ولا يبدو هذا الارتفاع في رواتب جراحي التجميل حكرا على السعودية فقط، فمتوسط راتب جراح التجميل في روسيا مثلا يتراوح بين 85 – 100 ألف روبل، وهذه الأرقام أعلى بكثير من رواتب المتخصصين في مجالات أخرى من الطب، وكذلك متوسط الراتب في البلاد بشكل عام. أما في كوريا الجنوبية، فإن جراحي التجميل هم الأخصائيون الأكثر أجرًا، ورواتبهم هي الأعلى، فهي بين 2.9 و3.2 ملايين روبل. بينما يحصل المتخصصون من أمريكا على نحو من 40 إلى 50 ألف دولار شهريًا، أي ما يعادل من 2.5 إلى 3 ملايين روبل، ويتلقى الجراحون التجميليون في ألمانيا بين 800 ألف و1.2 مليون يورو.
يعيد مختصون هذا التقدم الجلي لأطباء التجميل في سلم الرواتب المهنية إلى الهوس السائد عالميا بعمليات التجميل، بالإضافة إلى ارتفاع أسعارها الذي انعكس بدوره على رواتب الأطباء، وفي مقدمتهم الاستشاريون.
الطلب المتزايد
يقول استشاري التجميل عبدالمنعم أمين: «من أهم الأسباب التي تجعل استشاري التجميل أو الأخصائي الأعلى راتبا صعوبة التخصص الذي يقوم به، حيث تعد جراحة التجميل هي التخصص القادر على إجراء تصحيح للمظهر في حال تطلب الأمر ذلك، إلى جانب القضاء على العيوب الخلقية في جسم الإنسان، سواء كانت في الوجه أو في كل نواحي الجسم، والعمل على تخفيف ما غيره العمر في ملامح الشخص، لذلك من الطبيعي أن يحصل أخصائيو جراحة التجميل على رواتب مرتفعة».
وأضاف: «في السنوات الأخيرة شهدنا زيادة كبيرة في الطلب على التجميل، خاصة في ظل وجود الإعلانات عبر السوشيال ميديا التى روّجت لهذه العمليات التي قد يكون بعضها لمجرد تحسين شكل الجسم دون الحاجة الماسة لها، مما حولها إلى موضة نتيجة تغير مفهوم المجتمع وثقافته، وبالتالي نستطيع القول إنها شكلت هوسا عند البعض، حيث أصبح يقبل عليها بشكل مفرط، كأن يجمل الأنف مرات متعددة، أو تجرى إحدى الفتيات عمليات تجميل لتشبه فنانة، وهذا منتشر بشكل كبير حاليا، وبالتالي جميع هذه الأمور رفعت سعر طبيب التجميل، خصوصا مع تسابق مراكز التجميل لاحتضان الطبيب المختص، وإغرائه براتب مرتفع، ولا سيما أنها تحصل على إيرادات كبيرة من هذه العمليات».
التسويق المغري
يرى استشاري جراحة تجميل ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ أنه «من الطبيعي أن ترتفع رواتب أطباء التجميل مع ارتفاع قيمة العمليات التي يجرونها، والتي قد تتخطى الـ20 ألف ريال في حالات معينة، وهذا يحقق مكاسب كبيرة لعيادات التجميل، وكلما زادت عدد عمليات الطبيب كلما ارتفع أجره طرديا».
ويبرر «حتى الأطباء أنفسهم باتوا يتنافسون في الترويج لعملهم، وتحولت العملية إلى التسويق الذي يدر مداخيل إضافية، دون أن ننسى هنا أن طبيب التجميل يقوم بعمل شاق ودقيق يحتاج إلى التركيز، ولا تقبل فيه أي أخطاء، مما يزيد الضغط النفسي عليه، وبالتالي فإن هذا يبرر له تقاضيه راتبا مرتفعا نتيجة الضغط الذي يتعرض له، مع يقينه أن أي خطأ قد ينهي مستقبله كطبيب لن يجد من يُقبل عليه لاحقا».
هوس متزايد
ارتفعت شعبية عمليات التجميل في معظم أنحاء العالم، سواء تعلق الأمر بدول غنية أو حتى فقيرة، على الرغم من انحسارها قليلا مع نهاية العقد الأول من القرن الحالي، حيث أسهم الكساد الذي ساد العالم، وكذلك جملة من فضائح أخطاء عمليات تكبير الثدي، في تراجع تلك العمليات، قبل أن تستعيد عافيتها، وتبدأ في الصعود رقميا منذ نحو 8 سنوات، وبأرقام تتوالى صعودا يوما بعد آخر.
تركز الصعود تحديدا في عمليات شفط الدهون وشد الوجه والعنق وتصحيح الأذن. وفي حديث إعلامي، علل استشاري التجميل البريطاني، آش موساهيبي، تزايد شعبية عمليات التجميل وزيادة الإقبال عليها بـ«تحسن الوضع الاقتصادي، واتجاه الناس للإنفاق أكثر على أوجه الرفاهية»، دون أن ينسى أثر وسائل التواصل في زيادتها، حيث يقول: «وسائل التواصل الاجتماعي باتت أكثر شعبية، فالناس ينشرون صورا لأنفسهم باستمرار، ويريدون أن يظهروا بشكل حسن».
ولم ينجح ارتفاع أسعار عمليات التجميل في الحد من انتشار الهوس بها بشكل مجنون، على الرغم من أن هذه الأسعار تبدو كبيرة جدا، ففي أمريكا، التي تعد من الدول الأعلى في إجراء هذه العمليات، يتراوح متوسط أسعار أهم عمليات التجميل بين 2000 و15 ألف دولار، وتتراوح عملية تجميل الأنف بين 2000 و8 آلاف دولار، وعملية شفط الدهون بين 3000 و15 ألف دولار، وعملية شد البطن بين 4500 دولار و15 ألف دولار.
ولا يقتصر الأمر فقط على الدول المتطورة والمتقدمة تكنولوجيا، فحتى في سورية، التي تعاني ويلات الحرب منذ أكثر من 10 سنوات، ثمة إقبال شديد على عمليات التجميل، ومن قِبل جميع الفئات والطبقات، على الرغم من الظروف المعيشية الصعبة وارتفاع الأسعار، حتى إن سيدات صغيرات يدخلن ما يسمى «جمعيات مالية»، وهي تتمثل في تسديد كل منهن مبلغا معينا، قد يكون 5 آلاف ليرة شهريا، على أن تتسلمه إحداهن الإجمالي في كل شهر وهكذا، ويرصدن هذه الجمعيات لعمليات التجميل، خصوصا البسيطة منها مثل حقن «البوتكس»، لإخفاء التجاعيد وخطوط الوجه، وهي الأكثر شيوعا، أو حقن «الفيلر» من أجل تجميل الشفاه. بينما تروج هناك حاليا آخر صيحات التجميل الخاصة بالبشرة ونضارتها، وتسمى «البروفايلو»، وهي عبارة عن حقن «لورونيك أسيد»، بأوزان جزئية مختلفة، في خمس نقاط، لا تعطي امتلاء أو حجما، وإنما لشد ونضارة البشرة، بتكلفة تبدأ من 700 ألف ليرة سورية للجلسة الواحدة (نحو 1000 ريال).
الطب في القمة
على الرغم من تغير خارطة رواتب الأطباء حسب تخصصاتهم، التي كانت تضع أطباء التخدير والجراحة، بما فيها جراحة الفم والفكين، في القمة، وتغيرها في بعض الدول لمصلحة أطباء التجميل، فإن مهنة الطب عموما ما زالت الأعلى دخلا في معظم دول العالم، وربما كذلك لا تزال الأعلى كلفة للحصول على شهادة أكاديمية لممارستها، حيث تصل كلفة الطب إلى 250 ألف دولار للفصل الدراسي في الجامعات الحكومية بأمريكا، و330 ألف دولار في الجامعات الخاصة، إلا أن رواتب الأطباء بقيت في القمة، وفي مقدمتهم أطباء التخدير الذي يعدون الأعلى أجرا في أمريكا بمتوسط راتب سنوي قدره 267 ألف دولار بالنسبة لحاملي الدكتوراه.
وجاء أطباء الجراحة وجراحة الفم والوجه والفكين في المركزين الثاني والثالث، على التوالي، ضمن تصنيف الوظائف اﻷعلى أجرا في 2020، حيث يحصل أطباء الجراحة على أجر سنوي يقدر بـ255 ألف دولار في المتوسط، بينما يحصل أطباء جراحة الفم والوجه والفكين على 242 ألف دولار سنويا في المتوسط.
ويصنف أطباء التجميل من بين أطباء الجراحة، لذا يبدو مفهوما أن تقدمهم في سلم الرواتب منطقي للمركزين الثاني والثالث عالميا، علما أن طبيب التخدير، الذي يسبقهم، قد يكون ضروريا كذلك لعمليات التجميل التي يجرونها، على الأقل تلك المعقدة منها.
وتمتاز بعض الدول، مقارنة بأخرى، في المزايا والرواتب العالية التي تمنحها لأطبائها عموما، حيث تعد هولندا مثلا «دولة الأحلام» للأطباء، لارتفاع راتب أطبائها، وقصر ساعات عمهلم، حيث يحصل الاختصاصي في هولندا على نحو 253 ألف دولار سنويا، بينما يحصل الممارس على نحو 117 ألف دولار سنويا.
وفي أستراليا، يتقاضى الطبيب المتخصص 247 ألف دولار، والممارس 91 ألف دولار، وفي بلجيكا يحصل المختص على 188 ألف دولار سنويا، مقابل 61 ألفا للممارس، وفي كندا يحصل الأخصائي على 161 ألف دولار سنويا، والممارس على 107 آلاف دولار، وفي بريطانيا يحصل الطبيب المتخصص على 150 ألف دولار، والممارس على 118 ألفا تقريبا، وفي فرنسا يحصل المتخصص على 149 ألف دولار سنويا، والممارس على 92 ألف دولار.
وتأتي أيرلندا ثامنة بأعلى الأجور للأطباء، حيث يصل راتب المتخصص فيها إلى 143 ألف دولار، ويكسب الممارسون العموم بها نحو 90 ألف دولار سنويا.
وتاسعا تأتى سويسرا، إذ يصل راتب الطبيب المتخصص فيها إلى 130 ألف دولار، والممارس إلى 116 ألف دولار سنويا.
متوسط أجور الأطباء السنوية عالميا
(وفق يو. إس. نيوز آند وورد ريبورت)
1ـ طبيب التخدير
267.020 دولارا
2- الطبيب الجرّاح
255.110 دولارات
3- طبيب جراحة الفم والوجه والفكيّن
242.370 دولارا
4- طبيب التوليد وأمراض النساء
320.238 دولارا
5- طبيب تقويم الأسنان
225.760 دولارا
6- الطبيب النفسي
220.380 دولارا
7- الطبيب العام
196.490 دولارا
8- طبيب الباطنة
191.400 دولار
9- طبيب الأطفال
183.240 دولارا
10- طبيب الأسنان
175.840 دولارا
مقارنات بين دول المنطقة في رواتب جراحي التجميل
السعودية
22000 ـ 52000 ريال (متوسط)
77000 ريال (حد أعلى)
الإمارات
27000 ـ 63000 درهم (متوسط)
93000 درهم (حد أعلى)
قطر
20000 ـ 45000 ريال (متوسط)
71000 ريال (حد أعلى)
عمان
2500 ـ 5300 ريال عماني (متوسط)
8400 ريال (حد أعلى)
البحرين
2200 ـ 4750 دينارا (متوسط)
7500 دينار (حد أعلى)
(تختلف الرواتب من الحد الأدنى للمتوسط إلى الأعلى حسب سنوات الخبرة)
جزئيات في رواتب أطباء التجميل في السعودية
ـ 24 ألف ريال
استشاري التجميل
الطبيب – أول مربوط دون بدلات
التشغيل الذاتي: 15640 ريالا سعوديا
وزارة الصحة:
ـ طبيب (أول مربوط): 9200 ريال سعودي
ـ طبيب عسكري (أول مربوط): 10860 ريالا سعوديا
راتب الطبيب السعودي في مستشفيات وزارة الصحة
ـ الطبيب المقيم السعودي: 9200 ريال
ـ الطبيب الاستشاري السعودي: 14950 ريالا
في مستشفيات التشغيل الذاتي
الطبيب المقيم السعودي: 15640 ريالا
الاستشاري السعودي: 25415 ريالا