“وائل الدحدوح” في الحقيقة لا يختلف عن رجال ونساء فلسطين الأبية، الصابرون المُحتسبون أمرهم لخالقهم رغم الألم النفسي والجسدي، والخسائر اليومية المُتكبدة جراء العُدوان الغاشم الإسرائيلي، ففي كل مرة يفقد الرجل أعزما يملك، تجده صابرا ومُرابطا، ومُصمما على نقل الحقيقة بحذافيرها للعالم النائم أو المُنوم مغناطيسيا من إسرائيل وحُلفائها، “وائل الدحدوح” الصُحفي الإنسان الذي لملم نفسه وأبان عن شجاعة ورُجولة مُفتقدة، يُدرك أن الإستمرارية هي الحل وقدر لا مفر منه في ظرف صعب وقاسي، هو نفسيا مُحطم ومجروح ، ورُبما يُحس بالذنب لأنه ما زال على قيد الحياة وعائلته أُستشهدت، وفي نفس الوقت شُجاع، مُكابر وعنيد، ويُفضل الموت على الإنهزام والإنطواء الذي لن يُعيد عائلته ولن يحميه وشعبه من صواريخ وقنابل العدو، هو يعرف أنه عين الحقيقة وأن شعبه بحاجة إليه لنقل المعاناة وفضح العدو، لهذا تجده وغيره يُواصلون التحدي ويُقاومون ضربات العدو لنقل المشهد بحذافيره وحقيقته دون زور وبُهتان، فوائل وغيره من زملاء المهنة الذين أُستشهدوا في هذه الحرب هو مرآة عاكسة للفلسطيني ويُصور حالة الضنك والتعب والإرٍهاق الذي يُعانيه الفلسطينيون دون الالتفات الجدي لمُعاناتهم التي لا يُحس بها إلا من أُبتلي ببلائهم وعانى مثلهم، فكلماتك بعد إستشهاد نجلك، بكرُك وفلذة كبدك كانت سُما وسلاحا قاتلا يُوجه للإسرائيليين ورسالة منكم أنتم الفلسطينيون على مُواصلة الدرب والكفاح رغم الفقد والبُكاء.
فرغم أنك لست إستثناء في أرض الرباط، إلا أنك فارس مغوار ونبيل رفض الهروب من المُواجهة والزحف خارج القطاع، ورغم كل ما عانيته أبيت إلا أن تكون بين شعبك في معركته، رغم كل الدعوات للخروج بعائلتك للأمان ، إلا أنك فضلت مهنتك ورسالتك النبيلة على الرحيل عن بلد الأجداد والآباء، فمُبارك لك هذه القُوة والعقيدة والإيمان الراسخ بالله وبقدره، فكلمة “معلش” التي عبرت عن صرختك وأنينك في فقد ثلاث أجيال كاملة، الزوجة رحمة الله عليها عبق الماضي وذكرياته، وحمزة مثل الحاضر، وحفيدتك الصغيرة المُستقبل الذي وُأد على يد نجسة كُفار، ورغم هذا عُدت وحملت الميكروفون وحكيت الحكاية التي تقول أن في غزة عدو ظالم ورجال أشداء ثابتون مُصرون على البقاء وعدم مُغادرة ديارهم وأرضهم، ولأننا مازلنا ننتظرك وحكايتك القادمة التي نتمنى أن تخبرنا فيها بوقف إطلاق النار ونهاية الحرب، وخُروج مُذل للعدو بإذن الله، فماذا عسانا نقول أخي أمام مُصابك الجلل، كل الكلمات لن تُواسيك وتُطمئن قلبك المُتألم لفقد كُلك، فموت الضنى صعب ولا يُحسه إلا الآباء، وأنت لم تكن أبا عاديا، تحملت وصبرت على وجع وأي وجع، لكن تجلدك وغيرك، وكلمات “الحمد لله” حسبي الله ونعم الوكيل” إنا لله وإنا إليه راجعون” ستبثُ الحزن في قُلوب الأعداء وتُشعرهم بإصراركم وثباتكم، فهم ليسوا مثلنا ولا يعرفون أن الصبر عند الصدمة الأُولى جزاؤه عند رب العالمين كبير وعظيم، وأن الله يُمهل ولا يُهمل، وكن على يقين أن قاتل حمزة سيتعذب ولن ينام من الكوابيس المُزعجة ولوم النفس، لما يرى جيشه ينهزم ودولته التي وضع ثقته فيها تُدير له ظهرها كما فعلت مع غيره من الجنود، الذين وصل بهم الأمر للإنتحار من تأنيب الضمير والغضب على مسؤوليهم الذين نسوهم يوم البحبوحة الكُبرى، وكن على يقين أن “حمزة” وغيره ممن ماتوا برصاص وصواريخ آل صهيون عند أرحم الراحمين ونحتسبهم بإذن الله شُهداء، مصداقا لقوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم” ولا تحسبن الذين قُتلُوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يُرزقون” صدق الله العظيم.
أما تعزية “بلينكن” لشخصك المُحترم فلا نعرف في أي خانة نضعها ولا ندري من يستحق التعزية؟ هل وائل الدحدوح العربي الصحفي الشهم الذي يعرف معنى الإرتقاء شهيدا، أم “بلينكن” عراب الدمار والوحشية التي تحدث في غزة، يقتل القتيل ويمشي في جنازته، أتوقف هنا لكي لا أخرج عن موضوعي الذي كان بطله “وائل الدحدوح” وإبنه “حمزة” دون نسيان باقي الصحفيين والصحفيات الذين أُستشهدوا في هذه الحرب القذرة والغير عادلة، فصبرا” آل الدحدوح” وتعازي القلبية لكم فردا فردا.
كاتبة من الجزائر
ما رأيك؟
رائع1
لم يعجبني0
اعجبني1
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0