واشنطن تطرح نسخة ثانية معدلة للتصويت في مجلس الأمن بشأن غزة

وزعت الولايات المتحدة، مساء الأحد، بتوقيت نيويورك مسودة جديدة لمشروع قرار يدعم المبادئ الواردة في إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن حول الحرب في غزة.

وهذه هي النسخة الثانية المعدلة التي توزعها واشنطن خلال أسبوع، بعد الأخذ بعين الاعتبار عدداً من ملاحظات الدول الأعضاء في مجلس الأمن، ورغم ذلك لا تزال عدد من الأمور الإشكالية في المسودة.

ووضعت الولايات المتحدة المسودة بـ”اللون الأزرق” وهي المرحلة التي تعلن فيها الدول أن نصها جاهز للتصويت عليه في مجلس الأمن الدولي. وفي العادة لا تطرأ تغييرات على النصوص التي توضع باللون الأزرق، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن فعل ذلك. ومن المتوقع أن تطلب الولايات المتحدة التصويت على المسودة بداية الأسبوع، ولكن لم يتم الإعلان عن ذلك رسميا بعد.

وعلى الرغم من التعديلات الأميركية الإضافية وإدخال تفاصيل أكثر على المراحل الثلاث المختلفة للاتفاق وتنفيذه في هذه المسودة، فما يزال هناك الكثير من أوجه القصور. ومن أبرز ما أضيف للمسودة الأخيرة التي وزعت الأحد هو أنه “في حال استمرت المفاوضات (بشأن غزة) في المرحلة الأولى لأكثر من ستة أسابيع فإن وقف إطلاق النار سيستمر طالما استمرت المفاوضات”.

كما أضيف للمرحلة الأولى ذكر تبادل الأسرى الفلسطينيين وهو ما ذكره بايدن في إعلانه نهاية مايو/ أيار، ولم تأت على ذكره المسودات السابقة لمشروع القرار الأميركي. إذ كانت قد اكتفت بالحديث عن “إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وإعادة رفات الموتى من الإسرائيليين” دون أي ذكر للأسرى الفلسطينيين أو رفات شهدائهم.

ومن ضمن نقاط القصور الإضافية مطالبة المسودة حركة حماس بقبول المقترح في حين تشير إلى أن اقتراح وقف إطلاق النار “يحظى بقبول إسرائيل” في الوقت الذي أعلنت إسرائيل فيه عكس ذلك قبل يومين. كما أنه ما زال من غير الواضح على ماذا يصوت مجلس الأمن؟ وما هو دوره؟ حيث يطلب منه المصادقة على مفاوضات لم تتفق الأطراف عليها بعد، ولا يوجد أي اتفاق أو إعلان مكتوب للمصادقة عليه.

كما تم مسح جملة في مسودة سابقة حول المناطق العازلة ورفض مجلس الأمن لها، لتصبح الجملة في المسودة الأخيرة فقط أن مجلس الأمن “يرفض أي محاولة للتغيير الديموغرافي أو الإقليمي في قطاع غزة، بما في ذلك الإجراءات التي تقلل من مساحة غزة”، بدلا من جملة في مسودة سابقة “يرفض أي محاولة للتغيير الديموغرافي أو الإقليمي في قطاع غزة، بما في ذلك الإجراءات التي تقلل من مساحة غزة مثلاً، من خلال إنشاء دائم، رسميًا أو بشكل غير رسمي، لما يسمى بالمناطق العازلة”.

أبرز ما جاء في المسودة الجديدة بشأن غزة
ومن أبرز ما جاء في المسودة الجديدة المسربة، والتي وزعت الأحد التأكيد على “أهمية الجهود الدبلوماسية المستمرة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة بهدف التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار شامل مكون من ثلاث مراحل”.

كما يرحب نص المسودة بـ “باقتراح وقف إطلاق النار الجديد، الذي أُعلن عنه في 31 مايو، والذي يحظى بقبول إسرائيل، ويدعو حماس إلى قبوله أيضًا، ويحث الطرفين على تنفيذ شروطه بالكامل دون تأخير ودون شروط”. وتلاحظ المسودة كذلك “أن تنفيذ هذا الاقتراح من شأنه أن يتيح النتائج التالية موزعة على ثلاث مراحل”.

أما المرحلة الأولى فهي “وقف كامل وشامل لإطلاق النار والذي يشمل إطلاق سراح الرهائن من النساء والمسنين وجرحاهم، وإعادة رفات بعض الرهائن الذين قتلوا، وتبادل لأسرى فلسطينيين، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة، وعودة مدنيين فلسطينيين إلى منازلهم وأحيائهم إلى جميع المناطق في غزة، بما فيها الشمال”. وتتضمن المرحلة الأولى أيضاً “التوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة لجميع المدنيين الفلسطينيين الذين يحتاجون إليها؛ بما في ذلك وحدات سكنية يتم توزيعها من قبل المجتمع الدولي”.

 ويشار في هذا السياق أن بعض التغييرات أضيفت هنا مقارنة بالمسودة الأخيرة التي كانت تتحدث عن انسحاب القوات الإسرائيلية من “مناطق مأهولة” لتصبح من “المناطق المأهولة” كما تم الحديث عن عودة السكان للشمال في حين لم تذكر المسودة السابقة ذلك. ناهيك عن إضافات أخرى حول الوحدات السكنية.

وتنص المسودة فيما يخص المرحلة الثانية على أنها تتضمن “بعد اتفاق الطرفين، وقفاً دائماً للأعمال العدائية، مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الآخرين الذين ما زالوا في غزة، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، “أما المرحلة الثالثة فستعني “بدء خطة إعادة إعمار كبرى في غزة لعدة سنوات وإعادة رفات أي رهائن متوفين ما زالوا في غزة إلى عائلاتهم”.

 ويشدد مشروع القرار “على أنه في حال استمرت المفاوضات لأكثر من ستة أسابيع للمرحلة الأولى فإن وقف إطلاق النار سيستمر طالما استمرت المفاوضات. ويرحب باستعداد الولايات المتحدة ومصر وقطر للعمل من أجل استمرار المفاوضات إلى أن يتم التوصل لاتفاقات ويمكن بدء المرحلة الثانية”. “كما يؤكد مشروع القرار “على أهمية التزام الأطراف بشروط هذا الاقتراح بمجرد الاتفاق عليه، ويدعو جميع الدول الأعضاء والأمم المتحدة إلى دعم تنفيذه”. كما تنص المسودة على أن مجلس الأمن “يرفض أي محاولة للتغيير الديموغرافي أو الإقليمي في قطاع غزة، بما في ذلك الإجراءات التي تقلل من مساحة غزة”.

وتشير المسودة كذلك إلى أن مجلس الأمن “يكرر التزامه الثابت برؤية حل الدولتين حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ويشدد في هذا الصدد على أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية”.

ومن غير الواضح ما إذا كانت المسودة ستحظى بقبول تسع دول على الأقل لتبنيها، وما إذا كانت روسيا ستستخدم الفيتو في حال حصلت المسودة على تسعة أصوات، وهو العدد الأدنى لتبني أي مشروع قرار شريطة أن لا تستخدم أي من الدول دائمة العضوية الفيتو.

واشنطن: يجب عدم تفويت الفرصة
إلى ذلك، قال الناطق الرسمي باسم السفيرة الأميركية للأمم المتحدة في نيويورك، نيت إيڤانز، إن الولايات المتحدة دعت مجلس الأمن للتحرك نحو التصويت على مشروع قرار أميركي “يدعم الاقتراح المطروح على الطاولة، والذي من شأنه أن يؤدي إلى وقف كامل وفوري لإطلاق النار مع إطلاق سراح الرهائن”. وجاء ذلك من خلال بيان صادر عن مكتبه.

وأضاف إيڤانز”وكما أكدنا فإن تنفيذ هذا الاتفاق من شأنه أن يتيح وقفاً فورياً لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في مرحلته الأولى، وزيادة فورية في المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية، وعودة الفلسطينيين المدنيين إلى شمال غزة، إلى جانب خارطة طريق لإنهاء الأزمة تماماً وخطة إعادة إعمار متعددة السنوات مدعومة دولياً”.

ورأى الناطق الرسمي باسم السفيرة الأميركية أن “إسرائيل قبلت هذا الاقتراح وأمام مجلس الأمن فرصة للتحدث بصوت واحد ودعوة حماس إلى أن تحذو حذوها. إن القيام بذلك من شأنه أن يساعد في إنقاذ أرواح ومعاناة المدنيين في غزة، وكذلك الرهائن وعائلاتهم. ويجب على أعضاء المجلس ألا يتركوا هذه الفرصة تفوتهم ويجب أن يتحدثوا بصوت واحد دعما لهذه الصفقة”.