قالت صحيفة عبرية، إن أجهزة الأمن الإسرائيلية طالبت بإعادة تقييم الأوضاع، واحتساب المسار من جديد، بشأن الأحداث التي وقعت مؤخرا، خاصة في المسجد الأقصى المبارك.
وأوضحت “يديعوت أحرونوت” في مقال كتبه الخبير يوسي يهوشع، أن “أحداث الفترة الأخيرة، التي بدأت بموجة عمليات واستمرت بالمواجهات في المسجد الأقصى واستئناف نار الصواريخ من غزة؛ كل هذا يوفر شهادة على انهيار المفهوم الأمني الإسرائيلي الذي تبلور في السنة الأخيرة”.
خيبة إسرائيلية
وأضافت: “حيال غزة، اتخذت الحكومة الحالية سياسة ببساطة تقول: نعطي تسهيلات اقتصادية في القطاع، نسمح بدخول العمال، وحماس من جهتها تحافظ على الهدوء، وهكذا عمليا تحققت فترة الهدوء الأطول منذ فك الارتباط عن غزة (انسحاب الاحتلال)، لكن الثمن الذي تدفعه إسرائيل ليس اقتصاديا فقط، حيث يدور الحديث عن موافقة صامتة على أن يكون بوسع حماس التعاظم تحت رعاية هذا الهدوء”.
وذكرت الصحيفة، أن “السياسية الهجومية لحكومة نفتالي بينيت؛ على كل بالون سيرد بصاروخ، انهارت، والمشكلة هي أن القيادتين الأمنية والسياسية عرفتا أن هذه السياسة منتهية المفعول، ورغم ذلك، لا تزال غير مستوعبة هذا حقا، ولم تنفذ التعديلات اللازمة”.
ونوهت إلى أنه “في نظرة الساحة الأمنية، خيبت حماس أمل تل أبيب مرتين؛ عندما شحنت أحداث الأقصى بهدف إحداث اشتعال إقليمي، كما أنها هي من سمحت بنار الصواريخ، وفي الحالتين لم تدفع ثمنا، وإسرائيل من جهتها، وعبر تنازلات واسعة، تحاول إعادتها لمسار التسوية بالقوة، وكأن دروس حملتي الجرف الصامد وحارس الأسوار لم تستوعب”.
وأفادت “يديعوت” بأنه “تقرر تغيير الاستراتيجية تجاه نار الصواريخ الأخيرة، ومعاقبة السكان، وعدم السماح بدخول عمال غزة، ويفترض بهذا أن يخلق ضغطا على قيادة حماس، ولكن مشكوك أن ينجح”، مضيفة: “إذا كنتم تؤمنون بأن الاقتصاد سيجلب الهدوء، فيجب التفريق بين المواجهات والسكان، والسؤال: لماذا تمسون بالسكان وليس بالذراع العسكري لحماس؟ كيف تغيرت الاستراتيجية في لحظة بمقدار 180 درجة؟”.
وأكدت أن “هجمات سلاح الجو الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، كانت ذات مغزى، ومست بوسائل قتالية هامة لحماس، التي لا تريد أن تدخل في جولة قتالية أخرى، كما أن مهمة الجيش الآن هي عدم الوصول لنقطة يزيد فيها الرد القوي الضغط ويجر لحرب”.
صدمة العدوان
ولفتت إلى أن “أجهزة الأمن المختلفة انشغلت في الأشهر الأخيرة في موضوع واحد، وهو المسجد الأقصى، والجيش استعد لشهر رمضان، كدرس من السنة الماضية، عقب صدمة العدوان الأخير على غزة، حيث لم يتوقع أحد في هيئة الأركان إطلاق الصواريخ على المستوطنات بالقدس، وفي هذه المرة، قالوا في الجيش والشرطة، سنحافظ بكل ثمن على الهدوء ونفرق بين الساحات، ولكن ادعاء المسؤولين في جهاز الأمن وفي القيادة السياسية ممن يقولون إنهم نجحوا في الحفاظ على هذا التفريق، لا يصمد أمام الاختبار؛ فحماس أشعلت القدس والضفة الغربية، وسمحت بالنار من غزة في نفس الوقت”.
وإضافة لما سبق، “ركز جهاز الأمن بشكل كبير على ما يجري في القدس؛ ما سمح بدخول خلايا إلى إسرائيل، وفي الوقت الذي كان فيه مشغولا بأحداث الأقصى (حماية اقتحام المتطرفين وقمع المصلين)، كان يخيل لسكان غلاف غزة أن أحدا ما في “الكريا” (مقر جيش الاحتلال) لم ينتبه بأنهم مرة أخرى مطالبون بأن يدخلوا إلى الغرف المحصنة”.
ونبهت “يديعوت” إلى ضرورة أن “تفعل إسرائيل كل شيء كي تحافظ على الهدوء، فهناك تحديات اجتماعية، اقتصادية وأمنية، أكبر من تلك التي ينتجها قطاع غزة، ولا يمكن مواصلة غض النظر أمام مفهوم التسوية مع القطاع، ذاك المفهوم الذي انهار قبل نحو سنة خلال العدوان على غزة العام الماضي، وعلى جهاز الأمن أن يوسع نظرته؛ ليس فقط في المسجد الأقصى، بل عليه أن يعيد احتساب المسار من جديد ويبدأ من القاعدة، وتحديد المهمة: “والهدف؛ حماية مستوطنات الجنوب”.