تسعى الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي إلى عقد قمة لدول جوار العراق وبعض دول المنطقة نهاية هذا الشهر في بغداد، والهدف تهدئة الصراعات والنزاعات والمعارك المختلفة التي تستنزف طاقة المنطقة ويدفع العراق ثمناً كبيراً لها.
السؤال: ما هي فرص نجاح مثل هذه القمة؟!
للموضوعية فإن فكرة عقد هذه القمة أمر طيب جداً من حكومة الكاظمي، ومجرد انعقادها هو خطوة مهمة، للغاية. لكن فرص النجاح أمر صعب جداً، ويحتاج من الدول الإقليمية والكبرى ان تتخلى عن أطماعها، وأن تقبل بالحصول على جزء من أي كعكة وليس كامل الكعكة، وهو أمر صعب التحقيق.
الكاظمي أرسل مبعوثين خصوصاً وزيرَي الخارجية والدفاع لدول المنطقة، ليدعوها لحضور القمة، وكذلك بعض دول لا تجاور العراق مباشرة مثل مصر والإمارات وقطر. وهناك احتمال أيضاً بدعوة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية الفاعلة. ونتذكر أن وزير دفاع العراق عناد حسون زار القاهرة يوم الأحد الماضي، والتقى بالرئيس عبدالفتاح السيسي.
نظرة سريعة على علاقات دول جوار العراق ببعضها البعض تكشف حجم الأزمة التي تعيشها المنطقة.
دول جوار العراق هي إيران وتركيا وسورية والأردن والسعودية والكويت، ولو تمكنت العراق من مجرد جمع قادة هذه الدول وجهاً لوجه في بغداد، فإنها ستكون قد حققت اختراقاً دبلوماسياً كبيراً، يمكن أن يقود إلى حلحلة للعديد من الأزمات المستعصية، والتي تفاقمت في السنوات الماضية بصورة خطيرة.
السعودية لديها مشاكل صعبة جداً مع إيران، لكن الرياض بدأت تستعيد علاقتها الجيدة مع العراق. وتركيا لها مشاكل ضخمة جداً مع كل المنطقة تقريباً ما عدا قطر، وقواتها تحتل جزءاً من الشمال السوري، وتقصف شمال العراق بصورة شبه منتظمة. وسورية لديها مشكلة داخلية كبرى، إضافة لخلافات مع السعودية وبالطبع مع تركيا.
ومصر لديها مشاكل مع تركيا التي تدخلت في الشأن المصري بصورة غير مقبولة منذ عام ٢٠١١، وكذلك في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية ومنها سورية والعراق.
العراق لديه علاقات قوية مع سورية، والبلدان واجها عدواً مشتركاً هو “داعش” والعديد من التنظيمات المتطرفة. وللبلدين علاقات أكثر من وثيقة مع إيران.
العراق تمكن من تجاوز الكثير من المطبات والعقبات والتحديات، لكنه لا يزال يواجه الإرهاب الأسود، كما أنه لم يتمكن حتى الآن من التغلب على عقبة الميليشيات المسلحة التي تهدد هيبة الدولة ويحاول ان يقرب بين إيران ودول الخليج خصوصا السعودية والإمارات. لكن سورية لا تزال غير قادرة حتى الآن على فرض سيطرتها على بعض مناطق البلاد بسبب الدعم التركي والأميركي للعديد من التنظيمات المتطرفة أو المتمردة.
إيران أيضا لديها العديد من المشاكل والأزمات مع غالبية دول الخليج وبعض الدول العربية. وبالتالي فإن مجرد تصور وجود الرئيس الإيراني، أو حتى أي مسؤول كبير ووجود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مكان واحد مع قادة ومسؤولي دول الخليج ومصر وسورية والأردن، سيكون حدثاً فريداً.
مرة أخرى أمر القمة لم يحسم ويتأكد بصورة نهائية، وإذا عقدت فسيكون السؤال هو بأي مستوى من التمثيل سوف تشارك الدول المدعوة، وهل ستقبل بقية الدول الحاضرة وجود الرئيس السوري بشار الأسد؟. وبعدها سيكون السؤال الأساسي: هل هناك رغبة حقيقية من دول الإقليم في الدخول في مرحلة تهدئة بديلاً لسياسة المحاور والصراعات والسؤال الأهم: هل دول الجوار العربية ستقتنع بعلاقات مع الدول العربية، تقوم على أساس المصالح المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، أم أنها تتعامل مع المنطقة العربية باعتبارها «الرجل المريض»، الذي يفترض أن يتم تقسيم كعكته؟!
وماذا ستفعل إسرائيل التي ستكون أبرز المستائين والمتضررين من عقد هذه القمة، وأخيراً هل ينجح الكاظمي في تحويل العراق إلى ساحة للمصالحة بين العرب وكل من تركيا وإيران، بدلاً من كونه ساحة للصراع بينهما؟!
لننتظر قليلاً ونرى كيف ستسير الأمور؟
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0