ورأى الكاتب الصحفي ويليام غالستون أن الغزو الروسي لأوكرانيا كان تذكيرا قاسيا للقادة الغربيين بأهمية امتلاك قوة صارمة، وأحدث تغييرات عديدة أولها أنه أنهى الجدل حول الغرض من حلف شمال الأطلسي (الناتو) وإمكانية توسيعه.
وقال إن الخبراء الإستراتيجيين ممن كانوا يتخوفون من أن فتح الباب لتوسيع الحلف ليشمل دولا في أوروبا الوسطى ودول البلطيق من شأنه استفزاز روسيا، باتوا يرون الآن أن غزو أوكرانيا جعل توسع الحلف أمرا لا مفر منه، لافتا إلى أن دولا مثل فنلندا والسويد اللتين كانتا ترفضان الانضمام للحلف، الآن على وشك التقدم بطلب لنيل عضويته.
واستبعد غالستون أن يجدد إيمانويل ماكرون، الذي أعيد انتخابه أخيرا رئيسا لفرنسا، اتهاماته المتكررة بأن الناتو في حالة «موت دماغي»، في إشارة إلى التحول الذي شهده موقف القادة الأوروبيين بشأن أهمية الحلف ودوره بعد الحرب. وتوقع أن يخرج «الناتو» من الحرب الأوكرانية أكثر قوة واتحادا وفعالية.
وفي رأي كاتب المقال، فإن التغيير الثاني الذي أحدثته الحرب أنها غيرت ألمانيا التي تخلت عن السياسة الخارجية والدفاعية التي شكلتها ذكريات الحرب العالمية الثانية وتعهدت بإعادة بناء جيشها وزيادة الإنفاق العسكري بنحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي. وخففت برلين القيود التي كانت تفرضها على إمدادات السلاح للبلدان المنخرطة في صراعات عسكرية، ووافقت على إرسال أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا أخيرا.
فيما التغيير المهم الثالث الذي أحدثته الحرب يتمثل بحسب «وول ستريت» في إجبارها الدول الأوروبية على تقليل اعتمادها على الطاقة الروسية.
ولفت غالستون إلى أن قرار الاستغناء عن النفط والغاز الروسيين سيكون مؤلما للغرب في ظل شح الإمدادات وارتفاع الأسعار، لكن حتى ألمانيا التي لطالما كانت علاقاتها الواسعة مع روسيا في مجال الطاقة نقطة ضعف إستراتيجية للغرب، تدرك الآن أنه لا مفر من الاستغناء عن الطاقة الروسية.
ورجح أن القرار سيحتم على أوروبا التركيز خلال العقد القادم على تسريع انتقالها إلى مصادر الطاقة المتجددة، مع استبدال الوقود الأحفوري الروسي بإمدادات الطاقة من الشرق الأوسط وأفريقيا والولايات المتحدة، الأمر الذي سيتطلب برنامجا مكثفا لتهيئة موانئها وفقا لذلك.