. هل تنجح “وثيقة جنين” بما فشلت به لقاءات المصالحة؟

 تحت شعار الوحدة الوطنية و”تطوير آليات جديدة لمواجهة حكومة حسم الصراع الصهيونية”، أطلقت مجموعة من الشخصيات الفلسطينية وممثلو مؤسسات محلية، وثيقة لتحقيق الوحدة الفلسطينية باسم “وثيقة جنين”.

وبعد إعلان شخصيات من مدينة ومخيم جنين الوثيقة خلال مؤتمر صحفي عقد برام الله الخميس، نُشر نصّها للتوقيع عليه من أكبر عدد من المواطنين والنشطاء والقيادات، آملين الوصول إلى نصف مليون توقيع وتشكيل ضغط أكبر على الأحزاب الفلسطينية والسياسيين للتحرك الجدي نحو المصالحة، كما يقول نضال نغنغيه، أحد القائمين على الوثيقة.

وأوضح نغنغيه، أن “هذه الوثيقة انبثقت من الميدان سعيا للاتفاق على الحد الأدنى وطنيا لمواجهة حكومة الاحتلال المتشددة”. وتستمد قوتها من كونها “دون راع حزبي”، فهي “وثيقة شعبية ومن الشارع الفلسطيني”.

 

مصالحة وإصلاحات داخلية
وتضمّنت الوثيقة التي استعرض محتواها الناطق باسم الوثيقة، المناضل الفلسطيني فتحي خازم، وهو والد شهيدين وشخصية وطنية معروفة من مخيم جنين:

إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية بميثاقها الوطني وبصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
الدعوة لعقد لقاء للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية.
تفعيل قيادة سياسية موحدة لكل الفصائل والقوى في الميدان.
ترسيخ مفهوم الوحدة السياسية والجغرافية والشعبية.
رفع شعار “الشعب والسلطة والمقاومة في خندق واحد”.
إعلان “حالة الاشتباك السياسي والقانوني مع المشروع الصهيوني العنصري ونظام التفريغ العنصري” في كل الساحات الوطنية والمحافل الدولية والجهات القانونية.
الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

وتطرقت الوثيقة إلى مساندة قطاع غزة للصمود في وجه الحصار المفروض عليه، من خلال إطلاق مبادرة التكافل الاجتماعي والوطني والاقتصادي.

كما تسعى الوثيقة إلى فضح سياسات الاحتلال من القتل والعنصرية والحصار والإغلاقات والاستيطان والتهويد، والدعوة لتشكيل قوة دولية رسمية في مواجهة الاحتلال، إضافة إلى المضي قدما في التوجه إلى المؤسسات الدولية ذات العلاقة، وتعزيز دور منظمات حقوق الإنسان في فضح الانتهاكات الإسرائيلية العنصرية، مع التأكيد على أن مقاومة المحتل بكافة إشكالها حق مشروع كفلته كل المواثيق والأعراف الدولية.

كل ذلك إلى جانب ضمان حرية التعبير لكل الفلسطينيين، ووقف كافة أشكال التحريض الإعلامي، والاعتقالات السياسية. وفي حال تعذّر إنجاز الوحدة الوطنية والسياسية، تشدد الوثيقة على أن البديل هو “الوحدة الشعبية الميدانية” أي المقاومة معا في الميدان.

 

“غير قابلة للتطبيق”
تحمل الوثيقة خطا نظريا لتحقيق الوحدة، ولكن عمليا هل تنجح فيما عجزت عنه عشرات اللقاءات وجلسات المصالحة منذ الانقسام الفلسطيني عام 2007، خاصة في ظل مقاطعة حركتي حماس والجهاد الإسلامي المؤتمر الذي عقد توطئة لها في مخيم جنين قبل أيام؟

وأبدت حركة حماس موافقتها على مضمون الوثيقة في بداية طرحها الأسبوع الماضي، ولكنها أعلنت مقاطعتها بعد مهاجمة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة جنازة الشهيد عبد الفتاح خروشة بمدينة نابلس في الثامن من مارس/آذار، الذي كان أحد عناصر الحركة المعروفين، والذي نفذ عملية مسلحة أدت إلى قتل مستوطنين اثنين في بلدة حوارة قبل أسبوعين.

ويوضّح القيادي في حماس الشيخ حسين أبو كويك موقف الحركة قائلا إنه “لم يكن لديها تحفظ على المشاركة احتراما للقائمين على الوثيقة والثقة بهم وبوطنيتهم وخاصة أنها صادرة من مدينة جنين التي تطبق الوحدة الوطنية على الأرض”.

ووفق أبو كويك، كانت حركة حماس طالبت بإجراءات حسن نية من خلال الإفراج عن معتقليها في سجون السلطة الفلسطينية، “لنتمكن من تبرير مشاركتنا بالوثيقة لكوادرنا”. ولكن ما جرى كان العكس حيث “شهدنا اعتداءات على عناصر الحركة واعتقالات طالت حتى الآن 25 منهم مما جعل المشاركة غير ممكنة”.

وشكّك أبو كويك في القدرة على تطبيق ما جاء في الوثيقة التي تدعو أساسا إلى الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام المستمر منذ الاقتتال الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس صيف 2007.

وقال المسؤول في حركة حماس إن تطبيقها أصبح غير ممكن “بعد إعلان السلطة المشاركة بقمة أميركية وإسرائيلية جديدة في شرم الشيخ”.

“غير شاملة”
أما حركة الجهاد الإسلامي، فرغم توافقها مع حركة حماس على مقاطعة اللقاء الذي انبثقت عنه الوثيقة، فإن أسبابها اختلفت. فكما يقول طارق قعدان، من قيادات الحركة في جنين، فإن هذه الوثيقة لم تحمل في طياتها ما يرتقي لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة. كما أنها “غير شاملة، وتركز فقط على الجانب الاجتماعي، في حين أن الانقسام الفلسطيني سياسي بامتياز”.

وبرأي قعدان، ركز القائمون على الوثيقة على حشد وجمع المواطنين حولها دون تقديم محتوى قوي يمكن البناء عليه لتحقيق الوحدة.

ولكن مقاطعة حماس والجهاد الإسلامي للوثيقة لا يعتبرها نضال نغنغيه، أحد القائمين عليها، عقبة أمام تحقيق أهدافها. وقال إنها مطروحة لكل الأحزاب ممن حضر وقاطع، ولكل صناع القرار السياسي الفلسطيني، “فهي وثيقة خرجت من قلب المواجهة والميدان الموحّد في مواجهة الاحتلال ومقاومته”.