أعرب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، الثلاثاء، عن قلقه “البالغ” إزاء “كابوس محتمل” من تنفيذ إسرائيل عمليات عسكرية برية في رفح جنوب قطاع غزة.
جاء ذلك في إحاطة قدمها وينسلاند أمام مجلس الأمن الدولي خلال جلسة لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، استعرض خلالها التقرير الفصلي الـ 29 للأمين العام للأمم المتحدة للفترة بين 8 ديسمبر/ كانون الأول و18 مارس/ آذار بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016.
والقرار 2334، صدر في ديسمبر/ كانون الأول 2016، ويؤكد أن إنشاء إسرائيل المستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية.
وقال وينسلاند إن ذلك القرار يدعو إلى “اتخاذ خطوات فورية لمنع جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب وجميع أعمال الاستفزاز والتدمير”.
وأوضح أن “من المؤسف أن الصراع المدمر في غزة مستمر، إلى جانب العنف اليومي في الضفة الغربية المحتلة”.
وشدد المسؤول الأممي على أنه “ينبغي معالجة الظروف التي تهدد الحياة والتي يواجهها أكثر من 1.7 مليون نازح داخليا في مساحة تتضاءل باستمرار في غزة”.
وأضاف: “أشعر بقلق بالغ إزاء الكابوس المحتمل المتمثل في تشريد أكثر من مليون شخص مرة أخرى إذا نفذت إسرائيل عمليتها البرية المخطط لها في رفح”.
ودعا وينسلاند إسرائيل إلى “الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك السماح وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق إلى جميع أنحاء غزة”.
وأكد على أهمية أن تكون الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني قادرين على تقديم المساعدة “بأمان” في القطاع.
ورحب وينسلاند بفتح ممر بحري لتقديم مساعدة إنسانية إضافية ضرورية إلى غزة، مؤكدا أنه “لا يوجد بديل حقيقي لتوصيل المساعدات عن طريق البر”.
وشدد على ضرورة معالجة الوضع الإنساني “الكارثي” في غزة “على وجه السرعة”.
وفي 12 مارس/ آذار الجاري، أعلنت مؤسسة “المطبخ المركزي العالمي” الخيرية الدولية، انطلاق أول سفينة إغاثية لغزة من ميناء لارنكا في قبرص الرومية، في محاولة لفتح ممر بحري لإيصال المساعدات إلى القطاع الذي يرزح تحت الحرب والحصار المشدد للشهر السادس.
وتطرق وينسلاند إلى الادعاءات الإسرائيلية بتورط موظفين بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. (الأونروا) في الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، مؤكدا استمرار التحقيق في تلك الادعاءات بشكل “شامل ومستقل”.
وقال المسؤول الأممي إن الأونروا تظل “العمود الفقري للاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في غزة، وأن الوكالة لا غنى عنها ولا يمكن استبدالها، وتعد شريان حياة للملايين من لاجئي فلسطين، وضرورية للاستقرار الإقليمي”.
ورحب وينسلاند باستئناف التمويل من قبل بعض المانحين، داعيا الآخرين إلى استئناف تمويلهم للوكالة “لضمان استمرارية عمليات الأونروا”.
ومنذ 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، علقت 18 دولة والاتحاد الأوروبي تمويلها للأونروا على خلفية مزاعم إسرائيلية بأن مشاركة عدد من موظفيها في هجوم 7 أكتوبر، فيما أعلنت الوكالة أنها تحقق في تلك المزاعم.
لكن بعض تلك الدول راجعت في مارس/آذار الجاري قراراتها إزاء الأونروا، حيث قالت المفوضية الأوروبية إنها ستفرج عن 50 مليون يورو من تمويل الوكالة، فيما أعلنت السويد استئناف التمويل بنحو 20 مليون دولار.
وبخصوص المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، أعرب وينسلاند عن قلقه “البالغ” إزاء التوسع المستمر للمستوطنات، موضحا أن “الرقعة الاستيطانية الآخذة في التوسع، تزيد من ترسيخ الاحتلال، وتعيق بشدة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير”.
وجدد التأكيد على أن “جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ليس لها أي شرعية قانونية وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي”.
وقال وينسلاند: “انطلاقا من روح شهر رمضان المبارك، أكرر التأكيد على الحاجة الماسة للحفاظ على الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس”.
ودعا جميع الأطراف إلى “الامتناع عن الخطوات الأحادية التي من شأنها تصعيد التوترات خلال هذا الوقت الحساس”.
وحسب تقديرات، يقيم أكثر من 720 ألف إسرائيلي في مستوطنات غير قانونية بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
ويُجمع المجتمع الدولي على أن المستوطنات “غير قانونية” وتشكل عقبة أمام تطبيق “حل الدولتين” القاضي بإقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة إسرائيل.
وخلّفت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول إسرائيل للمرة الأولى، أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية”.