرت على العديد من القرى. وشكل التقدم الروسي تهديدا خطيرا لخاركيف، المدينة الثانية في أوكرانيا، التي تقع على بعد 30 كيلومترا من الحدود.

والواقع أن الحدود هي أيضا خط المواجهة. فحظر استعمال الأسلحة الغربية في ضرب الأهداف خارج حدود أوكرانيا، سمح للقوات الروسية بالتحضير لعملياتها العسكرية في مأمن من أي خطر أوكراني.

وبعد ضغوط من أوكرانيا ودول في الاتحاد الأوروبي، وافقت الولايات المتحدة على تغيير سياستها والسماح لأوكرانيا بضرب روسيا بالأسلحة الغربية.

وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الجمعة، في اجتماع وزراء خارجية الناتو في براغ: “فحوى التزامنا هو التكيف والتعديل بما تتطلبه الظروف، والاستجابة لما يجري في ساحة المعركة، لضمان حصول أوكرانيا على ما تحتاجه، في الوقت الذي تحتاجه”.

وقبل أيام قليلة من هذا الإعلان، هدد الرئيس الروسي، فلايمير بوتين، بتوسيع “مناطق الحماية”، إذا استعملت الأسلحة الغربية الطويلة المدى في ضرب التراب الروسي.

وأضاف أنه “عليهم أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار قبل التحدث عن ضرب الداخل الروسي”.

وربما من أجل تجنب التصعيد، لم تتضمن الموافقة الأمريكية أسلحة المدى الطويل، مثل أنظمة الصواريخ التكتيكية. ويبلغ مدى هذه الصواريخ 300 كيلومتر، ويمكنها أن تستعمل لضرب قواعد عسكرية أو مطارات داخل روسيا.

ولا تسمح هذه القيود لأوكرانيا إلا بضرب الأهداف القريبة من حدودها، ولكن هذا التحول في سياسة حلفاء كييف له أهمية كبيرة.

فالأسلحة القصيرة المدى، التي تصل إلى 70 كيلومتر، مثل قاذفات الصواريخ هيمارس، بإمكانها أن تعرقل حركة وعمليات القوات الروسية، وبالتالي تعطيل هجماتها.

وتستطيع أوكرانيا الآن أن تضرب المواقع التي “تتجمع فيها قوات العدو وتجهيزاته ومخازنه، وتستعمل للهجوم على أوكرانيا”، حسب يوري بوفخ، المسؤول عن تنسيق العمليات العسكرية في الشمال الشرقي.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مطلع الأسبوع، إن روسيا تجمع قواتها على بعد 90 كيلومتر من خاركيف استعدادا لهجوم آخر.

وأكد معهد الدراسات الحربية، بعد تحليل صور الأقمار الاصطناعية، وجود “نشاط موسع في المخازن والمستودعات” بالمنطقة. فالقدرة على استهداف هذه المنشآت تعزز طاقة القوات الأوكرانية على التصدي لهجمات جديدة بالمنطقة.

ولكن رفع الحظر عن الأسلحة الغربية ليس من شأنه مساعدة أوكرانيا في حماية نفسها من القنابل الروسية الحوامة. وهي قنابل تحدث دمارا واسعا، واستعملتها روسيا في خاركيف، والقرى الحدودية. وعليه فإن القوات الأوكرانية مطالبة باستهداف الطائرات التي تحمل هذه القنابل.

والسلاح الوحيد الذي بحوزة أوكرانيا، وبإمكانه أن يعترض هذه الطائرات هو نظام الدفاع الجوي الأمريكي، باتريوت. ولكن نصب هذا النظام قرب الحدود فيه مخاطرة كبيرة. فالمسيرات التجسسية بإمكانها رصده بسرعة. وبإمكان موسكو عندها إطلاق صورايخ اسكندر لتدمير هذا النظام الباهض الثمن.

واللافت للانتباه هو أن بريطانيا وفرنسا تزودان أوكرانيا بصواريخ تطلق من الجو تسمى ظل العاصفة، ولم تفرضا أي قيود صريحة على استعمالها. ويصل مدى هذه الصواريخ إلى 250 كيلومتر. بل إن الرئيس الفرنسي، إيمانيول ماكرون، قال الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي: “علينا أن نسمح لأوكرانيا بأن تدمر المواقع العسكرية التي تنطلق منها الصواريخ، أي المواقع التي تتعرض منها أوكرانيا للهجوم”.

وينظر إلى هذه التصريحات على أنها موافقة على استعمال نظام صواريخ ظل العاصفة، حسب ضابط في سلاح الجو، فضل عدم ذكر اسمه. وعليه فإن أوكرانيا بإمكانها الآن ضرب مطارات في مناطق كورسك وبلغورود المحاذية للحدود الأوكرانية.

ولكن هذه العمليات محدودة الأهداف. فطائرات سوخوي 24 التي بحوزة أوكرانيا عليها أن تقترب من الحدود الروسية حتى تتمكن من إطلاق الصورايخ، وهو ما يجعلها عرضة لدفاعات الجو الروسية. فطائرات أف 16 التي يتوقع أن تحصل عليها أوكرانيا بنهاية السنة، أكثر فاعلية في إنجاز المهمة. ولكن الرئيس زيلينسكي اعترف أنه ليس واضحا ما إذا كان حلفاء أوكرانيا سيوافقون على استعمال هذه الطائرات في الهجوم على روسيا.

وقال الجمعة في مؤتمر في استوكهولم: “أعتقد أن استعمال الأسلحة الغربية في التراب الروسي مسألة وقت”.

وتسعى القوات الأوكرانية إلى تطوير أسلحتها الخاصة في ضرب القواعد الخلفية الروسية. فبعض مسيراتها ضربت مخازن نفطية ومنشآت عسكرية على بعد مئات الكيلومترات من الحدود.

وكان آخر هجوم على محطة رادار في مدينة أورسك، الواقعة على بعد 1800 كيلومتر من الحدود الأوكرانية.