هآرتس – بقلم: نير حسون “تعمل وحدة القيم العام في وزارة العدل على خطة واسعة لبناء أحياء ومرافق سكنية لليهود في شرقي القدس. وضمن أمور أخرى، يتم فحص الدفع بخطط لأحياء جديدة في الشيخ جراح وقرب باب العامود وحيين سكنيين قرب بيت صفافا وبيت حنينا وصور باهر، هذا ما يظهر من وثائق وصلت إلى “هآرتس”. بناء جزء من الأحياء الجديدة يكتنفه إخلاء مستأجرين فلسطينيين يسكنون في هذه العقارات التي يديرها القيم العام منذ عشرات السنين. وقالت وزارة العدل إننا لا نعمل على خطط أخرى سوى فحص مخطط بناء في الشيخ جراح. وتعدّ مبادرة خطط البناء عملاً استثنائياً من قبل وحدة القيم العام.
في الأسبوع الماضي، كشفت “هآرتس” بأن الوحدة وسلطة تطوير القدس قدمتا خطة لإقامة حي جديد قرب بيت صفافا جنوبي القدس، الذي سيسمى “جفعات هشكيد”. صادقت اللجنة المحلية للتخطيط والبناء على المخطط الذي يتضمن إقامة 470 وحدة سكنية بالإجماع في الأسبوع الماضي. يخطط لـ”جفعات هشكيد” كحي لليهود، وفيها كنيس وخدمات أخرى، بصورة منفصلة عن بيت صفافا، رغم أن بيوت الحي الجديد يمكن أن تبنى على بعد بضعة أمتار عن بيوت الحي الفلسطيني. يتبين الآن أن “جفعات هشكيد” هي أحد الأحياء التي يقوم عليها القيم العام في شرقي القدس.
القيم العام مسؤول، حسب القانون، عن الحفاظ على الممتلكات الخاصة التي لا يعرف أصحابها. في القدس يدير القيم العام نحو 900 عقار معظمها في شرقي المدينة. وحسب قانون خاص تم سنه في 1970 فإن العقارات التي كان يمتلكها اليهود قبل 1948 في شرقي المدينة انتقلت إلى إدارة القيم العام. وفي العام 2017 تم نقل ملف شرقي القدس إلى الوحدة العامة للقيم العام بإدارة حنانئيل غورفنكل.
في تقرير “هآرتس” الذي نشر قبل ثلاث سنوات ونصف، كشف أن غورفنكل ناشط يميني، بل وأسس جمعية لتهويد القدس. ومنذ تعيينه، تعزز التعاون بين منظمات المستوطنين والقيم العام. مثلاً، قدم القيم العام دعاوى إخلاء ضد عائلات فلسطينية واستخدم المحامي إبراهام موشيه سيغل، الذي يمثل جمعية “العاد” و”عطيرت كوهنيم” وجمعيات يمينية أخرى. الشقق التي تم إخلاؤها أشغلتها عائلات يهودية.
في الغد، ستناقض المحكمة العليا التماساً قدمته جمعية “عير عاميم” وجمعية “رفاهية سكان الشيخ جراح” ضد القيم العام لكشف الإجراءات التي بحسبها تتعامل بها الوحدة مع العقارات التي تمتلكها في شرقي القدس. تضمن الالتماس تقديم أمثلة مختلفة على معاملة سيئة يمارسها القيم العام مع المستأجرين الفلسطينيين، مثل بيع الشقق التي يعيشون فيها منذ عشرات السنين، لأشخاص من اليمين دون إبلاغهم، وغياب الشفافية، وتجاهل حقوق المستأجرين، وما شابه. في الرد على الالتماس الذي أرسلته النيابة العامة الأسبوع الماضي للمحامي عيدي لوستغمان الذي يمثل “عير عاميم”، تم الإبلاغ عن إجراءات إدارة العقارات للقيم العام. ورغم تقديم الإجراء، قررت “عير عاميم” عدم سحب الالتماس بذريعة أن الإجراء يتجاهل الوضع الخاص للمستأجرين الفلسطينيين الذين يسكنون في العقارات التي يديرها القيم في شرقي القدس.
لا يوجد في الإجراءات التي تشمل عشرات البنود أي تطرق لاحتمالية أن يقدم القيم العام نفسه مخططات ويبني مرافق سكنية على الأراضي التي هي تحت تصرفه. يتطرق أحد البنود لذلك بشكل غير مباشر، وينص على أنه “في حالة المبادرة و/ أو تسلم طلب يتعلق بالتطوير الحضري أو تحسين تنظيمي، فيجب على القيم العام فحص جوهر الطلب وتأثيره على العقار المدار”.
في الحقيقة، رجال التخطيط لا يعرفون حالة مشابهة تحول فيها القيم العام إلى مبادر عقاري من أجل تحسين حالة العقارات التي يضع يده عليها. الموضوع يثير قضية أخرى، حيث إنه محظور على القيم العام بيع الأملاك، لذلك من غير الواضح إذا كانت الشقق التي ستبنى في المرافق المختلفة ستباع في السوق الحرة أم ستبقى ضمن ملكية القيم العام الذي سيقوم بتأجيرها. لم تجب وزارة العدل على هذا السؤال المتعلق بهذا الأمر.
من الوثائق التي وصلت إلى “هآرتس” يتبين أن القيم العام فحص احتمالية الدفع بخطة بناء في خمسة مرافق في شرقي القدس. وقبل سنتين تقريباً، التقى غروفنكل مع رئيس بلدية القدس للدفع بهذا البناء قدماً. كانت الخطة الأولى في غربي الشيخ جراح الذي يسمى “أم هارون”. تعيش في المنطقة 45 عائلة فلسطينية، الجزء الأكبر منها في عقارات يديرها القيم العام. وثمة منظمات يمين تدير منذ سنوات كثيرة، بمساعدة القيم العام، صراعات قانونية لإخلاء العائلات الفلسطينية من بيوتها. وحتى الآن تم إخلاء عائلتين، وعائلة أخرى هي عائلة سالم التي تضم 11 شخصاً، قد يتم إخلاؤها في نهاية الشهر الحالي. في الأسبوع الماضي، وصل نائب رئيس البلدية آريه كينغ، وعضو المجلس يونتان يوسف، الذي اشترى البيت، إلى بيت العائلة وسلموها أمر الإخلاء. حسب وثيقة القيم العام، فإنه يدير 33 قسيمة من بين 58 قسيمة في الحي. وصادرت سلطة أراضي إسرائيل 5 قسائم أخرى. المخطط الهيكلي البلدي يسمح بهدم المباني القديمة وبناء مبان جديدة مكانها أو توسيعها لتصل إلى مبان بارتفاع أربعة طوابق. المعنى هو إقامة حي يضم مئات الوحدات السكنية في قلب الشيخ جراح. في الفترة الأخيرة، استكمل قسم آخر في وزارة العدل، قسم مسجل الأراضي، تسجيل الحي على اسم المالكين اليهود له. لذلك، من المرجح أن كل حي سيبنى هناك سيخصص لجمهور يهودي. وهذا الحي سيندمج مع الخطط الأخرى التي تعمل عليها جمعيات يمينية في القسم الشرقي من الشيخ جراح، حيث تواجه 13 عائلة فلسطينية دعاوى إخلاء لصالح شركة “نحلات شمعون”. مع ذلك، العقبات التخطيطية والقانونية وحتى السياسية التي تقف أمام هذه الخطة كثيرة.
في حي بيت حنينا فحص القيم العام إقامة بضع عشرات الوحدات السكنية على مساحة تبلغ ستة دونمات، الموجودة قرب معسكر القيادة الوسطى. حتى أن القيم العام توجه بهذا الشأن لوزارة الدفاع للدفع بالخطة قرب المعسكر.
في حي بيت صفافا، غير بعيد عن المنطقة التي يتم العمل فيها على بناء حي “جفعات هشكيد”، خطط القيم العام لإنشاء مرفق سكني آخر يضم عشرات الوحدات السكنية بين بيت صفافا والمنطقة الصناعية “تلبيوت”. أما قرب صور باهر، فيخطط القيم العام لإنشاء مرفق سكني آخر. يدير القيم العام في المنطقة 3.3 دونمات، لكنه يبذل جهده للعثور على مساحات إضافية تبلغ 2 دونم لتحويلها لتكون تحت تصرفه. في الوثائق، كتب أن هذه المنطقة موجودة بين جبل أبو غنيم وصور باهر. خطة أخرى حساسة يدفع بها القيم العام قدماً في منطقة باب العامود، خلف صف المحلات الممتد على طول شارع الأنبياء، والمنطقة التجارية والتشغيلية الأساسية في شرقي القدس، وثمة مستوطنة صغيرة تضم حوالي عشر عائلات يهودية، استوطنت هناك بعد أن حرر القيم العام هذا العقار ونقله إلى أيدي الورثة اليهود قبل 1948، وهؤلاء باعوا البيوت لجمعية يمينية باسم “حوموت شليم”.
وقد جاءنا من وزارة العدل الرد التالي: “الخطة التي يتم العمل عليها من قبل القيم العام في جفعات هشكيد هي إجراء تخطيطي هدفه تحسين قيمة العقارات. أما في الأماكن الأخرى المذكورة في الاستجواب فلا يدفع القيم العام بأي إجراءات تخطيطية في هذه المرحلة، ولا بأي مخططات بناء حتى. يشار إلى أن فحصاً ما يجري لتكوين خطة بناء في “نحلات شمعون” (الشيخ جراح). يدفع القيم العام قدماً بإجراءات تخطيطية و/ أو خطط بناء في أرجاء البلاد بنفسه أو بمشاركة أصحاب حقوق على الأرض، وذلك في تل أبيب، و”هرتسليا”، و”بات يم”، و”حولون”، وأسدود، و”رمات غان”، و”هود هشارون”، و”كفار سابا”، و”بني براك”، والخضيرة وغيرها”.