هي لنا دار.. ونحن لها جُند

في أواخر سبتمبر من كل عام تتأهب النفوس لعيش لحظات ذكرى وطنية خالدة، يمتزج فيها الولاء والانتماء لتراب الوطن الغالي، والعز بتاريخه التليد، والفخر بحاضره العظيم، والطموح الواثق بما سيكون عليه المستقبل، نعيش هذا اليوم متأملين «ارفع الخفاق الأخضر» بألوان الرخاء والأمن والسلام، ذاك اللون النابض بالأمل والحياة، والوعد بغدٍ مشرق وضاء، نعيش يومنا الوطني متدبرين «يحمل النور المسطر» وكيف بنيت هويتنا بأساس الشريعة والدين القيم، وسيف الحكم والعدل والعزم، فخر ومآثر، وركائز شامخة راسخة، تبقى معانقة للسماء حيث هو شأنها العظيم ومكانها على خارطة التاريخ.

نستشعر في هذا اليوم جُل التفاصيل التي يحملها النداء العظيم «سارعي للمجد والعليا» لتستنهض همة كل مواطن، إقدام لا تثني عزائمه الصعاب والمهمات، يغذي بأسه القبس المسطر بأحرف التوحيد فلا ينيخ رحله إلا على قمم النجاح والتمكين، وبلوغ الآمال والأهداف.

نحتفي باليوم الوطني الـ91 للمملكة، ننتشي عبق ذكرى توحيد بلادنا الحبيبة، ورسم حدود أرضها الطاهرة المنيعة على يد جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود (طيب الله ثراه) تحت مسمى المملكة العربية السعودية، 91 صفحة من صفحات التاريخ، ترسم بحبرها تلك الملحمة التي خاض غمارها قائد فذّ محنّك برؤيته الثاقبة وحكمته السديدة وفكره الملهم، ليجمع شتات الأمة المتفرقة ويلم أطرافها المتباعدة، ويوحد تضاريسها المترامية بوثاق اللحمة الوطنية، وضمن كيان راسخ الجذور متماسك القواعد والأركان، مجد لا يقبل التأويل إلا بمعاني الفخر والعزة والشموخ والإرث الرفيع مكانة ومنزلة وعن جدارة واقتدار، ليسير على إثره ونهجه قادة عظماء كانوا خير خلف لخير سلف، حملوا الأمانة وأخلصوا النية والعمل للسير بمملكتنا نحو غد مشرق يعقبه نماء مقبل بإذن الله، حتى باتت اليوم في ظل قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين (حفظهما الله) وبما رسموه من رؤى ثاقبة ضمن رؤية المملكة 2030 أنموذجًا للتطور والرخاء، وصورةً مشرّفة تضم ملامح النهضة والتميز، ورمزًا رائدًا من رموز التنمية، تحتل مكانتها المتقدمة في شتى الميادين، ويعلو شأنها البارز منابر الاستراتيجيات والخطط الدولية سياسيًا واقتصادياً وبيئياً ومجتمعيًا؛ لتكون في مقدمة الركب الدولي كإحدى أبرز الدول منزلة ومكانة وقوة وصناعة قرار، ترفل برغد دائم، وتحمل لنا وعدا خالصا بعد توفيق الله بأنها ستكون لنا دائمًا الدار والحضن والوطن الآمن مهما تكالبت الصعاب وواجهت التحديات وتوالت العقبات، لنكون لها نحن بأرواحنا جمَع وجُند وسواعد بناء وفية صادقة، مخلصة أبية.

وفي خضم هذه المسيرة المباركة تقف منظومة التعليم في المملكة شاهد عيان على هذا التقدم والتطور الذي اشرأبَّت له صفحات التاريخ منذ أن وُضعت لبنته الأولى ووصولاً إلى هذا العهد الذي يشهد فيه التعليم مراحل غير مسبوقة، فباتت صروح التعليم تنافس مثيلاتها عالميًا، واحتلت جامعاتنا السعودية بفضل الله مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية ومؤشرات البحث العلمي والابتكار، مؤكدة على ما يلقاه هذا القطاع من اهتمام ودعم سخي من حكومتنا الرشيدة امتدادًا لإيمانها الراسخ بأن العلم هو ركيزة كل تطور وإنجاز، وأساس كل نجاح وتميز، وسبيل كل تنمية ونهضة، ومع تجديد الاعتزاز والفخر بمسيرة التعليم في المملكة، فإننا في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل نجدد العهد بالتمسك بدورنا كصرح تعليمي ورافد للفكر والمعرفة، واستمرار نهجنا في تهيئة أجيال الغد بأعلى معايير الجودة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي بما يضمن خلق بيئة محفزة ومنتجة تحقق التحول النوعي في عمليات التعليم ومخرجاته، وإحداث النقلة الإيجابية والطموح المأمول لمستقبل التعليم العالي علـى الوجـه الأكمـل بإذن الله، مستندين في ذلك على ما نلقاه من رعاية واهتمام قادة بلادنا (أيدهم الله) وما نحظى به من دعم وتعزيز من معالي وزير التعليم كحامل للراية وقائد للركب.

أخيرًا.. أتقدم في هذه المناسبة الغالية باسمي ونيابة عن جميع منسوبي جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالتهنئة الخالصة لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، والى أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وإلى نائب أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبد العزيز (حفظهم الله) سائلاً الله عز وجل أن يسدد على الحق خطانا، وأن يجعلنا دائمًا وأبدًا منابع للخير والنماء تكون أهلاً لما حظينا به من ثقة كريمة من لدن ولاة الأمر حفظهم الله، كما نسأله سبحانه بأن يحفظ بلادنا من شر الأشرار وأن يسدد جنودنا البواسل على ثغور الوطن، وأن يديم علينا وعلى جميع المسلمين نعمة الأمن والأمان والنصر والتمكين.

رئيس جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل