هل تنتقم “طالبان” وتستهدف الأمير هاري شخصيا بعد اعترافه بقتل 25 أفغانياً ووصفهم بالشطرنج؟

وحده مُواطن الغرب فيما يبدو، الذي يحق له أن يتبجّح بجرائمه ضدّ الإنسانيّة، ويستطيع أن يكون أكثر وقاحةً وجرأة لو كان يحمل لقب أمير، هذا تعليق من بين التعليقات الكثيرة المُتفاعلة عربيّاً، وعالميّاً مع تصريحات الأمير البريطاني أو الدوق هاري، والذي قال فيها بأنه قتل 25 أفغانيّاً أثناء خدمته في أفغانستان، ووصفهم بقطع شطرنج وليسوا كبشر.

ويبدو أن الأمير هاري، قد وضع الجيش البريطاني بتصريحاته اللاإنسانيّة هذه، موضع الإحراج العالمي، حيث يُقدّم الأخير إلى جانبه الجيش الأمريكي كالمُخلّص الذي يُنقذ الشعوب من طُغاتها، ولكن يبدو أن هذه الجيوش، وباعتراف الأمير هاري، تدخل ميادين تلك الدول، للقتل، والإجرام، والتعامل مع البشر كقطع شطرنج، وجاءت تصريحات هاري هذه في مذكّراته التي لم تُنشر بعد.

وطالما جرى تقديم تنظيم “طالبان” في الإعلام الغربي، على أنها حركة إسلاميّة مُتطرّفة، هدفها مُهاجمة دول الغرب البريء المُسالم، لكن تصريحات الأمير هاري خدمت “طالبان”، ودون أن يقصد الأمير الشاب، حيث حذّر الجيش البريطاني بالفعل من أن تُغذّي تصريحات “الدوق” الدعاية الجهاديّة لطالبان، حيث الأخير تقول أدبيّاته بأن الحكومات الغربيّة تحتل بلاد المُسلمين، لقتل شُعوبها، ونهب خيراتها، لذلك لا بد من الرد على هذه الانتهاكات بالانتقام.

قد يكون الأمير هاري قد وضع أفراد وعناصر جيش بلاده، موضع الأهداف للانتقام الطالباني، فالعسكريون البريطانيون اتّهموا هاري بالخيانة، بتعريضه الجيش والجنود، وحتى الجمهور العام للخطر، فيما حذّر القائد السابق للقوات البريطانيّة الكولونيل ريتشارد كيمب في أفغانستان طالبان من استغلال تصريحات الأمير السيّئة، وشن هجمات ضد المملكة المتحدة.

المملكة المتحدة المُنشغلة هذه الأيّام بأزمات اقتصاديّة، ودعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، قد لا ينقصها وفق مُعلّقين العودة إلى مُربّع المُواجهة مع التنظيمات الإسلاميّة المُتشدّدة، ولكن الأمير هاري قد يكون وضعها، بدليل حالة الغضب التي عبّر عنها العديد من المسؤولين في طالبان بعد تصريحات الأمير البريطاني.

أنس حقاني، وهو مسؤول رفيع المُستوى في طالبان، انتقد الأمير هاري، وقال بأن هؤلاء الذين قتلهم الأخير هم أفغان لديهم عائلات، وليسوا قطع شطرنج، واتهم حقاني هاري بارتكاب جرائم حرب، وهاري خدم في جيش بلاده 10 سنوات.

ورغم أن الأمير هاري قد برّر قتله للأفغان، باستذكار هجمات 11 سبتمبر، والاتهام المُوجّه لهم بوقوفهم خلف التفجير، وتحديدًا تنظيم القاعدة، إلا أن هذا المُبرّر عرّضه لانتقادات بريطانيّة، خوفاً من انتقام طالباني، وعدّوها حالة تباهي ووضعه موضع مجرم حرب بالنسبة للأفغان، حتى أن الصحافية المتخصصة في شؤون العائلة الملكيّة تينا براون وصفت تصريحات هاري، بالأمر المُنفّر بدرجة كبيرة، ولا تظن بأن أحدًا سيكن له الإعجاب على فعلته تلك.

ويبدو أن حالة الغضب التي يعيشها الأمير هاري، من عائلته الملكيّة، وما تعرّض له بعد زواجه من الممثلة السابقة ميغان، تدفعه لمُعاداة عائلته، وجيش بلاده، وكل ما هو بريطاني، حتى هو نفسه، فصحيفة “الغارديان” نقلت عن مُحاربين بريطانيين قُدامى، بأن اعتراف هاري بقتله 25 أفغانيّاً قد يزيد من المخاطر على أمنه الشخصي.

ولفت مُعلّقون إلى أن حالة الهزيمة والانسحاب التي مُنيت بها القوّات الأمريكيّة من أفغانستان، وبشكل هُروب مُذل على يد حكومة طالبان، دفعت بريطانيا إلى المُسارعة للتبرير والتوضيح للأفغان وطالبان، ولعلّ التوضيح اللافت والأبرز في ذلك السياق، حين يقول الكولونيل تيم كولينز وهو الذي اشتهر بخطاب مُثير قبل بدء الحرب على العراق العام 2003، بأن حديث الأمير كان فظّاً، ونحن لا نقوم بعد جثث الأعداء بهذه الطريقة، وهذا ليس سُلوكنا في الجيش، هذه عبارة كفيلة بأن تُظهر كيف يحسب جيش بريطانيا “العُظمى” حساب غضب أفغانستان، وطالبان تحديدًا!