تواصلت اليوم، الخميس، ردود الفعل في إسرائيل على لقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، مع وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، في منزل الأخير في “روش هعاين”، أول من أمس، وتوجيه انتقادات لغانتس بسبب استقبال عباس.
واعتبر وزير البناء والإسكان، زئيف إلكين، من حزب “تيكفا حداشا”، في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أنه “يوجد فرق بين التنسيق الأمني وبين إظهار احترام لشخص يريد وضعك في السجن. وهذا ما فعله غانتس”. ويشير إلكين بذلك إلى أنباء ترددت في إسرائيل حول اشتراط عباس التراجع عن الدعاوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مقابل “بادرة سياسية”، ترفضها إسرائيل.
وقال عضو الكنيست ميكي زوهار، من حزب الليكود، إنه “صحيح أنه في بعض الحالات منع أبو مازن عمليات إرهابية، لكن أداءه يميل إلى الجانب الخطير بالنسبة لإسرائيل. وهذا خطير بنظري أن تحتاج إسرائيل إلى مساعدته من أجل مكافحة الإرهاب، رغم أن التعاون ليس أمرا جديدا”.
من جانبها، قالت وزيرة حماية البيئة، تمار زاندبرغ، من حزب ميرتس، إن “أبو مازن هو شخص ينشد السلام ويعارض العنف. والكثير من الهدوء في السنوات الأخيرة جاء في أعقاب التنسيق الأمني معه”.
وأضافت زاندبرغ، التي تحدثت للإذاعة نفسها، أن “من يريد العيش هنا عليه أن يدرك أن الحوار مع الفلسطينيين، وبالتأكيد ليس تغيير الوضع إلى الأسوأ، هو مصلحة من الدرجة الأولى”.
وقال منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، غسان عليان، في مقابلة للإذاعة نفسها، إن “يوجد في السلطة الفلسطينية قيادة تسيطر على ما يحدث في الشارع الفلسطيني. ويوجد توتر ميداني في الاسابيع الأخيرة. وطلبا الجانبان من الجانب الآخر لجم أفرادهم، وثمة حاجة إلى مسؤولين ليأخذوا الرسن بأيديهم”.
وادعى عليان أن “بإمكان أبو مازن وغانتس منع الاحتكاك غير الضروري بين المجموعات السكانية (أي الفلسطينيين والمستوطنين الإرهابيين). وهذه مجموعة صغيرة في الجانب الإسرائيلي (المستوطنين)، التي يوجد لها تأثير غير مبرر أحيانا، لكنه كبير، على ما يحدث ميدانيا”.
المستوطنون الإرهابيون هم “طرف الجبل الجليدي”
من جانبه، أشار قائد سلاح البحرية ورئيس الشاباك الأسبق، عامي أيالون، في مقال نشره في صحيفة “هآرتس”، اليوم، إلى أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، عومير بار ليف، تحول في شبكات التواصل الاجتماعي بعد انتقاده “عنف المستوطنين”، إلى “خائن” و”قاتل” و”مخرب” ووُصف بأن “أيديه ملطخة بدماء القتلى اليهود”، وأن بين الذين هاجموا بار ليف رؤساء سلطات محلية وشخصيات عامة.
واعتبر أيالون أن “موجة الإساءات هذه تكشف عن أنه لم تستخلص العبرة من اغتيال رئيس الحكومة يتسحاق رابين”. وأضاف أن “استهداف فلسطينيين لجنود إسرائيليين في المناطق (المحتلة) يوصف بأنه ’إرهاب’، لكن استهداف يهود لفلسطينين أبرياء يوصف بأنه ’جريمة قومية’، ’عملية تدفيع ثمن’، ’عنف شبيبة التلال’… وهذا يؤدي إلى تجاهل عواقب ظاهرة الإرهاب اليهودي”.
ورأى أن “هذه ظاهرة تتحدى مؤسسات الحكم، وتفتت الصفة الرسمية الإسرائيلية وتهدد مستقبل الدولة. ورغم ذلك، عدد غير قليل من الوزراء وأعضاء الكنيست يتجاهلون هذا الخطر، ويرون بها ظاهرة هامشية وحتى أنها مبررة إزاء العنف الفلسطيني”.
وشدد أيالون على أنه “يجب القول بصوت واضح: يوجد إرهاب يهودي! والإرهاب هو الذي أدى إلى اغتيال رابين وحرق عائلة دوابشة. وهذا الإرهاب الذي أحرق الفتى محمد أبو خضير وهو على قيد الحياة، وهذا الإرهاب الذي أدى إلى قتل وإصابة شديدة لفلسطينيين أبرياء على أيدي يهود. كما أن تخريب أملاك فلسطينية، مثل قطع أشجار الزيتون وإحراق حقول واستهداف بيوت وسيارات ومصادر المياه، هي عمليات إرهابية إجرامية”.
وأكد على أن المستوطنين الإرهابيين “يرون بأنفسهم أنهم يواصلون طريق ناشطي ’التنظيم السري اليهودي’ (الذي حاول اغتيال رؤساء بلديات فلسطينيين وتفجير المسجد الأقصى) والحاخام مئير كهانا، ويتماثلون مع باروخ غولدشطاي (السفاح الذي ارتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي)، ويتعاملون مع (قاتل رابين) يغآل عمير أنه بطلهم”.
ولفت أيالون إلى أن “الدرس الذي تعلمه بار ليف ولم يتعلمه الذين هاجموه، هو أن الفئة القليلة من الناشطين العنيفين هؤلاء هم طرف الجبل الجليدي وحسب. فرابين اغتاله يغآل عمير، الذي رأى بنفسه كرسول جمهور، وما كان سيقدم على ذلك من دون شروط أخرى: مجموعة اجتماعية قريبة تدعم الفكرة، زعماء دينيون يبلورون أيديولوجيا تغيّر الأصول الأخلاقية ويحول القتل إلى عمل شرعي، وقيادة سياسية تغض النظر عن الدعوات إلى القتل، وهذا تجاهل يفسر كدعم بنظر الناشطين الإرهابيين”.