أشاد نصرى أبوجيش، وزير العمل ، بالدعم الذى تتلقاه فلسطين من مصر منذ أكثر من ٧٥ عامًا، وهو ما أثبته العديد من المواقف العملية، آخرها مبادرة إعادة إعمار قطاع غزة.
وقال أبوجيش، فى حواره مع صحيفة الدستور، إن المبادرة التى أطلقها الرئيس السيسى لإعادة إعمار غزة، وخصص لها مبلغ ٥٠٠ مليون دولار، ستعمل على خلق فرص عمل كثيرة للفلسطينيين، إلى جانب إعادة بناء ما دمره الاحتلال فى الهجمة الأخيرة على القطاع المحاصر.
وكشف وزير العمل عن مناقشته مع نظيره المصرى محمد سعفان الاستفادة من خبرات مصر فى مجالات التعليم والتدريب المهنى والتقنى، مشيرًا إلى الاتفاق على تدريب الشباب الفلسطينى على بعض المهن التى تعمل بها مصر.
نص المقابلة :
ما تقييمك لمؤتمر العمل العربى هذا العام، خاصة ما يتعلق بدوره فى دعم القضية الفلسطينية؟
– أرى أن مؤتمر العمل العربى هذا العام نجح وبامتياز، وأود أن أشكر مصر على حسن الاستضافة، والرئيس عبدالفتاح السيسى على رعايته المؤتمر، وكذلك منظمة العمل العربى، التى تدين بشكل دائم الاعتداءات على الشعب الفلسطينى، وتدعم إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كما أننى أشكر وزير القوى العاملة المصرى، محمد سعفان، على رئاسته هذا المؤتمر، ودعمه الدائم للقضية الفلسطينية فى كل المحافل بمجال العمل.
ومؤتمر هذا العام اهتم بمختلف القضايا السياسية التى تهم الدول العربية كافة، على رأسها القضية الفلسطينية، وشهد إقرار عقد اجتماع المانحين لدعم الاستراتيجية الوطنية للتشغيل فى فلسطين، بالتعاون بين منظمتى العمل الدولية والعربية، يوم ٢٢ مارس ٢٠٢٢، فى جنيف، على هامش اجتماع مجلس إدارة منظمة العمل الدولية.
ووضعت آليات هذا الاجتماع بالفعل، الذى يهدف لدعم التشغيل فى فلسطين، من الدول المقتدرة والمانحة كافة، سواء بتقديم دعم لوجسيتى وفنى، أو دعم مالى، ولدينا أمل كبير فى أن يوفر فرص عمل تسهم فى خفض نسب البطالة إلى ١٠٪، إلى جانب خفض نسب الفقر أيضًا.
■ كيف ترى المبادرة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة واستفادة القوى العاملة فى فلسطين منها؟
– نشكر دور مصر شعبًا وقيادة، وهى دائمًا لم تتأخر عن دعمنا منذ أكثر من ٧٥ عاما، وصولًا إلى مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإعمار غزة، التى وضع لها مبلغ ٥٠٠ مليون دولار، ويتم تنفيذها عن طريق الشركات المصرية، وستعمل على خلق فرص عمل كثيرة للفلسطينيين، والأهم أنها ستعيد بناء ما دمره الاحتلال فى الهجمة الأخيرة على قطاع غزة.
ومصر دائمًا سباقة فى تقديم كل أشكال الدعم لنا، وفور أن حدث القصف الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة، كانت حاضرة وبقوة لإنقاذ القطاع ودعم الشعب الفلسطينى، بداية من فتح معبر رفح لاستقبال المصابين من غزة، إلى جانب تخصيصها ١٤ مليون جنيه كمساعدات طبية لدعم فلسطين، وفتح المستشفيات المصرية فى سيناء أبوابها لاستقبال المصابين نتيجة القصف الإسرائيلى، وتسخير إمكانات هيئة الإسعاف المصرية لنقل المصابين من معبر رفح للمستشفيات، فضلًا عن طلب ١٢٠٠ طبيب التطوع لعلاج المصابين، كما أن الرئيس عبدالفتاح السيسى بذل جهودًا دولية كبيرة لوقف إطلاق النار فى غزة.
■ أى من الخبرات التى يمكن لفلسطين أن تستفيد بها من مصر فى مجال العمل؟
– مصر لديها خبرات كبيرة فى مجال العمل، وعقدت اجتماعًا مع وزير القوى العاملة المصرى، محمد سعفان، بحثنا فيه كيفية الاستفادة من خبرات مصر فى مجالات التعليم والتدريب المهنى والتقنى، واتفقنا على تدريب الشباب الفلسطينى على بعض المهن التى تعمل فيها مصر، وسيتم التنسيق بين البلدين بشأن هذا فى الفترة المقبلة.
ونعمل على الاستفادة من مصر فى مجال التشغيل ودعم المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، بعد أن أصبحت أمل الشعوب العربية نحو التنمية المستدامة، وأشيد باقتراح وزير القوى العاملة محمد سعفان، خلال كلمته بالمؤتمر، بتنفيذ مشروع عربى تنموى متكامل يستهدف خلق فرص عمل للأسر الفلسطينية، ودعم الاقتصاد الوطنى الفلسطينى، من خلال تنمية مهارات وقدرات الشباب الفلسطينى، وتمكينهم من ممارسة مهن حرة، وتأهيلهم لسوق العمل، أو إقامة مشروعاتهم الخاصة.
وأشيد بمطالبته بأن تتبنى منظمة العمل العربية هذا المشروع، وأن يحظى برعاية جامعة الدول العربية، وتشارك فى تنفيذه وتمويله وزارات العمل فى الدول العربية، وكذلك اتحادات العُمال وأصحاب الأعمال، كل قدر استطاعته.
كما يمكن لفلسطين الاستفادة من إنشاء مصر مناطق لوجستية على حدودها، ونرى أن أى تطوير على الحدود مع مصر سيعود بالنفع على الشعب الفلسطينى.
■ ما أهم تحديات بمجال العمل داخل فلسطين فى ظل الاحتلال؟
– لدينا تحديات كبيرة، فالاقتصاد الفلسطينى «هش» لا يستطيع خلق فرص عمل، ولدينا نسب بطالة عالية، نتيجة توجه الاحتلال الإسرائيلى لإعاقة الاستثمار فى الأراضى الفلسطينية، خاصة فى مجالى الصناعة والزراعة، حتى فاقت نسب البطالة للخريجين فى بعض التخصصات ٥٠٪.
وهناك تدنٍ كبير للغاية فى نسب التعليم المهنى، وهذا ما سعت إليه إسرائيل، بهدف إجبار الفلسطينيين على العمل داخل منشآتها، وأن يكون الاقتصاد الفلسطينى تابعًا للاقتصاد الإسرائيلى، حتى وصلت نسب المشاركة فى القوى العاملة بفلسطين لنحو ٤٦٪.
وأؤكد أن الظروف الفلسطينية الراهنة أكثر صعوبة، نظرًا لما يقوم به الاحتلال الإسرائيلى التدميرى والعنصرى، والعدوان المستمر على القدس الشريف وقطاع غزة ومنطقة «الشيخ جراح» وكل الأماكن فى الوطن الفلسطينى الجريح.
ودولة الاحتلال لا تريد لعملية السلام أن تسير، ولا أن تُؤسس دولة فلسطين وتنعم بالاستقرار والأمان، وما يقوم به العدوان من فرض سياسات ظالمة ومصادرة الأراضى الفلسطينية وضرب الاقتصاد، يؤكد أن الشعب ما زال يترنح تحت وطأة الاحتلال العنصرى، وأن هذا العدو لا يمكن أن يتحول إلى حمامة سلام، كما يزعم.
■ إجمالًا .. كم تبلغ نسب البطالة فى فلسطين حاليًا؟
– تبلغ نسبة البطالة فى فلسطين حاليًا ٢٦.٨٪، وتصل فى قطاع غزة فقط إلى حوالى ٤٦٪، والضفة الغربية ١٦٪، وعلى الرغم من تعدى مخرجات التعليم من الشباب الـ٤٥ ألف شاب سنويًا، يتم توفير فرص عمل لنحو ١٤ ألفًا منهم فقط.
والاقتصاد الفلسطينى صامد، ولا يكاد يخرج من أزمة ويتعافى منها حتى يدخل فى أخرى، وسوق العمل تعانى من أجل البقاء أمام ممارسات الاحتلال الإسرائيلى، كما أن القطاع الخاص الذى يمثل لدينا ٦٥٪، يعانى مشكلات جمة فى الاستثمار، بما يترتب على ذلك من تهديدات اقتصادية ومعيشية كبيرة.
■ وماذا عن جائحة فيروس «كورونا» وتأثيرها على عمال فلسطين؟
– أدت جائحة «كورونا» لارتفاع نسب البطالة وفقدان الكثير من العمال وظائفهم، خاصة فى قطاع السياحة، الذى كان قطاعًا نشطًا جدًا ويوفر عشرات الآلاف من فرص العمل، لكنه تدمر كثيرًا فى الوقت الحالى.
وأثرت جائحة «كورونا» على قطاعات النقل والخدمات، هذا إلى جانب خفض الأجور، وغلق الكثير من المنشآت فى المدن والمحافظات والقرى فى بداية الجائحة، ما أثر على فرص التشغيل، كما أنه نتيجة عدم وجود ضمان اجتماعى فى فلسطين، زادت نسب الفقر لنحو ٢٧.٥٪، بعد أن كانت ٢٣٪ قبل الجائحة، ونحن ما زلنا تحت وطأة هذه الجائحة، وما زلنا غير قادرين على حصر نتائجها التى تمثل عائقًا أمام التنمية.
■ ما الذى قدمته الحكومة الفلسطينية للعمالة المتضررة من «كورونا»؟
– قدمنا دعمًا ماديًا لأكثر من ١٣٠ ألف عامل، من خلال المانحين وصناديق الدعم التى تم إنشاؤها خلال الجائحة، كما قدمنا بعض المساعدات لقطاعات معينة مثل السياحة لإنعاشها، ونفذنا برنامج استدامة قائم على تقديم القروض الطويلة والميسرة والصفرية لكل القطاعات التى تضررت خلال الجائحة، من أجل إعادة نشاطها الاقتصادى، ومساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التى تصل لنحو ٩٠٪ من إجمالى المنشآت داخل الدولة، بنحو ١٤٢ ألف منشأة.
والحكومة الفلسطينية عملت على تجاوز آثار جائحة «كورونا»، واستمرار الصمود رغم الاقتصاد الضعيف الهش، والتى انعكست على مجتمع العمل وفى زيادة معدلات البطالة خاصة بين الشباب، وذلك من خلال المشاركة المجتمعية والحوار الاجتماعى بين أطراف العمل الثلاثة، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، ومراجعة قوانين العمل والضمان الاجتماعى وتحديث بنودها.
■ البعض يدين منظمة العمل الدولية لعدم اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الاعتداءات الإسرائيلية، والاكتفاء بالإدانة فقط، ما رأيك فى ذلك؟
– نحن دائمًا كدولة فلسطين وجميع الدول العربية نطالب منظمة العمل الدولية باتخاذ إجراءات حاسمة ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق عمالنا، وهى بالفعل تصدر تقرير إدانة من خلال مؤتمرها كل عام، يدين الانتهاكات الإسرائيلية بحق عمالنا، سواء المتعلقة بسلب حقوقهم وحرمانهم من أجورهم، وعدم وجود فرص عمل لائقة لهم، أو إذلالهم عبر المعابر، وفقد العشرات منهم حياتهم وإصابة المئات.
لكن هذا التقرير يتم وضعه داخل الأدراج سنويًا، دون تفعيل بنوده وقراراته على أرض الواقع، لذا أعتبر أن المنظمة مقصرة كثيرًا فى حق عمال فلسطين، وعليها أن تضع إسرائيل ضمن «القائمة السوداء» للدول المخالفة لمعايير العمل الدولية، واتخاذ إجراءات حاسمة ضدها.
■ أخيرًا.. ما تعليقك على هروب ٦ أسرى فلسطينيين من معتقل «جلبوع» الإسرائيلى؟
– نحن مع حرية الأسرى الفلسطينيين، وهم يعانون أوضاعًا صعبة وتعذيبًا داخل المعتقلات الإسرائيلية، وأتمنى للأسرى الـ٦ الهاربين من معتقل «جلبوع» الأمان، وأحييهم على تخلصهم من القمع الإسرائيلى، وهم أبطال اخترقوا كل الحواجز الإسرائيلية، خاصة فى هذا السجن، الذى يوصف بالأكثر شدة فى التعامل، والأكثر أمانًا لديهم.
متى نرى وحدة عمالية داخل فلسطين مقابل التعدد الحالى فى الاتحادات العمالية لديكم؟
– النقابات العمالية العديدة فى فلسطين أُنشئت ضمن الحركة النضالية فى فلسطين، وحاولنا كثيرًا توحيدها، لكنها تتبع جهات سياسية مختلفة، ونأمل أن يتم التنسيق بين تلك الاتحادات لوضع «كونفيدرالية» لها، بحيث تكون لديهم شخصية نقابية وليكن هدفهم واحد هو خدمة القضايا النقابية العمالية، والقضية السياسية فى فلسطين.