قال خالد العسيلي، وزير الاقتصاد الفلسطيني، إن السلطة الوطنية تعاني من عجز كبير في موازنتها نتيجة القضم الإسرائيلي لأموال المقاصة، إضافة لوضع اقتصادي صعب نتيجة التدخل الإسرائيلي ومنع الاستثمار بالأراضي الفلسطينية بحرية، ومنع استغلال أراضي مناطق “C” والتي تقع تحت السيطرة الكاملة لإسرائيل.
وأضاف في حوار مع “سبوتنيك”، أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تتعاون مع السلطة ولا تقدم لها الدعم المطلوب، نظرًا لوجود قوانين داخل الكونغرس تمنع هذا التعاون، مؤكدًا أن إعادة فتح الاتفاق المالي بين فلسطين وأمريكا محاولة لحلحلة الوضع الاقتصادي.
وكشف العسيلي عن محاولات فلسطينية لإصلاح المنظومة التشريعية والاقتصادية، حيث نجحت فلسطين في وضع أول قانون شركات فلسطيني، معتبرًا أن اتفاقية باريس تكبل الاقتصاد على الرغم من انقضاء فترتها، مشددًا على ضرورة السماح للسلطة باختيار النظام المناسب للاقتصاد.
وإلى نص الحوار..
بداية.. صف لنا الوضع الاقتصادي والمالي الحالي لدولة فلسطين؟
نحن نعيش في احتلال إسرائيلي بغيض يتدخل في تفاصيل حياتنا، ويمنعنا من الاستثمار والعمل بحرية في الأراضي الفلسطينية، بيسرق كل شهر 250 مليون شيكل، من أموال المقاصة الفلسطينية، وهذا له تأثير كبير على الوضع الاقتصادي والمالي للسلطة، ندفع 80% من الرواتب للموظفين بسبب القنص الإسرائيلي على أموالنا، في نفس الوقت بيمنع استغلال أراضي مناطق C والتي تقع تحت السيطرة الكاملة للاحتلال ونسبتها 65% من أراضي الضفة الغربية، وتقرير البنك الدولي يقول إن عدم استغلال هذه المناطق يحرمنا من 3.4 مليار دولار سنويًا، بالتالي نحن في فلسطين لو سمح لنا الاحتلال استغلال هذه الأراضي التي تحتوي على بترول، قد نصبح دولة مانحة، بالإضافة إلى كورونا وتضييقات الاحتلال التي تركت أثرًا على الاقتصاد الفلسطيني.
وماذا عن القطاع الخاص والوضع بعد جائحة كورونا؟
لدينا قطاع خاص وطني معني جدًا بالاستثمار في فلسطين، وهو ما ينعكس إيجابيا على حركة السوق، وعملية الاستيراد والتصدير، بالتالي هناك انتعاش اقتصادي ما بعد الكورونا، وعندنا الوضع على مستوى المخزون السلعي موجود، استطعنا أن نوفر كل السلع والمنتجات من فترة الكورونا إلى الآن، ما نقص لدينا أي نوع، كما سيطرنا على الأسعار بشكل جيد. وهناك تعاون هام بين القطاع الخاص والحكومة لا سيما وزارة الاقتصاد، والاقتصاد في فلسطين حاليًا يعاني عجزا حكوميا، لكن هناك انتعاش في القطاع الخاص ومزيد من الاستثمارات والصناعة والشركات الجديدة، نستطيع القول إن الوضع شبه مستقر حاليًا، ما عدا العجز المالي للسلطة، والذي بسببه ندفع 80% فقط من رواتب الموظفين.
كان هناك لقاء قريب بينكم وبين الجانب الأمريكي.. أين وصلتم في مسألة الدعم؟
هناك موقف أمريكي فلسطيني، كان في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي بعد انقطاع خلال فترة ترامب، نحن معنيون بعلاقات مع كل دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، طرحنا القضايا المشتركة في الحوار الأمريكي، الموقف الأمريكي لا يزال سلبيًا تجاه السلطة الوطنية الفلسطينية، بغض النظر عن المواقف المعلنة، لكن اقتصاديًا أمريكا لا تتعاون أو تدعم السلطة الوطنية، لأن هناك قوانين من الكونغرس الأمريكي تمنع ذلك، وتمنعنا من الحصول على أي دعم أمريكي، هناك بعض المشاريع الأمريكية التي كانت مقدرة بـ 75 مليون دولار منهم 40 مليونًا للقطاع الخاص، ورفعه الرئيس جو بايدن الأخيرة للمنطقة، نحن نضعهم بصورة الأوضاع والمشاكل التي نواجهها مع الاحتلال ونطالب مساعدتهم في القضايا سواء الاقتصادية أو الاجتماعية، أو السياسية، وتحقيق ما وعد به بايدن للرئيس عباس، لكن أمريكا دولة مهمة مثل كل دول العالم، روسيا وأوروبا، نحرص على علاقات مفتوحة مع الجميع.
إعادة فتح الاتفاق المالي بين فلسطين وأمريكا بعد توقف.. هل يزيد من الدعم الأمريكي للاقتصاد الفلسطيني؟
بين فلسطين وأمريكا هناك 3 قوانين من الكونغرس تمنعنا من الحصول على أي دعم لموازنة السلطة الوطنية الفلسطينية، كانت أمريكا قبل ترامب تساهم بمبلغ 50 مليون دولار سواء مشاريع، أو دعم موازنة السلطة، لكن في الوقت الحالي لا يوجد أي دعم، في نفس الوقت تمنع هذه القوانين من إقامة مشاريع كبيرة مشتركة، نفكر نتعامل معهم لمصلحة فلسطينية، وحسب مقتضى الاقتصاد الفلسطيني، دون أي شروط سياسية، أي شيء مشروط سياسيا بالنسبة لنا مرفوض نهائيا.
وماذا عن عقد اللجنة الاقتصادية الفلسطينية الإسرائيلية المشتركة التي أعلن عنها يائير لابيد؟
عقد اللجنة المشتركة حسب بروتوكول باريس تنعقد بشكل دوري كل 6 أشهر، تناقش كل القضايا الاقتصادية بين الطرفين، لكن منذ عام 2000 لم يتم عقد سوى اجتماع واحد عام 2009 لمدة ساعتين ناقش موضوع واحد وانتهى، مطلبنا فلسطينيا عقد اللجنة لأنها الآلية الوحيدة التي تستطيع حل المشاكل والأزمات التي نعاني منها اقتصاديًا، ومهمة اللجنة مراجعة كل القضايا الاقتصادية، لكن التركيز على نقطتين، القوائم السلعية الموجودة فيها ومع الأسف نصف هذه القوائم غير متوفرة حاليًا، مثل التليفزيون أبيض وأسود فقط، بالتالي لابد من مراجعة القوائم وإضافة الأصناف الجديدة الموجودة، في نفس الوقت الكميات كانت عام 1994 تتناسب مع حجم الشعب الفلسطيني، زاد تقريبًا 100% وبالتالي زادت احتياجاتهم، وعقد اللجنة المشتركة حاليا الآلية الوحيدة الموجودة على الطاولة، وهي في غاية الأهمية ومطلب فلسطيني. لكن لحد الآن الكلام كان إعلاميًا ولم ينفذ على أرض الواقع.
تحدثم عن ضرورة إنهاء بروتوكول باريس الاقتصادي.. لماذا وما تأثيره على فلسطين؟
نحن كدولة فلسطينية مراقبة في الأمم المتحدة يجب أن يكون لدينا حرية اختيار نوع الاقتصاد الذي نحتاج له، وأن نملك اتفاقيات تجارة مفتوحة مع كل دول العالم، والتحلل من كل الاتفاقيات السابقة، اتفاق باريس هو اتفاق مؤقت لـ 5 سنوات انتهى في عام 1999م، بالتالي من حقنا اخيار نوع الاقتصاد، وفي نفس الوقت يضعنا الاتفاق في غلاف جمركي واحد مع إسرائيل وهذا فيه ظلم للشعب الفلسطيني، ودفتر التعرفة الجمركية إسرائيلي، وبالتالي الأسعار هي نفسها في إسرائيل، في حين أن دخل الفرد السنوي للمواطن الفلسطيني في الضفة الغربية 3 آلاف دولار وفي غزة أقل من ألفين، فيما يقدر الدخل السنوي للفرد في إسرائيل بـ 48 ألف دولار، لذلك ندفع نفس الأسعار، وقد ندفع أسعار الوقود والكهرباء أعلى من إسرائيل، وهذه معاناة وظلم لكل مواطن فلسطيني، لذلك لا بد من اختيار نظام جديد تحدده الحكومة والسلطة والتحلل من اتفاقية باريس، لتحقيق مطالب شعبنا السياسية والاقتصادية، وتأمين مستوى معيشي جيد لكل مواطن فلسطيني.
تسعى فلسطين للانضمام لاتفاقية التجارة الحرة.. أين وصلت هذه المحاولات؟
كان هناك مؤتمر في شهر يونيو/حزيران الماضي في جنيف، وعقدت لقاءات متعددة خلال يومين، كان التركيز فيها على طلب دعم انضمام ولو بشكل مراقب فلسطين لمنظمة التجارة الدولية، كان هناك قرار عربي بدعم الطلب الفلسطيني، لكن القضية طويلة، ونحن نعرف أنها تأخذ سنوات طويلة، نأمل بالجهود المشتركة العربية الفلسطينية ومع الأصدقاء نستطيع أن نصل لعضوية المراقب في هذه المنظمة الهامة.
حدثنا عن مدينة جنين الصناعية الحرية شمال الضفة وأهميتها الاقتصادية؟
الصناعة مهمة جدًا في دعم الاقتصاد، لدينا 5 مناطق صناعية، منطقة جنين الاقتصادية هي منطقة فلسطينية لا بد أن تكون منطقة صناعية حرة، كان هناك المرحلة الأولى بتمويل ألماني، أنهينا المرحلة الأولى بتكلفة 25 مليون يورو، وبانتظار بدء المرحلة الثانية بتمويل تركي، ونشكر الرئيس أردوغان الذي سمح للشركات التركية بالاستثمار بمنطقة جنين الصناعية واعتبارها منطقة تركية خارج السيادة، وأي مستثمر تركي يحصل على كل الدعم كأنه في تركيا، والهدف الآن عمل مصانع تصديرية، تفتح 5 آلاف فرصة عمل جديدة بشكل مباشر و15 ألف فرصة بشكل غير مباشر، والعمل جار على قدم وساق في هذه المنطقة الصناعية.
أين وصل البرنامج الإصلاحي لتحديث البيئة التشريعية والمنظومة الاقتصادية في فلسطين؟
لدينا مجموعة من التشريعات والقوانين التي لا تزال تستعمل سواء منا أو يفرضها علينا الاحتلال، هناك قوانين عثمانية وانتداب بريطاني، قانون مصري في قطاع غزة وأردني في الضفة الغربية، بدأنا في عمل تشريعات فلسطينية ونحاول إنجاز بيئة تشريعية حديثة، واستطعنا الحصول على أول قانون شركات فلسطيني حديث، وحصلنا على دعم من المؤسسات الدولية على القانون، ونحن في طور التطبيق، ولدينا عدة قوانين نحاول إنجازها تتعلق بالمنافسة والاعتماد وتشجيع الاستثمار، إلى آخره من قوانين، ونأمل خلال الفترة القادمة أن ندشن مجموعة قوانين اقتصادية فلسطينية تحكم الضفة وقطاع غزة.
ما وضع فلسطين في قطاع الطاقة ومحاولة استثمارها؟
90% من الطاقة نحصل عليها من إسرائيل، نتيجة عدم السماح بإقامة صناعة طاقة التقليدية، وبعض المشاكل في استغلال المناطق في الطاقة المتجددة، نعمل حاليا على إقامة بعض المصانع، مشروعان تحديدًا واحد في شمال الضفة بقوة 250 ميجا وآخر في الخليل بقوة 170 ميجا، إضافة إلى شجيعنا وتسهيل الحوافز للاستثمار في الطاقة المتجددة.
أما الوضع الحالي، نحصل على 80 ميجاوات من الأردن، وكميات من مصر لمنطقة رفح وبعض المناطق في غزة، وهناك مشاريع نعمل عليها سواء في الطاقة التقليدية أو الطاقة المتجددة، ونأمل أن نوقف الاعتماد على إسرائيل في هذا المجال.
تحاول فلسطين استغلال مدينة أريحا.. كيف تقيم السياحة في فلسطين لا سيما الدينية؟
تتمتع فلسطين بمزايا فريدة، مهد كل الأنبياء، ولد السيد المسيح في بيت لحم، ولدينا كنيسة القيامة، والمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، ومواقع سياحية ودينية غير موجودة في العالم، مواقع سياحية وأثرية، وأكبر فسيفساء في العالم بمدينة أريحا، لكن تقطع قطاع السياحة في فلسطين في فترة كورونا، وبدأت تتعافى في الوقت الحالي، لكن هناك بطء نتيجة آثار الجائحة والوضع الاقتصادي العالمي، لكن نأمل في أن تعود السياحة كسابق عهدها في ظل امتلاك فلسطين لبنية سياحية جيدة.
حدثنا عن التعاون الاقتصادي بين فلسطين وروسيا؟
هناك علاقات اقتصادية جيدة وتتطور بشكل إيجابي في الفترة الأخيرة، وهناك لجنة فلسطينية روسية مشترك أنا رئيسها في الجانب الفلسطيني، ومن المقرر عقد اجتماع الجلسة المشتركة في شهر نوفمبر القادم، سواء في روسيا أو فلسطين، وهناك تعاون وثيق واتصال دائم مع موسكو في هذا الجانب.