رحل عاشق فلسطين الذي قدم حياته لبلد المليون شهيد ، جزائر الحب ، جزائر الوفاء ، جزائر عاشقة فلسطين الأصيلة ، وقلب الأمة النابض ثورةً ، وشجاعةً وابداعاً
التحق العملاق الكبير بوتفليقة بجبهة التحرير الجزائرية وهو شاباً يافعاً ، وكان من الثوار البارزين الذين قاتلوا الاستعمار الفرنسي ببسالة ، وكان أصغر الثوار مع رفاقه الأبطال ، وبعد تحرير الجزائر عُين وزيراً للخارجية ، وكان أصغر وزير خارجية في ذلك الوقت ، وكان مبدعاً في عمله ، حيث قاتل بشراسة دفاعاً عن قضيتنا ، و بصفته رئيساً للجمعية العامة للأمم المتحدة وبجهد دبلوماسي شاق ،ووبالتعاون مع الأشقاء العرب ، استطاع وبذكاء نادر ان يهيئ المناخ المناسب ، لكي يلقي الرئيس الشهيد وزعيم الثورة ابو عمار خطابه الشهير في الجمعية العامة عام ٧٤ ، رغم معارضة الكيان الصهيوني وألولايات المتحدة الأمريكية
وللانصاف ، كان الرئيس الراحل بوتفليقة وكل الرؤساء الجزائريين السابقين ، قد جعلوا قضية فلسطين قضية جزائرية ، وقدموا اروع نماذج العطاء العربي الأصيل ، حتي غدت العلاقات الفلسطينية الجزائرية ، علاقات التوأمة الروحية ، ونموذجاً فريداً للعطاء العربي الأصيل …
لن ينسى شعبنا وقيادته عندما خرجت الثورة الفلسطينية
في العام 1982 ، فسارعت الجزائر الحبيبية بفتح أبواب الجزائر للثوار الفلسطينيين ، حيث استقبلت( 588 مقاتلا فلسطينياً) و بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وفي 15-11-1988 أعلن الرئيس الشهيد ياسر عرفات من قاعة الصنوبر في مدينة الجزائر العاصمة، استقلال دولة فلسطين، ليعلن للعالم أجمع أن دولة فلسطين يجب أن تقام على ترابه وز أرضه
ولن ينسى شعبنا ايضاً عندما استضافت الجزائر فريق فلسطين لكرة القدم ، وكيف شجعت الجماهير الجزائرية فريق فلسطين وهتفت بحياة شعبنا ، حباً ، و نصرة ، وتعاطفاً في مشهد جميل يدل على أصالة وعروبة الشعب الجزائري
ولن ينسى شعبنا مقولة الرئيس الشهيد ياسر عرفات لرفاقه ( اذا ضاقت الأرض بكم عليكم بالجزائر )
لقد أرست القيادتان الفلسطينية والجزائرية دعائم العلاقات الأخوية المتميزة ، فاستلهمت القيادة الفلسطينية تجربة الثورة الجزائرية في نضالها الكبير ضد الاحتلال الفرنسي ، فانعكس بشكل لافت على الأجيال المتعاقبة، وكان قادة الثورة الفلسطينية ، الشهيد خليل الوزير أبو جهاد من الأوائل لحركة فتح، الذين زاروا الجزائر وبادروا بافتتاح مكتب فتح ، في الجزائر ، وليس غريبا أن تكون الجزائر
أول دولة اعترفت بدولة فلسطين، وقدمت لآلاف الطلبة الفلسطينيين منحا دراسية وما زالت، وهي الدولة الملتزمة بتقديم المساعدات لفلسطين،
وفي الحقيقة أن العلاقات الفلسطينية الجزائرية ، تمتد جذورها عبر التاريخ ، حيث أن الشعب الجزائري كان دائماً على تماس مع الشعب الفلسطيني ، يعيش معاناته وٱلامه ، ولعل ما يؤكد ذلك ، أن القائد صلاح الدين وهب (حارة المغاربة) للجزائريين الذين شاركوه في معركة حطين ، وعندما احتل الكيان الصهيوني القدس الشرقية هدموا تلك المعالم ، التي تجسد نضالات الأمة وكفاجها
رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رب حمه الله يذكرنا أن الجزائر انفردت باحتضان القضية الفلسطينية ووفرت كل طاقاتها وإمكانياتها للوقوف بجانب الشعب الفلسطيني
لقد خاض الشعب الجزائري صراعا مريرا دمويا ضد المحتل الفرنسي الغاشم وقدم طيلة مئة واثنان وثلاثون سنة، ثمانية مليون شهيد جزائري حيث ارتكب المحتل الفرنسي مجازر عنيفة ضد هذا الشعب لكن ايمان هذا الشعب بحقه ووطنه كان اقوى من ارادة الاحتلال الفرنسي الغاشم
لقد شكل انتصار الثورة الجزائرية منارة لكل الأحرار فى العالم وخاصة الشعب الفلسطيني الذي ذاق مرارة التشرد واللجوء ،و من هنا ساهمت تلك التجربة في استنهاض الشباب الفلسطيني الثائر ، وكان الشباب الثائر يتشرب التجربة الجزائرية بعد أن فتحت لها أول مكتب بقيادة القائد الشهيد البطل خليل الوزير ابو جهاد حيث حضر الرئيس الشهيد ابو عمار وابو جهاد رحمهما الله قبل اطلاق الرصاصة الاولى لمقابلة قيادة الثورة الجزائرية وقال لهم الرئيس أبو عمار( نحن نفكر أن نسير على خطاكم وعلى منهج ثورتكم المنتصرة ونخوض كفاح مسلح بعد ان نطلق ثورتنا ثورة الفتح فردوا عليه ( اذهب يا ابا عمار واطلق رصاصتك الاولى وعد الى الجزائر وستجد عقولنا وقلوبنا ومخازن اسلحتنا وقادتها تحت تصرفكم ) وفعلا ذهب القائد ابو عمار وفجّر الثورة الفلسطينية المعاصرة في 01/01/1965 بعد أن قامت مجموعات العاصفة بتدمير نفق عيلبون وبدأ الكفاح المسلح الفلسطيني بعمليات يومية مستمرة حيث كان اول شهيد لقوات العاصفة “أحمد موسى” حيث امتزجت دمائه بتراب الوطن الفلسطيني
رحم الله الرئيس بوتفليقة ، فلقد كان عملاقاً وكبيراً ، ورحم الله شهداء الجزائر وفلسطين