هُجوم نتنياهو على الضاحية الجنوبيّة واستهداف قائد من “حزب الله” ..

بعد ثلاثة أيّام من التهديدات باجتياح بيروت وتدمير البُنى التحتيّة فيها، بِما فيها المطار والادّعاء بتدمير “حزب الله”، تقوم الطّائرات الإسرائيليّة بهُجومٍ “مُفبركٍ” على مبنى في مُحيط مجلس الشّورى التّابع لحزب الله في حارة حريك في الضاحية الجنوبيّة، والادّعاء باغتيال الشّخص المسؤول عن قتل الأطفال في مجدل شمس الذي لم يتأكّد استِشهاده حتّى كتابة هذه السّطور.
إنّه هُروبٌ إسرائيليٌّ في أبشعِ وأوضح صُوره، ودليلٌ مُؤكّدٌ على حالة الرّعب التي يعيشها جيش نتنياهو، والتّراجع عن كُلّ التّهديدات، تَجَنُّبًا للرّد الانتقاميّ لحزب الله في العُمُق الفِلسطيني المُحتل.
هُناك العشرات من قادة حزب الله الميدانيين، ومن قال إنّ الشّخص المُستهدف بالاغتيال فؤاد شكر هو الذي يقف خلف الصّاروخ الذي ضرب مجدل شمس؟ وهو الذي أكّد حزب الله عدم إطلاقه على الإطلاق.

***
نتنياهو المهزوم يبحث عن ذريعةٍ للانسحاب والتّراجع يُوفّر له النّزول عن شجرةِ التّهديدات العالية، ووجدها في فبركةِ عمليّةٍ الاغتيال هذه وتضخيمها.
اغتيال قائد ميداني لحزب الله ليس حدثًا جديدًا، وإذا تأكّدت أنباء استشهاد شكر، فهو ليس الأوّل ولن يكون الأخير، فهذه حربٌ طويلةٌ على الجبهة اللبنانيّة، ومن المُؤكّد أنّ ردّ حزب الله الانتقامي قادمٌ، فـ”الهَداهِد” موجودة، وترسانة الصّواريخ حافلةٌ بالأنواع كافّة، من الكاتيوشا حتى الباليستيّة الدّقيقة.
نتنياهو أحد أبرز رُموز الكذب في العالم، وربّما في التّاريخ الحديث، اختلق أُكذوبة وقوف حزب الله خلف صاروخ مجدل شمس وضخّم من حجم الرّد على أمل أن يُخيف حزب الله ويدفعه لوقف حرب الاستنزاف المُدمّرة التي يشنّها على الجليل مُنذ تسعة أشهر، ولكنّ هذه الأكاذيب فشلت وتحطّمت على صخرة صُمود “حزب الله” وصلابة موقفه، وجديّة إصراره على الرّد على أيّ عُدوان إسرائيلي بتدمير بُناه التحتيّة ومُدنه وموانئه ومطاراته.
عندما يقول نتنياهو إنّ الأُمور “انتهت” يعني الاكتِفاء بهذا الهُجوم، وسحب كُلّ التّهديدات بتحويل بيروت إلى “غزّة أُخرى”، وإعادة لبنان إلى العصر الحجري، والاستِعانة بالولايات المتحدة ومبعوثها هوكشتاين لإخراجه من ورطته، والبحث عن حلٍّ دبلوماسيٍّ، ولكنّ السيّد نصر الله لن يُقدّم له طوق النّجاة، ولن يُوقف الحرب إلّا بعد وقفٍ كاملٍ ودائمٍ لإطلاق النّار والانسِحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.
عدم التّنفيذ “الفوري” للتّهديدات الإسرائيليّة بشنّ عُدوان برّي على لبنان يعكس حالة الضّعف والانهيار النفسي والعسكري الذي تعيشه القيادة الإسرائيليّة بشقّيها السياسي والعسكري، فهذه المرّة الأُولى في تاريخ الصّراع على الجبهة اللبنانيّة، يتردّد الجيش الإسرائيلي في تنفيذ تهديداته باقتِحام الحُدود اللبنانيّة، ويُؤجّل هُجومه، والسّبب الرّئيسي هو الخوف من ردّ المُقاومة الإسلاميّة بقيادة “حزب الله”.
لا نتّفق مع الآراء التي تقول إنّ سبب التّأخير للهُجوم جاء بسبب اقتحام مجموعات من اليمين اليهودي المُتطرّف لمُعتقل “سدي تيمان” للإفراج عن 9 جُنود إسرائيليين قاموا باغتصاب جماعي لأحد المُعتقلين من قطاع غزة، الأمر الذي يُهدّد باندلاع الحرب الأهليّة، فالصّراع بين اليمين واليسار في دولة الاحتلال، وما يُؤدّي إليه من صداماتٍ موجود ومُتصاعد، أي أنّه ليس جديدًا، والجديد هو أنّ نتنياهو “المرعوب” من ضخامة وتأثير الرّد المُؤكّد للمُقاومة الإسلاميّة اللبنانيّة لأيّ عُدوان برّي على لبنان.
نتنياهو تلقّى رسالةً صادمةً من داعمه الأمريكي، ومبعوثه إلى لبنان عاموس هوكشتاين، تقول مُفرداتها إنّ أيّ اجتياح برّي للبنان سيُقابل باجتياحٍ لكتيبة “الرضوان” النخبويّة التّابعة لحزب الله للجليل فورًا، وإطلاق 4 آلاف صاروخ “ثقيل” برؤوسٍ حربيّة يزيد وزنها عن 500 كليوغرام، وعشرات المُسيّرات الانغماسيّة لضربِ أهدافٍ وبُنى تحتيّة عسكريّة ومدنيّة إسرائيليّة في حيفا ويافا وصفد ونهاريا وتل ابيب.
***
نستغرب بعض التّصريحات التي صدرت عن مسؤولين، بل ووزراء، في حُكومة تصريف الأعمال اللبنانيّة، تُوحي بالتّعايش مع أيّ ضربةٍ إسرائيليّة، وعدم الرّد عليها، لأنّها ضربة محدودة ولم تستهدف مطار بيروت.
“حزب الله”، وأذرع المُقاومة الأُخرى خاصَّةً في اليمن والعِراق ستردّ أيضًا على ضرب الضّاحية الجنوبيّة، وفي العُمُق الإسرائيلي المُحتل، وهذه الأذرع في حالةِ جُهوزيّةٍ عاليةٍ جدًّا، وأن رد القوّات المُسلّحة اليمنيّة على العُدوان الإسرائيلي الذي استهدف ميناء الحديدة قبل أُسبوع ما زال مُتوقّعًا في أيّ لحظة، والتّأجيل يأتي لأسبابٍ لوجستيّة بحتة، ولانتقاء الأهداف المُوجعة، ولرفع وإطالة منسوب الرّعب في أوساطِ المُستوطنين وقيادتهم طِوال فترة الانتِظار.
من سينتقم لشُهداء مجدل شمس، أبناء هضبة الجُولان الشّامخة، العرب الأقحاح، ليس قاتلهم بنيامين نتنياهو، وصواريخ قببه الحديديّة، وإنّما أبطال المُقاومة في لبنان الذين باتُوا على درجةٍ عاليةٍ من الجُهوزيّة انتظارًا للمُواجهة الكُبرى، وربّما الأخيرة.. والأيّام بيننا.