وكأنّ العالم سئم من موت الغزيين

فلسطين 30.07.2024 موقع درج الأوضاع لا تطاق، والكلمات ذاتها نكررها منذ تسعة أشهر، إذاعة الجيش الإسرائيلي أعلنت أن الهجوم على خانيونس هو الأعنف منذ انتهاء العملية العسكرية بالمدينة التي استمرت أربعة أشهر، عملية غيرت ملامح المدينة بشكل غير مسبوق، ومع ذلك عاد الناس إليها وأقاموا في ما تبقى لهم من منازل. في مجزرة دير البلح التي وقعت السبت نتيجة قصف الطيران الحربي الإسرائيلي على مدرسة خديجة، قتلت إسرائيل 31 فلسطينياً، بينهم 15 طفلاً و8 نساء. وهذا منوالها منذ بداية الحرب، فحتى الآن قتلت إسرائيل أكثر من 16 ألف طفل في قطاع غزة. في مطلع شهر تموز/ يوليو، أمر الجيش الإسرائيلي الناس في شرق خان يونس بمغادرة منازلهم، وفي العشرين منه أصدر أوامر إخلاء جديدة أطلق عليها اسم “إخلاء مؤقت”، مصطلح جديد تضليلي يستخدمه الجيش الإسرائيلي لترحيل الناس وإجبارهم على النزوح من شرق مدينة خانيونس.  تحت القصف الجوي والمدفعي، لم تتوقف موجات النزوح، والمعاناة مستمرة. ويوم السبت الماضي، أُصدرت أوامر إخلاء جديدة من المنطقة الممتدة من جنوب خان يونس إلى وسط المدينة، علماً أن معظم المقيمين في هذه المنطقة هم من النازحين من رفح. نور الدين وحنان وعائلتهم من خان يونس جيراني في مكان نزوحي، أجبروا على النزوح إلى دير البلح، الى بيت جدهما مرة أخرى بعد 10 أيام من عودتهم الى بقايا بيتهم. عمّهما أبو صالح قال لي إن سبب إجبارهم على الإخلاء الجديد من خانيونس هو أن البعض عاد الى السكن واستطاع الناس استعادة جزء من أشكال الحياة بين الردم والبيوت المدمرة جزئياً، بخاصة أن بلدية بني سهيلا أضاءت بعض الشوارع في الليل. هذه حال الناس في قطاع غزة، نزوح مستمر وأهوال لم يعد يحتملها أحد، في ظل تقليص مساحة المنطقة المسماة إنسانية الى 40 كيلومتراً في منطقة مواصي خان يونس. الأسبوع الماضي، لم أعرف ماذا أقول لأمينة ابنة أخي النازحة مع والدها ووالدتها من رفح إلى  شمال  خان يونس،  إذ أجبروا على النزوح بعد أوامر فورية أصدرها الجيش الإسرائيلي. تلعثمت عندما اتصلت بوالدها لأسأله أين سيذهبون، لم أستطع القول لها أن تأتي الى المكان الذي نزحت إليه في دير البلح. بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر جديدة للتهجير القسري من خان يونس، التي نزح إخوتي إليها من رفح، لم أستطيع تقديم أي مساعدة لهم في تهجيرهم الجديد، اتصلت بابنة أخي أمينة التي رفضت الخروج من البيت الذي نزحوا إليه ولا مكان يقيمون فيه، فأخبرتني أنهم وبعد فترة قصيرة  استطاعوا الانتقال الى بيت أحد الاصدقاء غرب خان يونس.  نزح أشقائي الثلاثة من رفح إلى خان يونس، كل واحد منهم الى مكان مختلف، وهذه المرة الثالثة الذي نزحوا فيها من وسط خان يونس، والآن هم مقيمون في مواصي خان يونس، موقع المذبحة الإسرائيلية التي قتل فيها نحو 100 فلسطيني. لا يوجد رسمياً أي ملجأ في غزة، وكل واحد منهم في مكان مع عائلته. أهداف حرب الإبادة هذا الشعور صعب وثقيل على الروح ويظل ملازماً للإنسان، الذي يبدو عاجزاً فيما يستمر الجيش الإسرائيلي بحرب الإبادة في شرق خان يونس، التي أُعلنت سابقاً “منطقة إنسانية آمنة”، بعدما أجبر الناس على الإخلاء(كما لو أن هذه الكلمة تعني شيئاً) إلى المواصي، المكان الذي ارتكبت فيه إسرائيل مجزرة شنيعة، عملياً لا يوجد أي مكان أو ملجأ في قطاع غزة. من أهداف حرب إسرائيل على غزة، إجبار الناس على النزوح المستمر، وخلق حالة من عدم الاستقرار النفسي والمعيشي والخوف، ودفعهم نحو الغرق في التفاصيل اليومية، والبحث الدائم عن مكان للاحتماء فيه، في ظل عدم توافر أماكن للإقامة وظروف غير إنسانية، والقول إن هذا مصيركم لفترة زمنية مقبلة.  من أهداف الهجوم على خانيونس حسب الجيش الإسرائيليّ، زيادة الضغط العسكري على حماس، تزامناً مع استئناف المفاوضات، خصوصاً أن هذه أكبر عملية للقوات البرية الإسرائيلية خلال المرحلة الثالثة، ومن المتوقع توسيعها من خلال الدفع بالمزيد من القوات، كما يتوقع أن تستمر أسابيع عدة، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية. لا كلمات جديدة لوصف المقتلة الأوضاع لا تطاق، والكلمات ذاتها نكررها منذ تسعة أشهر، إذاعة الجيش الإسرائيلي أعلنت أن الهجوم على خانيونس هو الأعنف منذ انتهاء العملية العسكرية بالمدينة التي استمرت أربعة أشهر، عملية غيرت ملامح المدينة بشكل غير مسبوق، ومع ذلك عاد الناس إليها وأقاموا في ما تبقى لهم من منازل. تتعرض غزة للإبادة بالرصاص والصواريخ، مع تعمّد الجيش الإسرائيليّ ترك الوضع على حاله، أي التجويع ومنع دخول أدوات النظافة الشخصية والمساعدات الطبيّة بهدف أن تنتشر الأوبئة، هذا كله والمجتمع الدولي والعربي والإسلامي ما زال يخوض حرب الإنكار الممتدة من دون أي تحفظ. كأن كثيرين تعودوا على موت أهل غزة، إلى حد الاستسلام والتواطؤ مع الدعاية الإسرائيلية بأنه لا يوجد جوع في غزة.